بين الشماغ والكوفية

بين الشماغ والكوفية

المغرب اليوم -

بين الشماغ والكوفية

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

حسمت الرياض أمرها، وردّت بثوابتها الأخلاقية والإنسانية قبل العربية والإسلامية حول القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أمام مجلس الشورى في 18 أيلول (سبتمبر) العام الفائت، حيث أكد أن «المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل من دون ذلك».

هذه الثوابت كانت المنطلق الذي ردّت به الخارجية السعودية على المواقف الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول نقل سكان قطاع غزة إلى دول أخرى، إضافة إلى مواقف أخرى للإدارة الأميركية حول أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي تطيح حل الدولتين الذي يتمسك به المجتمعان الدولي والعربي شرطاً لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. حيث أكد بيان الخارجية السعودية أن «موقف بلادها من قيام الدولة الفلسطينية راسخ وثابت ولا يتزعزع، وليس محل تفاوض أو مزايدات».

الضغط السعودي المباشر والسريع، إضافة إلى الموقف العربي الموحد والدعم الأوروبي، دفع الرئيس ترمب إلى التراجع خطوة إلى الوراء بقوله إن طلب خروج أهالي غزة مؤقت. هذا التراجع يظهر لكل مؤيدي التطرف الإسرائيلي في أروقة البيت الأبيض، ولكل رافضي الحل السلمي في الدولة العبرية، أنه ليس بإمكانهم إعادة تشكيل الشرق الأوسط على حساب القضية الفلسطينية أولاً، أو التعامل مع هذه المنطقة وفقاً لتداعيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وهزيمة المحور الإيراني ثانياً. فهزائم الجماعات المسلحة أو الأذرع الإيرانية التي تسببت للفلسطينيين واللبنانيين بنكبة جديدة، لا تعني أن النظام السياسي العربي والإقليمي، المدعوم من المجتمعين العربي والإسلامي، سيقف متفرجاً على ما يخطط له المتشددون في تل أبيب وداعموهم في واشنطن، وأن الثوابت العربية والإسلامية التي وضعتها الرياض شرطاً أساسياً لأي عملية سلام لا يمكن تجاوزها.

تهجير الفلسطينيين الطوعي أو المؤقت والتخطيط لقضم مزيد من أراضي الضفة يعني انفجار المنطقة مجدداً، حيث هناك من يدفع إلى معالجة القضية المحقة على حساب أهل الأرض الأصليين، وليس على الطرف المتعنت الرافض كل الحلول السلمية وكل قرارات الشرعية الدولية. وهذا يعني دورة عنف طويلة ستكون لها حواضن كثيرة نتيجة الظلم الذي سيتعرض له الشعب الفلسطيني، ولن تستطيع ترسانة السلاح الأميركي والإسرائيلي إخمادها. كما أنه ليس سهلاً على الإدارة الأميركية الجديدة أن تكون بهذا المستوى من الانحياز لصالح تل أبيب من دون الأخذ في الاعتبار مصالحها الأخرى، وخصوصاً علاقتها الاستراتيجية مع دول الخليج ومصر والأردن، الذي صرّح وزير خارجيته أيمن الصفدي بكل وضوح، بأن «بلاده مستعدة للحرب بحال تم تهجير الفلسطينيين إلى الأردن».

منذ قمة بيروت للسلام، لم تتجاوب تل أبيب مع أي دعوة لحل القضية الفلسطينية، بل إنها داخلياً، على المستويين الاجتماعي والسياسي، تزداد تطرفاً حتى وصل مستوى التمثيل إلى بن غفير وسموتريتش. وخارجياً، ترفض كل الدعوات الدولية من أجل حل الدولتين، وهي في ذروة تطرفها الآن، تهدف إلى إلغاء الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته إلى الأبد. الأمر الذي يعزز القول إنه لا شركاء سلام في تل أبيب، وإن أي معادلة خارج معادلة «السلام مقابل الأرض» لا يمكن تمريرها شعبياً أو رسمياً.

الالتزام السعودي واضح من دون مزايدات ولا تصريحات فارغة، ولكن رسالة الأمير تركي الفيصل على قناة «سي إن إن» (CNN) كانت واضحة اجتماعياً وسياسياً، حين استبدل بالشماغ السعودي الكوفية الفلسطينية، وهي تعيد التذكير بموقف الأمير بندر بن سلطان أثناء مفاوضات مدريد، عندما طلب الوفد الإسرائيلي من أحد أعضاء الوفد الفلسطيني نزع الكوفية، فقال الأمير: «أرضهم أخذتموها، ولا يستطيع حتى ارتداء كوفيته؟ إذا لم يدخل هذا الشاب الفلسطيني فسأنسحب أنا وعبد الله بشارة»، ثم عرض أن يقوم بنفسه بنزع الكوفية عن كتف الفلسطيني إذا نزع أعضاء الوفد الإسرائيلي القلنسوة اليهودية التقليدية. وفي الأمس، قام الأمير عبد الرحمن بن مساعد بتذكير متابعيه على موقع «إكس» بالموقف السعودي، عندما أعاد نشر جزء من خطاب ولي العهد حول الثوابت السعودية من القضية الفلسطينية.

عوداً على بدء، تدرك الرياض مخاطر القضية الفلسطينية على الاستقرار العالمي، وتذكّر الجميع بأن الاستقرار والسلام هما المدخل لتعزيز المصالح، وأن حل الدولتين التزام لا يمكن التراجع عنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الشماغ والكوفية بين الشماغ والكوفية



GMT 16:11 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 16:07 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 16:06 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الحالة الكروية

GMT 16:03 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 16:00 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 15:58 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 15:55 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 16:10 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:17 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

"تارا عماد" تخوض تجربة الغناء لأول مرة دراميا
المغرب اليوم -

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 13:03 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 26-9-2020

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 17:35 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

المغرب الفاسي ينتصر وديًا على وداد صفرو

GMT 08:22 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

النفط يتدفق مجددًا بخط مأرب في اليمن

GMT 14:32 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

البولندية سواتيك تبلغ نهائي بطولة فرنسا المفتوحة للتنس

GMT 12:34 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رئيس الوداد يحاصر مدرب الفريق بالأسئلة بعد صدمة الديربي

GMT 06:31 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هذه توقعات "الأرصاد الجوية" لطقس المملكة المغربية الأحد

GMT 09:09 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

سيدة تعثر على عظام بشرية داخل جوارب متجر شهير في بريطانيا

GMT 08:30 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

7 لاعبين يغيبون عن أولمبيك خريبكة أمام مولودية وجدة

GMT 11:35 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

الجزائر تطلق بوابة إلكترونية للترويج للسياحة

GMT 23:21 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

"جورجيا" وجهة سياحية مثالية للاستمتاع بالثلوج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib