تعود الذكرى ولا يعود سيدها…

تعود الذكرى ولا يعود سيدها…!

المغرب اليوم -

تعود الذكرى ولا يعود سيدها…

بقلم : عبد الحميد الجماهري

القبر ليس دليلا على الموت، 
ودليلي 
في هذا الدليل 
شهيدي… 
وغياب القبر ليس دليلا على الحياة ،
ودليلي في هذا الدليل
شهيدي..
فليست هناك حياة، 
كانت لها هذه الغرابة المنطقية في الوجود..
كحياة المهدي ..
ولا موت …
كموت المهدي..
لقد ظل المغاربة، وأبناؤه من كل الصف المنير يتابعون غرابة المشهد حول جثته العالقة:
فلا هم تحملوا بشجاعة
قتله
ولا هم تحملوا بشجاعة 
حياته..
في الستينيات من القرن الماضي، عندما اختطف المهدي بن بركة، لم يكن المغرب بحيرة جميلة على ضفافها يسير شعب جميل نحو سعادته، كانت البلاد تتهيأ لأكثر سنوات عمرها رعبا…
لكن الطريق كانت، مع ذلك، سالكة كي تدخل مبادئ الإنسانية المتقدمة، إلى كل الأرجاء المفتوحة، بين الحرية والسكين…
بين طريق «الوحدة»
والحياة البرلمانية.. 
تعود ذكراه والبلاد تعيد التدقيق في كل القيم التي من أجلها كان يصارع: التقدم، التنمية، الديموقراطية ، حكم الشعب وتربيته ، الوطنية ..
تجر بطرفي المعادلة: ما يتبقى من كل ما صارع من أجله
وتجريب أن يضيع كل ذلك..
قد يكون سعيدا لأن جزءا من الذي كان موضوع حياته، أصبح تراثا مشتركا بين القوى في المغرب..
وقد يكون مذهولا، لأن جزءا من المعركة ضده مازال قائما
في المشروع
وفي سيادة النسيان على سيرة شعب بكامله..
هناك من التجريب أنواع كثيرة أهمها محاولة تجريب المغرب بدون ذاكرة المهدي بنبركة
وتجريب سياسة بدون تراث المهدي
وتجريب بلاد لا علاقة لها بحركة التحرر كما عاشها المهدي…
وتجريب التعايش ، قرب الماضي بترتيب جديد للحاضر بما يجعله يمتد من القرن الواحد للهجرة إلى الستينيات …
لا شيء من بعد! 
يعود الزمن من أجل أن يعيد النظر في الأمة المغربية، 
في محاولاته ممارسة نوع من التقريب بين وسائل الحاضر وأهداف الماضي من أجل أن تعود للشرق سطوته في الثقافة والوجود.. 
في الحرية والقيود..
تعود الذكرى ، والمهدي مفارق بين ملكين: 
الراحل الذي ارتبط بغيابه
والملك الحالي الذي ارتبط بحضوره:في المصالحة وفي التمجيد الذكي لما قدمه لبلاده..
وأيضا في معركته بأن تكون للمغرب ملكية قوية 
حرة ..
وذات سيادة…
ودولة ديمقراطية لا أكثر!
في ذلك الفارق الذي صنعه المهدي بين مؤسسة دافع عن عودة ممثلها الشرعي، الملكية، وبين النظام الذي صنعته دولة المخزن في مطلع الاستقلال كانت تكمن الإمكانية في فرض تحول إلى بلاد مستقلة، وقوية وذات مشروع وطني
وفيه ما زالت تكمن المعادلة ، تجمع بين الملكية القوية، محط إجماع وبين التقدم نحو الديمقراطية..
كان يقول بأن المغاربة لم يعرفوا نظاما آخر غير ملكية طوال تاريخهم الطويل
ويؤمن بأن الحسن الأول كان يريد التحرير والتعلم 
لكن النظام الفقهي السياسي الفيودالي كان يريد العكس
ففشلت تجربة التحرر لأن المخزن، ذلك الالتباس الرهيب في سوسيولوجيا النظام ظل ضد التيار الحر..
وتعود الذكرى، وهناك من يسعى إلى تحزيب الملكية
وترتيب علاقتها خارج الواقع التاريخي لمغاربة لم يجربوا شكلا سواها 
ولم يمرنوا المشترك السياسي خارج وجودها..
وخارج حركة التحرير 
وخارج السيادة
وخارج الانتماء الواسع لكل البلاد، طولا وعرضا..
تعود الذكرى بدون سيدها..
لا القبر فيها دليل على الموت، 
ودليلي 
في هذا الدليل 
شهيدي… 
وغياب القبر ليس دليلا على الحياة،
ودليلي في هذا الدليل
شهيدي..
فليست هناك حياة، 
كانت لها هذه الغرابة المنطقية في الوجود..
كحياة المهدي ..
ولا موت …
كموت المهدي..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعود الذكرى ولا يعود سيدها… تعود الذكرى ولا يعود سيدها…



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib