الثابت الوحيد ايران دولة طبيعية ام لا

الثابت الوحيد... ايران دولة طبيعية ام لا

المغرب اليوم -

الثابت الوحيد ايران دولة طبيعية ام لا

خير الله خير الله
بقلم : خيرالله خيرالله

 

ثمة أمور كثيرة يمكن الربط في ما بينها في ظلّ مزيد من الكلام عن احتمال وارد هو التوصّل الى اتفاق أميركي – إيراني في شأن الملف النووي لـ"الجمهوريّة الإسلامية" مطلع الشهر المقبل. من بين هذه الأمور انباء مصدرها وسيلة اعلام إسرائيلية عن قرب عودة العلاقات الديبلوماسيّة بين المملكة العربيّة السعودية وايران. كذلك، هناك ربط بين سماح "حزب الله" بعقد جلسة للحكومة اللبنانيّة، التي يرأسها نجيب ميقاتي، من اجل "مناقشة إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي" من جهة والانفراج الأميركي – الإيراني من جهة اخرى.

كان الحزب، الذي يمون على حركة "امل" الشيعية، مصرّا في الماضي القريب على تعطيل عمل الحكومة في حال لم يجر "قبع"، أي اقتلاع، القاضي طارق بيطار المكلف ملفّ تفجير مرفأ بيروت. كان استمرار هذا التحقيق بشكل طبيعي، بعيدا عن التفاصيل التي تلهّى بها القاضي، سيؤدي الى كشف من خزّن نيترات الامونيوم في احد عنابر مرفأ بيروت طوال سنوات وجهة استخدام هذه المادة في صنع البراميل المتفجرة التي كان يلقي بها النظام السوري على شعبه بغية اخضاعه. في الواقع، لم "يُقبع" القاضي بيطار بعد، لكنه جرى بطريقة او بأخرى تعطيل مهمّته ولن يتمكن من اصدار قرار ظنّي في جريمة تفجير مرفأ بيروت. مثل هذه الصيغة تساعد في جعل جمهور "حزب الله" يبتلع افراجه عن قرار يقضي بعودة الحكومة اللبنانيّة الى الانعقاد في وقت عمّ البؤس كل لبنان، بكل طوائفه ومناطقة، بما في ذلك المناطق الشيعيّة.

تظلّ هذه الأمور في باب الافتراضات والتحليلات السياسيّة في وقت يبدو واضحا ان وضع ايران في اليمن لم يعد كما عليه في الماضي. فقدت "الجمهوريّة الاسلاميّة" القدرة على المبادرة في ضود الهزائم التي لحقت بأداتها المحليّة في محافظة شبوة المجاورة لمأرب التي استطاعت قوات "العمالقة" تطهيرها من الحوثيين (جماعة "انصار الله"). لم تستطع ايران الذهاب الى النهاية في استخدام الحوثيين في تثبيت وضع دائم في اليمن عن طريق السيطرة على مدينة مأرب ذات الاهمّية الاستراتيجية. بكلام أوضح، لم تستطع ايران، اقلّه الى الآن، إقامة كيان سياسي قابل للحياة في اليمن، كيان يدور في فلكها، يمتدّ من مأرب الى ميناء الحديدة مرورا بالعاصمة صنعاء التي تسيطر عليها منذ 21 أيلول – سبتمبر 2014.

يبقى الثابت، بعيدا عن الربط بين أمور معيّنة مثل عودة العلاقات بين السعودية وايران، وهو ربط قد يكون في محلّه او قد لا يكون، انّ السؤال الذي سيطرح نفسه في نهاية المطاف هل تريد ايران ان تعود دولة طبيعيّة ام لا؟ معنى ذلك، بالعربي الفصيح، هل "الجمهوريّة الاسلاميّة" قادرة على التخلّي عن اوهامها، في مقدّمها وهم دور القوّة الإقليمية المهيمنة ودور تصدير الثورة وتصدير نموذج آخر الى جيرانها، نموذج لا ارتباط له بغير البؤس والميليشيات المذهبيّة؟

لن يكون من معنى لأي اتفاق بين ايران والولايات المتحدة، يتم التوصل اليه في فيينا او في اماكن أخرى تجري فيها محادثات سرّية مباشرة بين إيرانيين واميركيين، من دون معالجة جذرية للموضع الاهمّ المتمثل في سلوك ايران خارج حدودها. هذا كلّ ما في الامر. البقية تفاصيل لا اكثر في اطار اكبر. إنّه اطار يشمل ما الذي ستفعله "الجمهوريّة الاسلاميّة" بالأموال التي ستحصل عليها في حال الغاء بعض العقوبات الأميركية. ليس سرّا ان من الصعب إزالة كلّ العقوبات الاميركيّة دفعة واحدة. مثل هذه المسألة في غاية التعقيد في بلد مثل الولايات المتحدة حيث لا تستطيع الإدارة، مهما كانت قويّة، تجاوز الكونغرس بمجلسيه (مجلس الشيوخ ومجلس النواب). توجد في الكونغرس مجموعات تنتمي الى الحزبين الديموقراطي والجمهوري ترفض أيّ تساهل مع ايران. يضاف الى ذلك أدوات الضغط الإسرائيلية على الإدارة.

من الواضح أنّ الإدارة الاميركيّة، على الرغم من كلّ العاهات التي تعاني منها، بما في ذلك تولّي روب مالي الملفّ الإيراني، لن تقبل الاستسلام لإيران ولشروطها. حسنا، هناك إدارة جو بايدن التي يؤمن عدد لا بأس به من النافذين فيها، بمن في ذلك الرئيس نفسه، بأنّ دونالد ترامب اخطأ عندما مزّق في العام 2018 الاتفاق الذي وقّع صيف العام 2015 بين مجموعة الخمسة زائدا واحدا و"الجمهوريّة الاسلاميّة" في شأن الملفّ النووي الإيراني. لكنّ هذا كلّه ليس كافيا لافتراض ان اتفاقا جديدا سيعني العودة الى اتفاق 2015 من دون تعديلات تأخذ في الاعتبار ما تغيّر في العالم. ما تغيّر ان "الجمهوريّة الاسلاميّة" استخدمت الأموال التي أفرجت عنها إدارة باراك أوباما لدعم مشروعها التوسّعي العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ليست ايران في السنة 2022 مشروعا نوويا، أي مشروع التحوّل الى دولة نوويّة، فقط. صارت اكثر من ذلك بكثير بفضل صواريخها الباليستية وطائراتها المسيّرة وادواتها المتمثلة في ميليشيات مذهبيّة موجودة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. كان يمكن لهذه الميليشيات ان تهدّد بلدا مسالما مثل مملكة البحرين أيضا.

توجد افتراضات كثيرة، لكنّه يوجد ثابت واحد. الثابت الوحيد يختزله سؤال هل تستطيع ايران ان تكون دولة طبيعية ام لا؟ الجواب انّ الإجابة عن مثل هذا السؤال في غاية الصعوبة. يعود ذلك الى سبب واضح. يمثّل هذا السبب في ان النظام الإيراني فشل داخليا على كلّ صعيد. النجاح الداخلي الوحيد الذي حقّقه كان في مجال قمع الشعب الإيراني. مشكلة هذا النظام انّه لا يستطيع البقاء على قيد الحياة من دون تصدير ازماته الداخليّة الى خارج حدوده. ما العمل عم مثل هذا النظام الذي لا يعرف أنّ ليس امامه سوى التعاطي مع الواقع. الواقع هو الاقتصاد ولا شيء آخر غير الاقتصاد. لا يمكن لايّ دولة لعب دور خارج حدودها من دون اقتصاد قوي. لا تستطيع "الجمهوريّة الإيرانية" ان تشذّ عن هذه القاعدة لا اكثر ولا اقلّ. هل من مجال لاقتناع "الجمهوريّة الاسلاميّة" بذلك؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثابت الوحيد ايران دولة طبيعية ام لا الثابت الوحيد ايران دولة طبيعية ام لا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib