النظام الإيراني بين التصدعات والانشقاقات

النظام الإيراني بين التصدعات والانشقاقات

المغرب اليوم -

النظام الإيراني بين التصدعات والانشقاقات

مصطفى فحص
بقلم : مصطفى فحص

ليس مبالغة القول إن هناك حالة من التصدعات والانشقاقات داخل هيكليات النظام الإيراني، يحاول قادته بشتى السبل منعها من الخروج إلى العلن، وقد يكون قرار إعدام علي رضا أكبري معاون وزير الدفاع السابق المعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات بتهمة التجسس المشكوك فيها، أحد الأساليب التي سيتبعها النظام من أجل ردع نخبه السياسية ومنعها حتى من التفكير في الانفصال عنه أو الانشقاق والتراجع عن دعم الاحتجاجات.
تمثل حركة الاحتجاجات ذروة قلق النظام على استمراره، وبعد قرابة أربعة أشهر على انطلاقها وتحولها إلى قوة فعلية تؤرق استقراره، لم يعد قادراً على احتوائها، وهو يدفع ثمن عدم تلبية مطالبها الموضوعية في بدايتها، أي بعد مقتل مهسا أميني مباشرة. انتقل النظام إلى استخدام أسلوب ترهيب وتحذير نخبه من مخاطر سقوط النظام على الجميع، إصلاحياً كان أو معتدلاً أو محافظاً أصولياً، وهذا ما أشار إليه مبكراً في بداية الأزمة محافظ مازندران محمود حسيني بور، الذي حذر المسؤولين الإصلاحيين والأصوليين من أنه إذا حدث شيء لإيران في المستقبل فلن يتمكن أي منهم من الإفلات من العقاب، «وقبل كل شيء» سيتم إعدامهم.
لكنّ التحذير تحول إلى وعيد بالمحاسبة على لسان عدد من شخصيات النظام المتشددة وبعض قادة «الحرس»، حيث هدد أحد قادته مسؤولين كباراً في الدولة بأن الأزمة الحالية «قد كشفت مَن وقف معنا ومَن وقف ضدنا، وأنهم سيحاسبون على مواقفهم»، والأوضح أنها كانت رسائل متشددة لكل من أظهر تعاطفه مع المحتجين وأعلن تأييده لمطالبهم أو من طالب السلطات العليا، أي المرشد، بالاستماع إلى مطالب الناس واتخاذ قرارات جريئة ووقف الاستخدام المفرط للعنف الذي تمارسه أجهزة النظام العقائدية، وهذا يعني مباشرةً أسماء كبيرة وصلت إلى أعلى سلم المناصب في الدولة، مثل الرئيسين خاتمي وروحاني، إضافةً إلى عائلة الشيخ رفسنجاني وزعيم المعارضة مير حسين موسوي ونخب ثقافية وإعلامية ورياضية وسياسيين سابقين باتوا يؤيدون علانية حركة الاحتجاجات.
تزايد التصدعات والقلق من انشقاقات تحت وطأة الاحتجاجات المتزايدة والانتقادات المتصاعدة من داخل المؤسسات، دفع قادة النظام إلى الذهاب إلى إجراءات أكثر حزماً. وفي هذا السياق يُوضع مشروع قانون حظر سفر المسؤولين السابقين إلى الخارج الذي قدمه النائب رشيدي كوتشي إلى البرلمان تحت ذريعة حماية ممتلكات ووثائق الشعب والدولة، كأحد أساليب وقف التصدعات والانشقاقات.
أما في المقلب الآخر من هيكل النظام، أي معسكر المتشددين الثوريين الذين أعادوا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفي التعيينات القضائية إحياء الطبيعة الواحدة للنظام، فإن الانشقاق ومحاولة التمايز يبدو أن عقوبتها الإعدام أو إنهاء المستقبل السياسي لكل من يفكر أن يتصرف بعيداً عن إرادة هذا المعسكر.
لذلك فإن قرار إعدام أكبري، القريب من سكرتير مجلس الأمن القومي الوزير علي شمخاني والموقوف منذ 3 سنوات بتهمة التجسس لصالح المخابرات البريطانية، وكان أيضاً ضمن فريق المفاوضات النووية في مرحلة علي لاريجاني... لا يرتبط بتهم التجسس فقط، بل بالسلوك السياسي الحالي للشخصيات التي عمل إلى جانبها، فقرار إعدام أكبري في هذه المرحلة ليس إلا رسالة بالغة الشدة لشمخاني ولاريجاني ولرئيس البرلمان الحالي قاليباف بسبب دورهم في محاولة الاستعانة بزعماء الإصلاحيين والمعتدلين وبعائلتي الخميني ورفسنجاني والتواصل مع بعض القوى المجتمعية من أجل معالجة الأزمة الأخيرة في إيران، من خلال تقريب وجهات النظر ما بين النخب السياسية العليا من جهة ومن جهة ثانية العمل على ردم الهوة ما بين الشعب والنظام.
وعليه فإن قرار إعدام أكبري يكشف عن أن معركة تصفية حسابات قاسية داخل معسكر المتشددين من أجل حسم الصراع على المرحلة الانتقالية وعملية اختيار المرشد الجديد باتت تأخذ طابعاً دموياً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الإيراني بين التصدعات والانشقاقات النظام الإيراني بين التصدعات والانشقاقات



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 00:55 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

انهيار المباني على سكانها أحد الجوانب القاتمة لحرب غزة
المغرب اليوم - انهيار المباني على سكانها أحد الجوانب القاتمة لحرب غزة

GMT 01:09 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

النوم الهادئ لا يعتمد على الدماغ فقط بل يبدأ من صحة الأمعاء
المغرب اليوم - النوم الهادئ لا يعتمد على الدماغ فقط بل يبدأ من صحة الأمعاء

GMT 14:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
المغرب اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 03:53 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

التشكيلة الرسمية للوداد الرياضي أمام الحسنية

GMT 13:36 2025 الثلاثاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

مصطفي قمر يطرح خامس أغانى ألبومه بعنوان مش هاشوفك

GMT 19:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 20:34 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

15 نصيحة لتطويل الشعر بسرعة

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 02:44 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

فنانون ونقاد يرصدون أسباب اختفاء ظاهرة المخرج المؤلف

GMT 03:52 2016 الثلاثاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

فاطمة سعيدان تكشف أن "عنف" استمرار لتقديم المسرح السياسي

GMT 12:58 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

تشميع بيت قيادي داخل جماعة العدل والإحسان في مدينة وجدة

GMT 14:27 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

حريق هائل يلتهم 3 بواخر صينية في ميناء أغادير

GMT 20:16 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

الرياح القوية تقتلع الاشجار وتقطع الكهرباء شمال المغرب

GMT 08:34 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

إصدار قانون تقاعد المهنيين والعمال المستقلين في المغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib