فشل إعادة تعويم الأسد

فشل إعادة تعويم الأسد

المغرب اليوم -

فشل إعادة تعويم الأسد

مصطفى فحص

انعكست تحولات الوقائع الميدانية على جبهة حلب لصالح قوات المعارضة السورية في عدة اتجاهات سياسية. كان من أبرزها سقوط رهانات نظام الأسد، على تحويل مبادرة المبعوث الدولي دي ميستورا بتجميد القتال في مدينة حلب إلى مكاسب سياسية وعسكرية، وتحويله القوة الوحيدة الجاهزة لتصبح شريكا واقعيا للتحالف الدولي ضد «داعش»، والاعتماد عليه كذراع برية في محاربة التنظيم المتطرف.

فقد ترافقت مبادرة دي ميستورا مع حراك سياسي وإعلامي على الصعيدين الدولي وبعض العربي، يسوق لفكرة التعايش مع نظام الأسد، ويزين أن فكرة إنجاز تسوية في سوريا لا بد أن تقوم على الجمع بين النظام والمعارضة المعتدلة، وتوحيدهما، أولا من أجل محاربة التطرف، وثانيا أن تكون تحت سقف النظام، وذلك بحجة أن الأولوية في هذه المرحلة تصب في محاربة التطرف المتمثل بالتهديد الذي يشكله «داعش» و«القاعدة» للأمن والاستقرار الدوليين، مع إغفال كل القرارات الدولية، ومنها قرارات «جنيف 1 و2»، التي اتخذت أساسا بناء على فكرة الدخول في مرحلة انتقالية مشروطة بعدم وجود الأسد.

حاولت موسكو التقاط إشارات دي ميستورا واستغلالها، ومقاربة مواقف إدارة البيت الأبيض المتناقضة في أولوياتها، التي بدت غامضة في المرحلة الأخيرة تجاه الحل في سوريا، والتي زادها غموضا عدم تطرق أوباما في خطابه الأخير عن حال الاتحاد إلى الأسد ونظامه، واقتصار حديثه على التهديد الذي يشكله «داعش»، مما شجعها على رفض التطرق إلى مستقبل الأسد في أعمال المؤتمر الذي رعت فيه حوارا بين معارضين سوريين بصفتهم الشخصية ووفد يمثل النظام، حيث كان كل هدفها منه عدم الاعتراف بالتشكيلات الرسمية للمعارضة السورية، بغرض تشتيتها، وترسيخ فكرة أن النظام باق، ولم تعد هناك جدوى من الحديث عن رحيله.

في حين كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» ومجلة «فورن أفيرز» مجموعة من الآراء يجري تداولها في واشنطن، تدعو إلى التعايش مع النظام السوري، واعتبار المعارضة السياسية السورية قد فشلت في تقديم البديل المقنع، وأن تقوية الفصائل المسلحة المعتدلة تحتاج إلى وقت طويل. الأمر الذي يبرر للإدارة الأميركية عودتها إلى التعامل مع النظام القائم، باعتباره أمرا واقعا لا يمكن تخطيه.

واندلع في مقابل ذلك جدل دولي وإقليمي، حول إمكانية أن يضحي البيت الأبيض بتحالفات واشنطن التاريخية في المنطقة، ويعطي موسكو وطهران الفرصة التي تمكنهما من إنجاز تسوية في سوريا على قياس مصالحهما، تحقق لهما سياسيا ما لم تفلح الآلة العسكرية في تحقيقه على مدى أربع سنوات.
عندها، ومن أجل لملمة الموضوع، سارعت الخارجية الأميركية، عشية وصول الوفد الأميركي الكبير إلى الرياض لتقديم واجب العزاء في رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى نفي ما ورد في الصحف الأميركية، ثم عادت وأكدت أن النظام ارتكب فظائع لا يمكن التغاضي عنها، في أي عملية سياسية انتقالية، وفعلت الحديث عن الثوابت السياسية تجاه حلفائها التقليديين في المنطقة، وعن تطابق مصالحها معهم، في الكثير من الملفات.

في هذا الوقت كان الحلفاء، وفي مقدمتهم الرياض وأنقرة، يعاودون تعميم ثوابت رؤيتهم وتأكيدها، حول الحل في سوريا، والتي ترشح عنها موقف سعودي - تركي مدعوم من فرنسا وبريطانيا، يقوم على فكرة توحيد مسار المعركة ضد الأسد و«داعش»، حيث لا يمكن القضاء على واحد دون القضاء على الآخر.. مما شكل انتكاسة فعلية لمشاريع إعادة تعويم الأسد، بحجة مكافحة الإرهاب، أو عدم إيجاد البديل، ووضع موسكو ومن أيدها سرا في بعض العواصم العربية أمام حائط مسدود، فانتهت جهودها إلى خواتيم غير سعيدة لها ولحليفها الأسد.
يبدو أن الأسد وداعميه حاولوا استغلال لحظة إهمال دولي وأميركي للقضية السورية، لكن محاولاتهم باءت مجددا بالفشل، فقد بات من الواضح جدا، بعد فشل مؤتمري موسكو والقاهرة، والتقدم العسكري على جبهة حلب، والتمحور السياسي الصلب، أنه لا مكان للأسد في معادلة التسوية السورية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل إعادة تعويم الأسد فشل إعادة تعويم الأسد



GMT 23:14 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ذاكرة الرجل الصامت

GMT 23:12 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إسرائيل... لماذا تفوَّقت في لبنان وليس في اليمن؟

GMT 23:10 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

مشهد الشرق الجديد... من يرسمه؟

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سبب آخر للاستقالة

GMT 23:05 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

البديل الحوثي للبنان...

GMT 23:04 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

التجويع بهدف التركيع

GMT 23:02 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

إلى متى ستعيش إسرائيل في رعب وتوجُّس؟

GMT 23:00 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

ماذا لو رد «الجميل» السلام؟!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:02 2019 الثلاثاء ,27 آب / أغسطس

طاليب يغير البرنامج التدريبي للجيش الملكي

GMT 03:11 2019 الإثنين ,08 تموز / يوليو

طريقة تحضير الأرز الأبيض بأسلوب بسيط

GMT 21:58 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من تميز إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 07:30 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

ظافر العابدين يكشف أسباب وقف تصوير فيلم "أوف روود"

GMT 11:52 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات تصدر قانون جديد للمصرف المركزي والأنشطة المالية

GMT 18:34 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

سُلطات مليلية تبحث عن عائلة طفل قاصر مُصاب بمرض خطير

GMT 16:40 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

جزيرة "أرواد" السورية تكشف نظرية جديدة بشأن سفينة نوح
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib