رسالة قاسية وخاطئة

رسالة قاسية وخاطئة

المغرب اليوم -

رسالة قاسية وخاطئة

بقلم - لمرابط مبارك

عادة لا تفاجئني قرارات السلطة بالمغرب وتحركاتها، سواء كانت سياسية أو قضائية أو ثقافية أو اقتصادية. قد تثير سخريتي، قد تؤلمني، إلا أنها لا تفاجئني البتة. هذه المرة، لم أتوقع، حتى في سيناريوهاتي الأكثر عبثية والأكثر تشاؤما، ما حدث.

لست ضليعا في القانون، لكن ما أعرفه أن قضاة محاكم الاستئناف عادة ما يؤيدون أحكام قضاة المحاكم الابتدائية، أو يخففون من حدتها، ولو كان الطرف الذي لم يرضه الحكم الابتدائي وبادر إلى طلب الاستئناف هو النيابة العامة.

كما أؤمن بأن القضاء الحق هو الذي يشتغل بروح القانون وليس بحروفه. هذا الأمر يفترض في القاضي أن يكون متمتعا بالبصيرة وبالاستقلال التام، وليس مجرد حافظ للنصوص يطبقها بشكل عمودي.. مجرد منصت إلى هاتفه.. مجرد تابع يسير وفقا لاتجاه تلك الرياح التي تهب من تلك الجهات الغامضة حد الوضوح.

هذا الأمر يقتضي من القاضي التحلي بقدرة كبيرة على التمييز تجعله يزن خيارات الأحكام المطروحة أمامه ببيض النمل، كما قال لينين مرة، لأن أي حكم يصدره سيكون له تأثير مصيري على حياة المحكوم عليه.

كل هذا غاب عن محاكمة حميد المهدوي، صاحب موقع «بديل»، إذ يبدو كأن الرجل، الذي لا أتفق تماما مع تصوره لحرفة الصحافة، يتعرض لعملية «تنكيل» متعمدة، وأن المقصود بها ليس حميد، هذا الكائن المغربي بما له وما عليه، بل المقصود هو الجسم الصحافي برمته، الذي يقال له، من خلال حالة مدير موقع «بديل»، ألا يحشر أنفه كثيرا في بعض القضايا، وإلا سيتعرض للتنكيل، سواء بزرواطة السلطات الأمنية أو بسيف القضاء، الذي يتحول من وسيلة للقصاص من المذنبين في حق المجتمع وكائناته، إلى أداة لعقاب كل من تجاسر واشرأب بعنقه ليرى ما لا يجب أن يراه.

إن رفع الحكم الابتدائي، الذي صدر في حق المهدوي (ثلاثة أشهر نافذة)، بأربعة أضعافه خلال مرحلة الاستئناف، يحمل، في تقديري، رسالة واحدة فقط: من الأفضل لكم، يا من تورطتم في هذه الحرفة المسماة «الصحافة»، ألا تقتربوا كثيرا من بعض القضايا، ومن المستحسن أن تشيحوا بوجوهكم عنها، ولا تتداولوا سوى تلك الملفات الملساء الناعمة التي لا شوك فيها.

ولكنها رسالة تخطئ زمنها، فإيصال المعلومة والخبر لم يعد يقتصر على ممتهن حرفة الصحافة، بل بات في متناول كل شخص أن يفضح كل شيء وأي شيء. تكفيه نقرة على شاشة هاتفه ليصور ما يشاء، ونقرة أخرى ليجعل ما كشفه في متناول عيون وآذان كل المتجولين في العالم الافتراضي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة قاسية وخاطئة رسالة قاسية وخاطئة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib