الاعترافُ بلبنانَ فعلُ إيمانٍ لا تَسوية
مقتل ماهر فلحوط بعد اعتقاله من قبل مجموعة الحرس الوطني في السويداء خبراء الاتحاد الأوروبي يصلون برشلونة لمتابعة تفشّي حمى الخنازير الأفريقية الجيش الإسرائيلي يتهم الوحدة 121 التابعة لحزب الله باغتيال ضابطين صحفيين في بيروت قصف إسرائيلي يستهدف خان يونس واستشهاد المصور الفلسطيني محمد عصام وادي وبإصابة الصحفي محمد عبد الفتاح اصيلح مقتل الشيخ رائد المتني يشعل التوتر في محافظة السويداء بعد يومين من اعتقاله على يد ما يسمى بـ"الحرس الوطني" بوتين يمنح المذيعة تينا كانديلاكي والفنانة ناديجدا بابكينا أوسمة رفيعة المستوى وألقاباً وطنية تقديراً لإنجازاتهما في مجالي الفن والإعلام الولايات المتحدة تطلب من سلطات الطيران الفنزويلية استئناف رحلات الطيران للمهاجرين وفاة أكبر معمّرة فى روسيا والخامسة عالميا عن عمر ناهز 115 عاما قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم محيط عدة مستشفيات بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية حصيلة ضحايا فيضانات سريلانكا ترتفع إلى 410 قتلى ومئات المفقودين
أخر الأخبار

الاعترافُ بلبنانَ فعلُ إيمانٍ لا تَسوية

المغرب اليوم -

الاعترافُ بلبنانَ فعلُ إيمانٍ لا تَسوية

سجعان قزي
بقلم : سجعان قزي

قبل أن يُوقِّعَ بنجامين فرانكلين، البريطانيُّ الأصل، في تموز 1776 معاهدةَ الاستقلالِ الأميركيِّ ويُصبحَ أحدَ الآباءِ المؤسّسين للولاياتِ المتّحدة الأميركيّة، أعلن سنةَ 1760 بفَخرٍ وتباهٍ، وهو يُحيِّي الانتصارَ في معركة "الذئب" في سهول أبراهام الأميركية: "أنا بريطاني". لكن ما لَبِثَ أن تخلّى عن جِنسيّتِه البريطانيّةِ وآمَن في وجدانه العميقِ بـأن أميركا صارت دولةً قائمةً بذاتِها، وعلى كل ساكنٍ فيها أن يَنسى أصولَه الأولى ويَضع عليها خطًّا أحمرَ قوميًّا لبناءِ الولاياتِ المتّحدة. ومنذ أن اعترف بالولاياتِ المتحدة الأميركيّة وطنًا نهائيًّا، أصبح ولاؤه الكاملُ "النهائيُّ والثابتُ" لبلدِه الجديد.
الاعترافُ بــ"لبنان وطنًا نهائيًّا" ليس مجرّدَ إقرارٍ سياسيٍّ لتمريرِ تسويةٍ دستوريّة لم يقْبلها حزبُ الله وسواه. هو شعورٌ فرديٌّ وجَماعيٌّ يَسكنُ وِجدانَنا ومشاعرَنا ولاوَعْيَنا أكان مذكورًا في الدستور أم غيرَ مذكور، وينتفض تلقائيًّا تجاه أيِّ خطرٍ يَتعرّضُ له لبنان. وهو شعورٌ استقلالي يَقطعُ الولاءَ نهائيًّا للبنان عن مواصلةِ الولاءِ لأصولِ غابرِ الزمانِ وأعراقٍ وقوميّاتٍ بائدة. أن أكونَ لبنانيًّا لا يعني الانغلاقَ على حضاراتِ الآخَرين وثقافاتِهم شرقًا وغربًا، فالإنسانُ أصبحَ مواطنًا عالميًّا. ولا يَعني بالمقابِل التَذرَّعَ بالانتماءِ إلى المحيط لتبريرِ الولاءِ له أو التواطؤِ معه مثلما يَحصُلُ بين جماعاتٍ لبنانيّةٍ وعددٍ من دولِ الـمِنطقة وكأنَّ لا استقلالَ ولا ميثاقَ ولا "طائفَ"، وكأنَّ الاعترافَ بلبنان بالنسبة للبعض كان مناورة للحصولِ على تعديلاتٍ دُستوريّة.
السلوكُ السياسيُّ لجماعاتٍ لبنانيّةٍ، إسلاميّةٍ ومسيحيّةٍ، لا تُشير إلى أنه من وحيِ الاعترافِ بأنَّ لبنانَ وطنُها النهائيّ. الواقعُ أنَّ تَبعيّةَ قياداتٍ وتياراتٍ مسيحيّةٍ للخارجِ أصبحت لا تَقِلُّ عن تَبعية مذاهب وأحزابٍ إسلامية، لا بل إنَّ المسلمين، وبخاصّةٍ الأحزابُ الشيعيةُ، هم وكلاءُ مُعتمدون، فيما مسيحيّوهم وكلاءُ محليّون يَكفُلُهم حزبُ الله لدى دولِ الوصايةِ والاحتلال ("النارُ أهونُ من ركوبِ العار" ــــ علي بن أبي طالب).
هذه الجماعاتُ مجتمعةً جَعلت لبنان ممرًّا لصراعات الـمِنطقة، ومقرًّا دائمًا لدولٍ أجنبيّةٍ، ومَصبَغةً لتغييرِ هُوّيتِه وقِيمِه وخصوصيّتِه. وآخِرُ دليلٍ على اللامبالاة في الاعترافِ بلبنانَ هو ما يجري حيالَ رئاسةِ الجُمهوريّة. فهل هناك أحزابٌ ونوابٌ، وغالِبيّتهم يَنتمون إلى أطرافٍ كانوا في مؤتمر الطائف، يُحبّون وطنَهم ويَعتبرونَه وطنَهم النهائيَّ يُعطلون انتخابَ رئيسِ بلادِهم من دون رَجفةِ أخلاق؟
زعماءُ وشخصيّاتٌ إسلاميّةٌ ما انتظروا سنةَ 1989 أنْ يُدْعَوا إلى مؤتمرِ الطائف أو أنْ يَطّلِعوا على وثيقةِ الطائف، وهي وثيقةٌ وطنيّةٌ، ليعترفوا بلبنان: رياض الصلح وصائب سلام وتمام سلام وشفيق الوزان وتقي الدين الصلح وسامي الصلح وكامل الأسعد وكاظم الخليل وعادل عسيران وشفيق الوزان على سبيل المثال لا الحصر، تعاطوا مع لبنان وطنًا نهائيًّا ودافعوا عن استقلالِه ضدّ جميع الّذين اعتدَوا على لبنان ودفعوا الثمن: فمنهم من هُجِّرَ ونُفيَ، ومنهم من أُبعد عن الحكم، ومنهم من قُدِّمت رؤوسُهم على طبقٍ من فِضة لسوريا، ومنهم من هُدِمت بيوتُهم كعثمان الدنا وغيره لأتهم ناصروا بشير الجميّل وانتخبوه. وأصلًا إنَّ لبنان وطنٌ نهائيٌّ قبلَ الطائفِ وقبلَ الاستقلال وقبلَ دولة لبنان الكبير. هو وطن نهائي عبرَ التاريخ ولا أحد يستطيعُ أن يلغيَه لأنه سيواجَه بما تَستلزم المواجهةُ من وسائل ناجعةٍ.
في هذا السياقِ، مسارُ الرئيسِ الشهيدِ رياض الصلح في لبنان سنةَ 1932 يُشبِهُ مسارَ بنجامين فرانكلين في أميركا. فالرياض كان يُنادي بالوِحدةِ مع سوريا وبإنشاء دولةِ سوريا الكبرى بين 1919 وأواسط الثلاثينيّات. لكن سرعان ما نَفضَ عنه ذاك المسار. وسنة 1943 لم يصبح شريكًا مؤَسِّسًا لاستقلال لبنان فقط، بل أحدَ مؤسّسيِ لبنان الجديد المستقل، ومعه صار المسلمون عنصرًا تأسيسيًّا في دولةِ لبنان. صحيحٌ أنَّ المسيحيّين أسّسوا لبنان سنة 1920، ولكنَّ المسلمين جدّدوا تأسيسَه مع المسيحيّين سنة 1943 على أساسٍ دستوريٍّ حضاريٍّ مبنيٍّ على السيادةِ والحيادِ والميثاقيّةِ والانفتاحِ والتخلّي عن مطالبِ الوِحدة مع أيِّ دولةٍ عربيّة. أمّا اليوم فنلاحظُ أنَّ َمَن يريد أن يؤسِّسَ وَحدَه لبنانَ له ولمناصريه.
ولاءُ اللبنانيّين لبلادِهم عِقدةٌ مزمنةٌ واكبَت دولةَ لبنان منذ نشوئِها وفي كل الحالات: حين كان مزدَهرًا وحين كان راكِدًا. حين كانت في أواسط القرن الماضي نِسبُ البطالةِ والفَقرِ والمجاعةِ والهِجرةِ مُنخفِضةً إلى حدِّها الأدنى، وحين أصبحت في السنوات العشرِ الأخيرةِ مرتفعةً إلى حدِّها الأعلى. ظلَّ موضوعُ الولاءِ مطروحًا بسبب تَبعيّةِ الشعبِ اللبناني لقياداتٍ وأحزابٍ رَبطت ولاءَها للبنان بالسياسةِ ومصالحِها، لا بالنموِّ والإنماءِ، ولا بالتقدّمِ والبحبوحة. الخلافُ على لبنان سياسيٌّ ودينيٌّ مذهبي وليس اقتصاديًّا ولا إنمائيًّا.
في الدول الحضارية، يضاعفُ المواطنون، وحتى المهاجرون ولاءَهم وانتماءَهم لهذه الدول حين تُوفّرُ لهم الحياةَ الراقيةَ والخدماتِ والضماناتِ وفُرصَ العملِ ولا يعودون يَهتمون إلا بشؤون دولتهم ولا يأبهون لأي دولةٍ ولا للأحداثِ الخارجيّة. ينؤون عن المشاركةِ في حروبِ الآخرين إذ يعتبرون أن التضحيةَ بحياةِ المواطنين تَكشف مدى استخفافِ بعض الجماعاتِ والعقائد الدينيّةِ بالحياة والإنسان. الحقيقة، أنَّ الحضارةَ قدمّت للإنسانِ مجموعةَ خِياراتٍ سلميّةٍ لا تُحصى لحلّ الأزماتِ والخلافاتِ بين الأفرادِ والجماعاتِ، منها الوحدةُ الحقيقيةُ والانفصال والطلاق والمصالحة، لكيلا يُهرول فورًا إلى الحربِ والقتال.
القاضي جون مارشال (1755 ـــــ 1835) رابعُ رئيسٍ للمحكمةِ الأميركيّةِ العليا خيّر الهنود في أميركا بين الانتماءِ إلى قبائِلهم التي كانت تُشكِّلُ أممًا هنديّةً قائمةً بذاتها، وبين الانتماءِ إلى المجتمعِ الأميركي ليصبحوا أميركيّين. حَسْبنا نحن اللبنانيّين أننا تخطينا هذه الحدود، ولم يعُد عندنا هنودٌ سوى العاملين مكان اليد العاملة اللبنانيّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعترافُ بلبنانَ فعلُ إيمانٍ لا تَسوية الاعترافُ بلبنانَ فعلُ إيمانٍ لا تَسوية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:37 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

البابا من بيروت يدعو إلى لبنان موحد ونزع السلاح من القلوب
المغرب اليوم - البابا من بيروت يدعو إلى لبنان موحد ونزع السلاح من القلوب

GMT 18:39 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية
المغرب اليوم - بوتين يستفيد من أوراق قوة متزايدة أمام خطة السلام الأميركية

GMT 00:17 2025 الأربعاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم
المغرب اليوم - ترامب يحذر أي دولة تهرب المخدرات إلى أميركا من التعرض للهجوم

GMT 23:00 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع
المغرب اليوم - علامات تشير إلى أن التوتر لديك أعلى مما تتوقع

GMT 01:58 2025 الأربعاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

قبل أروى جودة فنانات مصريات تزوجن من أجانب
المغرب اليوم - قبل أروى جودة فنانات مصريات تزوجن من أجانب

GMT 17:24 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

رفض إيرانيات ارتداء الحجاب يثير جدلاً في البرلمان والقضاء
المغرب اليوم - رفض إيرانيات ارتداء الحجاب يثير جدلاً في البرلمان والقضاء

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 03:10 2017 الإثنين ,13 شباط / فبراير

ياسر جلال يبدأ تصوير مسلسله الجديد "لعبة الصمت"

GMT 16:48 2014 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رحلة فاخرة تعبر بك أغوار القطب الجنوبيّ

GMT 13:51 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

تسريحات للشعر الخفيف تمنحه حجمًا كثيفًاً

GMT 01:05 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مُحتجّة عارية الصدر تركض نحو موكب الرئيس الأميركي في باريس

GMT 09:25 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

مواصفات "نيسان ليف" السيارة الكهربائية الأكثر مبيعًا

GMT 07:35 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

المتحف البريطاني يرمم جمجمة عُثر عليها في أريحا عام 1953

GMT 00:10 2016 الخميس ,24 آذار/ مارس

علاج القولون العصبي الأكثر فاعلية

GMT 05:53 2025 الأربعاء ,03 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الأربعاء 03 سبتمبر/ أيلول 2025
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib