لبنان إلى من لا يهمهم الأمر
أخر الأخبار

لبنان... إلى من لا يهمهم الأمر

المغرب اليوم -

لبنان إلى من لا يهمهم الأمر

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

يحتاج الحاكم أو صاحب السلطة مهما وصلت قوته أو بلغ نفوذه إلى استخدام حاسة السمع؛ فالحساسية من الاستماع إلى صوت الناس ستتسبب عاجلاً أم آجلاً بنفور الرعيّة مهما كانت متراصة عقائدياً أو متمترسة حزبياً، فعندما لا يسمع صاحب المقام أو الدولة صوت رعيّته أو مؤيديه أو حتى خصومه، ولا تسمح شرطته للمنتقدين أو السائلين من رعيّته برفع أصواتهم، فإن ذلك لا يدل إلا على مشهد تماسك ظاهره مُنمق وباطنه مزور.
     

على الرغم من امتلاك «الثنائي الشيعي»، (حركة أمل وحزب الله)، ما يكفي من أدوات لاحتواء المعترضين داخل بيئته، فإن الواقع الذي يحاول التظاهر بإنكاره لم يعد قادراً على تجاهله، حيث بات دوام الحال من المُحال، فموقعه في السلطة والدولة لا يسمح له التعامل بغرور وتكبر والتعتيم على واقع مناطق نفوذه المؤلم، أو إدارة الأذن الطرشاء حتى لأصدقائه الناصحين، في محاولة واضحة لإلغاء أصوات الاعتراض لدى جمهوره ومنع تمددها، وفرض الاعتذار العلني على كل من تجرأ ووجّه انتقادات لقياداته أو لسوء إدارته. فهذا المشهد المزور الذي يتم فرضه قد ينجح في إظهار تماسك بيئته وانتزاع دعمها المطلق له ولسياساته داخل طائفته أو على المستوى الوطني، ولكن قد لا يستطيع نتيجة لصعوبة الأزمة الحياتية التي يعيشها اللبنانيون كافة، وحالة الإنكار التي تمارسها السلطة الحاكمة التي يقودها من إخضاع الناس؛ وهذا ما سيجعله حتى في مواجهة جزء من بيئته الداخلية التي أعطته سابقاً الكثير ولكن يقابلها الآن بانتزاع حتى حقها بالانتقاد ويفرض عليها التستر على ما يرتكبه بحق نفسه وطائفته ووطنه.

إذا كان الأمر فعلياً لا يهمه فهل صارحه أحد - أي الثنائي - بأن الأزمة الاقتصادية وسوء الإدارة كشفت عن محدودية قدراته ومؤهلاته، وأنه من المستحيل قيامه مقام الدولة، وأن مخططاته وبرامجه فشلت في تلبية حاجات جمهوره العام، فعلى الرغم من كل الشعارات الرنانة والوعود التي أطلقها قادته، فإن حالة الاعتراض تتوسع ولو ببطء وتتزايد معها حالة الترهيب، فبعد اتهام بعض الأصوات المستقلة بالعمالة، يمارس الآن نوعاً من الإذلال لأي صوت معترض يخرج من صفوفه، حيث تُنشر فيديوهات تجبر من تجرأ ونشر موقفاً أو اعترض على تصرف مسؤول الاعتذار العلني من قيادة «الثنائي» وإعلان تأييده الكامل للنهج والدور في حماية العقيدة والوطن، في مشهد يذكّر الناس بالمجتمعات السوفياتية وأنظمة الشخص الواحد والحزب الواحد والكتاب الواحد والصحيفة الواحدة واللون الواحد، وكأن «الثنائي» لم يتعلم من التاريخ، وهنا يحضر قول الإمام علي (رضي الله عنه) «لا يتعلم من يتكبر».

ولأن الأمر لا يهمه أيضاً، ولكن السؤال الصعب والمُلح متى سيدرك «الثنائي» أنه في مجتمع متعدد الانتماءات المعرفية والفكرية مثل لبنان يصعب فرض طبيعة واحدة؛ لذلك مهما فرض من مشيئة حزبية على المؤسسات الدينية كافة فإنه من المستحيل إلغاء تنوعها، فالأجدر أن تتم معالجة البيان الذي صدر عن المجلس الإسلامي الشيعي الذي لم يعد يشبه مؤسسيه (الإمامان الصدر وشمس الدين)، فما صدر بحق مجموعة من رجال الدين المعترضين على أداء «الثنائي» السياسي والعقائدي ليس إلا دليلاً على تخبط داخل المؤسسة الدينية الشيعية التي قوّض دورها وألغيت استقلاليتها، فالحقيقة في ما قاله رجل الدين الشاب سامر غنوي رداً على قرارات هيئة التبليغ الديني بحقه أن «هذا البيان دليل جديد على براءتي من الفساد»، أما رد الشيخ ياسر عودة فكان لديه كامل الشجاعة ليقول: «نعم أنا منحرف عن العقيدة الشيعية المغالية، أنا منحرف عن السياسيين وسلوكهم، وإذا كانوا يريدون عمامتي، فليأخذوها».

وعليه، على الرغم من أنه لا يمكن التشكيك بحجم تمثيل «الثنائي» لطائفته، لكن يمكن القول إن خوف الطائفة من «الثنائي» المتحكم بها، بات يوازي حجم خوفها عليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان إلى من لا يهمهم الأمر لبنان إلى من لا يهمهم الأمر



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد

GMT 23:34 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أهم مميزات ومواصفات سيارة "BMW X7" الجديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib