نوستالجيا “العصا لمن عصى”
تعطل طائرة وزير الخارجية الألماني يجبره على تعديل رحلته إلى قمة الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية وزارة الصحة اللبنانية تعلن إرتفاع حصيلة الإصابات في استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين بمدينة بنت جبيل في جنوب البلاد إلى 7 أشخاص مقتل 5 أشخاص وإصابة 130 جراء إعصار ضرب ولاية بارانا جنوب البرازيل ترمب يعلن مقاطعة الولايات المتحدة لقمة العشرين في جنوب أفريقيا زلزال بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر يضرب خليج كاليفورنيا إضطرابات في حركة الطيران الأميركي بسبب الإغلاق الحكومي ونقص المراقبين الجويين الاونروا واحد من كل خمسة اطفال في غزة فاتهم التطعيمات الاساسية بعد عامين من الحرب خليل الحية يصف طوفان الأقصى برد على طمس القضية الفلسطينية ويدعو لتكثيف الجهود نحو تحرير فلسطين الاتحاد الأوروبي يوقف منح الروس تأشيرات دخول متعددة للضغط على موسكو انفجارًا يقع داخل أحد المساجد في العاصمة جاكرتا خلال صلاة الجمعة مما أسفر عن إصابة 54 شخصًا على الأقل
أخر الأخبار

نوستالجيا: “العصا لمن عصى”!

المغرب اليوم -

نوستالجيا “العصا لمن عصى”

بقلم : جمال بودومة

في تلك السنوات القاسية، كان المعلمون عدوانيين بدرجة لا تصدق. مزاج البلاد بأكملها كان معكرا. أسلوب التواصل الأكثر رواجا هو العنف، اللغة الوحيدة التي يتحدث بها القوي مع الضعيف والكبير مع الصغير والأب مع الابن، والمعلم مع التلميذ والدولة مع المعارضة، كانت مرحلة عصيبة شعارها: “العصا لمن عصى”… بعض الفصول الدراسية كانت تشبه “مراكز تعذيب”. كان لصاكا والعشعاشي والحسوني، وغيرهم من الجلادين، أشباه وزملاء في المدارس، “تخصص أطفال”. بعضهم كان يبدع في طرف التعذيب، ويستحدث تقنيات لم يصل إليها خيال القيّمين على “الكاب 1” ودار المقري ودرب مولاي الشريف وسواها من الأماكن غير الشريفة في المملكة الشريفة. الفترة التي تُعرف بـ “سنوات الرصاص” تستحق أن نسميها أيضاً “سنوات قلم الرصاص”، وأن ننشئ من أجلها “هيئة للإنصاف والمصالحة”، تجمع بعض المعلمين الساديين وضحاياهم في جلسة استماع تنقل على التلفزيون، لعل أجيالا من المغاربة تتخلص من العقد التي تحتفظ بها في أماكن سرية، مثل تحف ثمينة، من سنوات المدرسة، ولعل بعض الحقوقيين العاطلين يجدون شغلا، على غرار من سبقهم من سماسرة “المصالحة”!

في ذاكرة كل واحد منا اسم أو وجه أو صفعة. أتذكر مدرس الفرنسية الذي كان يعلق التلاميذ من نافذة الفصل في الطابق الرابع، على سبيل التأديب، بسبب أو بدونه. يكون الذنب بسيطا: تلكؤ في التعبير أو خطأ في الكتابة أو نسيان S… والعقاب لا يخطر على بال إبليس. كان رجلا ساديا يحتاج إلى عيادة نفسية، وأرسلته لنا وزارة التربية الوطنية كي ينفّس عن عقده و”يربينا”. ومن ناحية التربية، كان “مربيا” خطيرا: يهجم على التلميذ والشرر يتطاير من عينيه، بعد أن يلعن أصله وفصله وسنسفيل جدوده، ثم يمسكه من تلابيب قميصه، ويجره نحو النافذة كما تجرجر الشاة إلى المذبح، وبقبضتيه الخشنتين، يرفع الجسد الضئيل عاليا ويدلّيه من النافذة. يظل التعيس يصرخ مثل دجاجة في مسلخ، والمعلم لا يتوقف عن الشتم والتهديد.

كان يحيى أكثر التلاميذ تعرضا للعقاب من طرف الجلاد الذي تصرف له وزارة التربية الوطنية راتبا كل شهر. لا أعرف هل كان عقابه المتكرر بسبب غبائه المفرط، أم فقط لأن بشرته سوداء، لكنني أتذكر أن المدرس قال له في ختام إحدى “حصص التعذيب”: “انتوما ما يصلح لكم غير بيتر بوتا”… لم نفهم المعنى وقتها، ولم يكن العبقري “گوگل” قد ولد بعد كي نسأله من يكون “بيتر بوتا”. كنا صغارا وكانت جنوب إفريقيا في عز الأبارتايد، ومانديلا في السجن، والعنصرية في دم كثير من المعلمين…

ذات يوم تحول تعذيب يحيى إلى قصة “تراجيكوميدية”. كانت عائلته تسكن غير بعيد عن المدرسة. عندما علقه المعلم كالعادة من نافذة القسم، و”بدا كيعيط لربي اللي خلقو”، تصادف أن والدته كانت تنشر الغسيل على حبل أمام البيت، لمحها التعيس من قمة رعبه، وطفق ينادي بكل ما تملّكه من وفزع: وا مّمّمّييييييييي….  أذن الأم طبعا لا تخطئ صراخ الابن، رمت المسكينة سلة الصابون وأطلقت سيقانها للريح في اتجاه المدرسة، قفزت السلالم مثنى وثلاث، إلى أن وصلت في وقت قياسي، منهارة وتنتحب: “حرام عليك ولدي آش دار ليك ولدي حرام عليك”…  بمجرد ما أنزل المدرس المتعجرف يحيى، ارتمى المسكين في أحضان أمه وهو يرتجف. كان منظرهما يشبه العبيد الذين ينكل بهم البيض في الأفلام الأمريكية أيام الميز العنصري… حدق فيهما “الكوبوي” باحتقار وقال لها بكل وقاحة: “ولدك غادي نطردو”…

لم يطرد المدرس السادي يحيى، لكنه غادر الدراسة طواعية في العام الموالي، وتخلص من حصص “التعلاق” إلى الأبد، مستقبله كان ينتظره بين صناديق الخضروات والفواكه في الأسواق الأسبوعية رفقة والده. آخر مرة رأيته كان معلقا ويصرخ… ليس في الفصل هذه المرة، ولكن جنب جبل من البرتقال، كان معلقاً فوق كومة من الصناديق وهو يصيح: “كيلو بخمسة وعشرين جوج بأربعين، زيد زيد، مول لمليح باع وراح”!

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوستالجيا “العصا لمن عصى” نوستالجيا “العصا لمن عصى”



GMT 16:20 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

سعيد في المدرسة

GMT 11:52 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

تيفيناغ ليس قرآنا!

GMT 14:26 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

«بيعة» و «شرية» !

GMT 05:27 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

«لا يُمْكن»!

GMT 03:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

!الوهم الأبیض

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار

GMT 08:13 2016 الجمعة ,22 إبريل / نيسان

بيبيتو يكشف دور ميسي وسواريز في تألق نيمار

GMT 18:04 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وزير الرياضة يناقش خطة اتحاد الجودو في 2018

GMT 21:02 2017 السبت ,23 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المغربي يحرم الوداد من منحته السنوية

GMT 07:23 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"روائح مبعثرة" المجموعة القصصية الأولى للعسيري

GMT 05:34 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"سيات ليون كوبرا" ضمن أفضل 5 سيارات في "اليورو"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib