غزة ونهاية «تفويت الفرص»

غزة ونهاية «تفويت الفرص»

المغرب اليوم -

غزة ونهاية «تفويت الفرص»

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

للحقيقة وللتاريخ، فقد بذلت الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية بقيادة السعودية، الغالي والنفيس لإيجاد مخرجٍ حقيقيٍ للقضية الفلسطينية، توالت على ذلك أجيالٌ من القيادات السياسية توارثت جميعها هذا الموقف المؤيد للقضية والباحث لها عن حلولٍ حقيقية وواقعيةٍ، وكانت المشكلة تكمن في أن ممثلي الفلسطينيين كانوا دائماً يأتون متأخرين بخطواتٍ عن الواقع السياسي والحراك العالمي لتأخرهم في فهم توازنات القوى، ولهذا فيمكن تسمية تاريخ القيادات الفلسطينية الحديث بتاريخ تفويت الفرص.

لا أحد يذكر هذا التاريخ من تفويت الفرص أكثر من الشعب الفلسطيني نفسه، وهو الذي عانى طويلاً أكثر من أي شعبٍ آخر في العصور الحديثة، لا بسبب قوة إسرائيل وتحالفاتها، بل بسبب اختطاف قضيته مراراً وتكراراً تحت أسماء مختلفة وشعاراتٍ متعددة وولاءاتٍ لقياداتها لبعض الجمهوريات العسكرية العربية التي كان يحارب بعضها بعضاً باسم فلسطين وببندقية فلسطينية ميليشيوية يوجهها لخصومه، وضاعت القضية الحقة بين مطامع ومطامح قياداتها وبين الخدمات التي تقدمها تلك القيادات للجمهوريات العربية المتصارعة مثل الصراع العراقي السوري، وبين المطامع والمطامح التي أصبحت تقدمها في مرحلةٍ لاحقةٍ حين توجهت البوصلة إقليمياً لمحور «المقاومة» أو «محور الأصولية».

اليوم لدى الشعب الفلسطيني فرصةٌ تاريخيةٌ حقيقيةٌ للانعتاق من عنق الزجاجة الذي أبقته فيه قياداته وتياراته عقوداً من الزمن لم يكن يستحق مثلها، حتى وصل الحال بأن يجعل فصيلٌ واحدٌ «حماس» كل الشعب الفلسطيني في غزة قرباناً لطموحات الدول الإقليمية «أصولياً» و«طائفياً» وأن يجعل ما جرى فيها وبالاً لا على الفلسطينيين فحسب، بل إن يكون شراً مستطيراً يهدد أولئك الذين ظنوا أن استخدام دماء الفلسطينيين باسم الإسلام و«المقاومة» و«الممانعة» و«الأصولية» سيقيهم من ساعة الحسم، ويمنع عنهم المواجهة الحقيقية مع العالم.

أغلب المساعدات للشعب الفلسطيني وسلطته كانت دائماً وأبداً تأتي من دول الخليج العربي، وهي اليوم أكثر بكثيرٍ مما مضى، وفي حال الابتعاد عن الشعارات الجوفاء والأيديولوجيات الحمقاء، قومياً و«بعثياً» و«أصولياً» و«طائفياً»، فإن من الممكن إيجاد حلٍ سياسيٍ حقيقيٍ، ثابتٍ ومستقرٍ، يسمح بالحياة والتطور والتنمية، ولا يجعل الشعب الفلسطيني مشروع موتٍ وفناءٍ يحاول التغطية عليه بالشعارات والأيديولوجيات.

السعودية والإمارات ودول الخليج جميعاً تؤيد «حل الدولتين» و«المبادرة العربية» كلٌ بطريقته، وقد باتت السعودية اليوم تسعى لبناء تحالفٍ دوليٍ داعمٍ للقضية الفلسطينية، وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف باتت تخسر أكثر مما تكسب دولياً، واللجنة الوزارية الساعية إلى الوصول إلى «رام الله» ما يئست ولا تراجعت على الرغم من الرفض الإسرائيلي، والعلاقات بين رئاسة الرئيس الأميركي ترامب وبين اليمين الإسرائيلي في الحكومة باتت تتأرجح وتشهد تعقيداتٍ متتالية، وبكل صدقٍ، فمن لا يحسن الانضمام إلى المستقبل والتقدم سيبقى في وهاد التخلف وصراعات المستحيل.

لا عهد لإسرائيل بهذا النوع من الخصومة السياسية، فقد اعتادت إسرائيل على مواجهة «الشعارات» القومية والإسلاموية و«المزايدات» الطائفية والأصولية، ولكنها لم تواجه مثل ما تواجهه اليوم من دولٍ خليجيةٍ ناجحةٍ اقتصادياً وتنموياً بشكل أذهل العالم، وتتمتع بعلاقاتٍ متوازنةٍ مع كل القوى العظمى في العالم، من الصين وروسيا إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، ثم إنها تتمتع برؤيةٍ سياسيةٍ ناضجةٍ لمستقبل المنطقة والعالم، وهي تتعاون مع العالم كله في مجالات الطاقة والتجارة والأمن.

أخيراً، فسياسات هذه الدول في القضية الفلسطينية تقودها الواقعية السياسية وحسابات المصالح المحضة للشعب الفلسطيني بلا شعاراتٍ ولا مزايداتٍ وهو نمط من المواجهة لم يعتده صانع القرار الإسرائيلي من قبل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة ونهاية «تفويت الفرص» غزة ونهاية «تفويت الفرص»



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib