«تحالف الشمال» السوري
أخر الأخبار

«تحالف الشمال» السوري

المغرب اليوم -

«تحالف الشمال» السوري

مصطفى فحص


أبدت واشنطن رغبتها في وجود خطة عسكرية سياسية واضحة المعالم للمرحلة المقبلة بعد خروج بشار الأسد من الحكم، وأكدت أن لا مانع لديها من دعم تصعيد عسكري في سوريا، يؤدي إلى إجباره على مغادرة السلطة، ترافق هذا الموقف الأميركي مع تحولات ميدانية، أدت إلى تراجع نسبة سيطرة النظام إلى ما يقارب 25 في المائة من مساحة سوريا، بعد تقدم المعارضة على جميع الجبهات، خصوصًا الشمالية والشمالية الغربية.
سرعة تهاوي النظام في الفترة الأخيرة، وانكماش سيطرته وعدم قدرته على أخذ زمام المبادرة، بالتزامن مع عجز داعميه الإقليميين عن وقف انهياراته العسكرية والاقتصادية، دفع المعنيين بالأزمة إلى التفكير بضرورة البحث في ترتيب الوضع السوري، خشية انهيار مفاجئ في صفوف الأسد، أو تقدم سريع للمعارضة، في لحظة قد تكون فيها أغلب الأطراف الدولية والإقليمية والمحلية غير مستعدة أو مهيأة لمرحلة انتقالية، ولا تملك خطة لملء الفراغ، تحافظ فيها على ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية.
فبين توفر الدعم العسكري المطلوب للمعارضة السورية، وإثباتها القدرة على حسم المعركة والانتصار على الأسد، يزداد القلق العام من فشل هذه الفصائل المسلحة، خصوصًا الإسلامية المتشددة منها، في الحفاظ على الاستقرار، والقدرة على إدارة المرحلة الانتقالية، في المناطق التي تسيطر عليها، على الرغم من التجربة الإيجابية الأخيرة في إدلب وريفها.
فالمعارضة السورية اليوم هي على مقربة من دمشق، وتستعد للاقتراب من أبوابها، كما أنها وصلت إلى المناطق الأكثر حساسية في الشمال الغربي لسوريا، حيث الاحتكاك المباشر مع البيئة الحاضنة للنظام، فهذا التماس المباشر يزيد المخاوف من حصول أعمال انتقامية، ردًا على تراكم جرائم النظام بحق الشعب السوري طوال 4 أعوام، وعلى الرغم من أنه لم يسجل حتى الآن في سجل الفصائل المعارضة حتى الإسلامية المتشددة منها، أي ارتكابات أو فظاعات كتلك التي ارتكبها النظام أو «داعش»، فإن الاحتواء المبكر لاحتمال وقوع أعمال انتقامية، أو وقوع سوريا، خصوصًا العاصمة دمشق، في الفوضى، هو مطلب الجميع، خصوصًا الأطراف المتحمسة لسقوط الأسد.
فالتجربة الأفغانية مع فصائل الجهاد الأفغاني بعد تحرير كابل من الاحتلال السوفياتي، والقضاء على نظام نجيب الله الأفغاني، لا تشجع المعنيين بالسماح لفصائل غير نظامية، مهما بلغت درجة انضباطها من التحكم بعاصمة سياسية، خصوصا بعد التوافق الدولي على ضرورة تجنيب دمشق الفوضى، وضرورة الحفاظ على استقرارها وسلامتها قدر الممكن، بسبب الحاجة إليها في إدارة المرحلة الانتقالية، وحماية العملية السياسية كي لا تتكرر التجربتان الأفغانية والليبية، اللتان شرعتا الأبواب أمام نزاعات مسلحة بين الفصائل مدعومة من جهات خارجية حاولت وتحاول فرض أجندتها السياسية.
في أفغانستان، سيطرت حركة طالبان على كابل وأغلب المدن الأفغانية، بسبب النزاعات بين فصائل المجاهدين من جهة، وحاجة المواطنين الأفغان إلى قوة منظمة تعيد إليهم بعض الاستقرار المطلوب من جهة ثانية، ثم استعانت واشنطن بتحالف الشمال الذي تشكل بعد هزيمة المجاهدين أمام حركة طالبان، في الدخول إلى كابل عام 2001 وإدارة مرحلة انتقالية والتأسيس لحياة سياسية بأدوات ديمقراطية، بمشاركة الجميع، وعدم الانتقام من الأغلبية البشتونية المتهمة باحتضان الطالبان. وفي سوريا، فإن ممارسات «جيش الفتح» الذي يضم فصائل إسلامية بعضها متشدد، ودور الجيش الحر في الجبهة الجنوبية، والإدارة الإقليمية الناجحة لهاتين التجربتين، وإيجاد شركاء من داخل النظام، سيجنب سوريا حربًا أهلية مذهبية وعرقية، وصراعًا على السيطرة والمكاسب، ويقف بوجه دعاة التقسيم.
ففصائل المعارضة السورية التي باتت أقرب إلى تحالف الشمال الأفغاني هي بأمس الحاجة إلى «ليواجرغا» سوري يضم معظم أطراف المعارضة السورية، يكون على استعداد للتفاوض مع المجتمع الدولي على المرحلة الانتقالية ضمن شروط «جنيف واحد»، ولعل مؤتمر المعارضة السورية المزمع عقده في الرياض هو بداية التأسيس لمرحلة جديدة في سوريا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تحالف الشمال» السوري «تحالف الشمال» السوري



GMT 21:27 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

دوره الأخير

GMT 21:24 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

غربال التاريخ المتحرك

GMT 21:22 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران... انعطافات حادة يميناً ويساراً

GMT 21:21 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عوامل استقرار الشرق الأوسط واضطرابه

GMT 21:20 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

عن ليبيا والحاجة لطوق النجاة

GMT 21:19 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

لا يفوتك في هذا النص

GMT 21:17 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

أوكرانيا وغزة

GMT 21:16 2025 السبت ,07 حزيران / يونيو

إيران ــ أميركا: دبلوماسية قلم الحبر

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib