الخـطابي بـطـل، ولـيـس فـزاعـة

الخـطابي بـطـل، ولـيـس فـزاعـة!

المغرب اليوم -

الخـطابي بـطـل، ولـيـس فـزاعـة

بقلم : عبد الحميد الجماهري

أذكر صبيحة ذلك الأحد،
يوم 7 فبراير 1988 بمدينة الناظور الخالدة.
يوم بدا، من طراوة التباشير الأولى أنه لن يكون ككل الأيام..
يومها، صدر على صفحة يومية الاتحاد الاشتراكي خبر ليس ككل الأخبار..
على صدر الصفحة الأولى نشرته اليومية المناضلة…
العائدة لتواصل المسيرة بعد منع «المحرر« ، 
وبعد خروج قيادة الاتحاد الاشتراكي من السجون..
كان الخبر يقول:» تخليدا للذكرى 25 لرحيل البطل محمد عبد الكريم الخطابي، تنظم الشبيبة الاتحادية بالناظور، صبيحة يومه الأحد 7 فبراير 1988 نشاطا ثقافيا بمقر الاتحاد الاشتراكي بنفس المدينة وذلك حسب البرنامج التالي:- 10و30 صباحا عرض فيلم عن طريق الفيديو
-زوالا:أمسية شعرية وغنائية..«.
كان الخبر استثنائيا، وكتب بخط واضح على الصفحة الأولى إلى جانب الأخبار المهمة والسياسية الكبرى: الانتفاضة تهز الضمير العالمي
- القذافي يصل إلى الجزائر في زيارة مفاجئة
- النقابة الوطنية للتعليم والجامعة الحرة تخبران الأسرة التعليمية باللقاء مع وزير الداخلية….
في المدينة كان الجو خارقا للعادة: تفاجأ المناضلون القادمون في ذلك الأحد بترسانة بشرية ولوجيستيكية أمنية غير مسبوقة!
بوليس سري وعلني حول المقر
وفي الممرات التي تقود إليه «
من جهة سينما الريف
ومن جهة شارع عبد الكريم حيث يوجد
المقر ومن الجهة المفضية إلى الكورنيش والعمالة..
وكان الحضور الشبابي قويا
وحضور المناضلين قويا
والبوليس «خيط من السما»، بلغة رضوان أفندي وقتها..
ولم يكن المنع ممكنا ونحن نشتغل داخل المقر الحزبي
فكان أن وضعت الحواجز، كما لو أن هجوما كبيرا سينطلق من داخله، ومن أجل تعطيل الوافدين
أو دفعهم إلى التراجع
أو من أجل التخويف الظاهر، كانت عناصر من الأمن، تطلب من الشباب بطائقهم الوطنية!!!
ومع ذلك، كان الحضور غير متوقع:تلك هي المرة الأولى التي تخلد فيها الذكرى الفضية… لرحيل البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي في منطقة الريف!
بشكل علني
ومن جهة موسومة الملامح.
كانت أحداث الناظور الدموية حديثة العهد في الأرواح والأجساد،
كانت الصدمة التي هزت المنطقة في يناير 1984 مازالت حديث النخبة المحلية والوطنية
ومازال بعض مناضلي اليسار ، من الاتحاد وغير الاتحاد، مازالوا رهن الاعتقال..
وكان الجو مكهربا..
كثيرون فضلوا متابعة الحدث من بعيد ..
عبر الهاتف الثابت وقتها في المقر..
كان المختار البنتلي أطال الله عمره حاضرا بحدبه
وكان مصطفى بوحجار أطال الله عمره وشافاه حاضرا بمتابعته، ولعله هو الذي أحضر لنا جهاز الفيديو النادر وقتها من بيته
ولعل الفيلم كان هو فيلم الاعتراف الشهير لكوسطا غافراس!
مر اليوم مشحونا، وزدناه شحنا لما وضعنا الميكروفونات في النوافذ لكي يصل الصوت إلى الشارع العام
ليسمع الذين لم يقيض لهم دخول المقر، الذي ضاق بما وسع..
تحدثنا عن البطل الذي استلهم منه هوشي منه
وغيفارا
وحكينا قصة ماوتسي تونغ الذي زاره وفد من منظمة التحرير الفلسطينية للاستفادة من تجربته في حرب التحرير فقال لهم :لقد استلهمت ذلك من رجل منكم، اقرأوا درس عبد الكريم الخطابي..
كنا مزهوين جدا ولم نكن نعرف بأننا كنا نزيد من غضب السلطة وقتها!
على ملامح الشبيبة كان مزيج الافتخار والدهشة وربما التوجس يعطي للتعبيرات الإنسانية بعدا غير مسبوق
شعور ما بين الكهرباء وخرير المياه
ما بين الحماس والالتباس الذي يسبق عادة عاصفة الاعتقالات..
للتاريخ:
رغم التجييش 
ورغم التوتر الواضح
ورغم كل شيء
عاد كل منا إلى بيته
ونام في سريره..في انتظار فرصة أخرى للاعتقال !
تذكرت ما قلناه في بيان احتفائي بالذكرى والحفل:عبد الكريم يستحق تمثالا في كل الوطن 
محمد عبد الكريم نريده بطلا
وتريدونه فزاعة
وتريدونه شبحا، كما في قصص الأطفال ..
لم نكن ندرك اللغة ومسامها التي تفرز ما تشاء من رحم الحماس..
تذكرت كل هذا.

المصدر : صحيفة الاتحاد الإشتراكي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخـطابي بـطـل، ولـيـس فـزاعـة الخـطابي بـطـل، ولـيـس فـزاعـة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib