وداعاً فيديل الثوريون لا يموتون  كوبا بين الأمس واليوم

وداعاً فيديل.. الثوريون لا يموتون .. كوبا بين الأمس واليوم

المغرب اليوم -

وداعاً فيديل الثوريون لا يموتون  كوبا بين الأمس واليوم

بقلم - نايف حواتمة

رحيل فيديل كاسترو "مالئ الدنيا وشاغل الناس"، الرحيل حزين، خسارة كبرى لكل القوى الثورية الوطنية، الديمقراطية الاجتماعية، والأممية في العالم.

نظرة على كوبا، أمريكا اللاتينية والوسطى "الحديقة الخلفية بالأمس للإمبريالية الأمريكية وفق مبدأ  الرئيس الأمريكي الشمالي مونرو منذ القرن التاسع عشر" تفضح، تكشف ذلك اليوم، كذلك الثورات وحركات التحرر الوطني وديمقراطية العدالة الاجتماعية في عالم حقوق الإنسان الأساسية في أفريقيا، في آسيا، وفي بلدان العالم الرأسمالي.

في كوبا إنجازات الثورة الكوبية بزعامة قائدها كاسترو ملموسة ومرئية في "القضاء على الجهل والأمية والجوع وأجهزة تعليم وصحة مجاناً، وهي من الأفضل في العالم" "بإعتراف وإحصاءات الأمم المتحدة".

في حقوق الإنسان الأساسية وديمقراطية العدالة الاجتماعية يعتبر التعليم والصحة والسكن المجاني لجميع المواطنين دون تمييز في اللون والعرق (الإثنية) وبين المرأة والرجل. وفي هذا تضع كوبا الشعب والدولة، "الأصابع في عيون الديمقراطيات الرأسمالية التي تحصر حقوق الإنسان فقط بحرية الرأي والتعبير"، أي في الحدود السياسية البورجوازية اليمينية، تتجاهل حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية، يبرز هذا  في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية في البلدان الصناعية الرأسمالية الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، الاضرابات والاحتجاجات الكبرى الاجتماعية، وآخر مثال على ذلك صراع إدارة أوباما لإجراء وتطبيق "قانون الضمان الصحي لفقراء الولايات المتحدة، وإعلان ترامب في حملته الانتخابية والآن بعد فوزه عزمه على إلغاء قانون الضمان الصحي المذكور".

وفق تقارير صندوق التعليم والصحة التابع للأمم المتحدة: نسبة الأمية والجهل بالقراءة والكتابة في كوبا الآن "صفر" وتحديداً 0.02 في المئة، مقابل84% في عام 1959 عام انتصار الثورة وسقوط دكتاتورية باتستا. 

أنشأت الثورة بزعامة كاسترو 45 جامعة ومعهداً للأبحاث، لا يقل مستواها عن الموجودة في الغرب، 15% من الناتج القومي لإقامة جهاز صحي حكومي مجاني، ورغم الحصار الأمريكي والدكتاتوريات في أمريكا الجنوبية لأكثر من أربعة عقود لكوبا، فإن معدل موت الأطفال الصغار في كوبا الأقل في العالم، والتعليم من الروضة وحتى الجامعة، بما فيه أدوات التعليم مع متوسط 15 طالباً في الصف مجاني بالكامل.

ديمقراطية العدالة الاجتماعية في كوبا من أبرز أسرار صمود كوبا الثورة، وكسر الحصار حتى مطلع القرن الواحد والعشرين وإنهيار دكتاتوريات أمريكا الجنوبية والوسطى، والتحولات اليسارية والتقدمية الكبرى في معظم بلدان أمريكا الجنوبية.

أسئلة احتجاجات شعوب أوروبا وأمريكا تطرح على الأنظمة الديمقراطية الرأسمالية الغنية تطبيق حقوق إنسان إجتماعية واقتصادية كما في كوبا وبلدان عديدة ديمقراطية سياسية تعددية، وعدالة اجتماعية في أمريكا الجنوبية، بدلاً من التفكك الاحتجاجي الاجتماعي، والزلازل السياسية والاجتماعية الداعية للخروج من الاتحاد الأوروبي كما بريطانيا، وترامب في الولايات المتحدة، وتفاقم نفوذ ودور اليمين المتطرف والعنصري في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

كوبا الثورة والدولة بنت دولة ومجتمع العدالة الاجتماعية، لم تبني بعد دولة الرفاه الاجتماعي ففي ظل خمسين عاماً من الحصار الإمبريالي الأمريكي والدكتاتوريات اليمينية التابعة لها في أمريكا الجنوبية والوسطى. 

الآن كسر الحصار وانهيار الدكتاتوريات المحيطة بها، يفتح أمام كوبا خطط ومحاولات التطور من دولة العدالة الاجتماعية إلى دولة الرفاه الاجتماعي، بعد أن خسرت على يد حصار الجار الشمالي الجبار 1.2 تريليون دولار على امتداد أكثر من خمسين عاماً منذ فشل غزو ومعركة خليج الخنازير عام 1962 على شواطئ كوبا قادمة من فلوريدا بسلاح وتمويل جبروت دولة الجار الشمالي الأغنى والأقوى في العالم.

فيديل خاض المعركة بسلاحه، قاتل في صف شعب وجيش الثورة، انهزمت القوى المضادة الغازية، أعلن الجار العدواني الجبار على كوبا الحصار، أعلن فيديل الخيار الاشتراكي للصمود وبناء العدالة الاجتماعية على طريق بناء تجربة اشتراكية من نوع جديد.

تحولت كوبا إلى منارة أمريكا الجنوبية والعالم الثالث والمضطهدين والمظلومين في البلدان الرأسمالية الغنية. على طريق كوبا الثورة بزعامة فيديل قوة المثل الفكري والسياسي والأخلاقي، قوة ورافعة إلهام كبرى لحركات وثورات التحرر الوطني والديمقراطي والاشتراكية، والتضامن الأممي الكبير مع الشعوب والطبقات الفقيرة المظلومة.

نصف مليون كوبي أممي ناضل في العالم الثالث، على جبهات القتال في مواجهة الإمبريالية والتوسعية الاسرائيلية الصهيونية والأنظمة الظلامية والدكتاتورية، من أنغولا وناميبيا وأثيوبيا وأفريقيا الجنوبية إلى الجولان والجزائر واليمن...، آلاف الطلبة الفلسطينيين والعرب تعلموا في جامعات كوبا، بنوا أكثر من كلية طب في عدن وغيرها من بلدان عربية، وحتى اليوم 30 ألف طبيب كوبي منتشر في العالم الثالث، شكلت كوبا الثورة، الشعب والحزب، الدولة والجامعة بزعامة فيدل "مظلة الظل العالي" للمعذبين في الأرض وخصوصاً في أمريكا اللاتينية والوسطى، وفي أفريقيا.

في كتابي "اليسار الثوري ــ نقد وتوقعات" الصادر في العاصمة الفنزويلية كراكاس 2012، والذي انتشر في كوبا وبلدان أمريكا اللاتينية كتبت وقارنت ما جرى ويجري في كوبا وأمريكا الجنوبية، وبين ما جرى ويجري في البلدان العربية والثورة الفلسطينية.

لماذا في كوبا النصر، كسر الحصارات، التقدم إلى الأمام، في ثورتنا الفلسطينية أزمات وانقسامات وتراجعات، في بلداننا العربية التخلف التاريخي، اهتراء وهزائم وحروب أهلية، حصار وتطويق وإفراغ الانتفاضات والثورات العربية الجديدة من أعمدتها الكبرى "خبز (عيش)، حرية، دولة مدنية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية" هذا ما طرحته الثورات في الميادين من "تونس والمغرب إلى مصر ميدان التحرير، إلى اليمن وليبيا، وما بينها من المحيط إلى الخليج غارق في الحروب الأهلية موت وجوع ودموع بالملايين".

وعليه، جاء الكتاب عن "كوبا وأمريكا الجنوبية بالإسبانية"، وجاء كتاب "الثورات العربية لم تكتمل ..." بالعربية. مع فيديل كوبا منذ أول زيارة وحوار طال بيننا في ديسمبر/ كانون ثاني 1972، والحوار الطويل مع راؤول كاسترو في 29 نوفمبر 2014، والحوار المتواصل يتواصل.

رحل فيديل ولم يرحل فالأفكار الثورية لا تموت.
وداعاً يا صديقي فالثوريون لا يموتون.

الامين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعاً فيديل الثوريون لا يموتون  كوبا بين الأمس واليوم وداعاً فيديل الثوريون لا يموتون  كوبا بين الأمس واليوم



GMT 10:17 2016 الأربعاء ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نهاية آخر الرومانسيين

GMT 08:10 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديل كاسترو: مرثية خيبة تنضاف لبقية الخيبات !!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة

GMT 14:11 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

قيمة صادرات السيارات في المغرب بلغت أزيد من 130,64 مليار درهم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib