الكويت ولاية العهد والرهان على التنمية

الكويت... ولاية العهد والرهان على التنمية

المغرب اليوم -

الكويت ولاية العهد والرهان على التنمية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

جدل الديمقراطية والتنمية جدلٌ ما زال واسعاً والآراء حوله متباينة، ومثل أي جدلٍ فمواقف الناس منه تتوزع على طول المسافة بين الحدّين، والديمقراطية المقصودة هي النموذج الغربي الذي صُنع وتطوّر عبر قرونٍ من الزمن في السياق الحضاري الغربي، وليس النسخ المشوهة منه حول العالم والتي كانت مدعاةً للسخرية في بعض نماذجها، مثل أفغانستان.

هذا الجدل له نموذج كويتي خاص يختلف عن جيران الكويت، وبقرارات الأمير مشعل الأحمد ثبت أنه نموذجٌ تم التلاعب به، فأصبحت الديمقراطية معوّقاً للتنمية، ومهدداً لاستقرار البلاد وأمنها، وهو أمرٌ لطالما حذر منه مراقبون مطلعون على تفاصيل المشهد الكويتي، وما كان يجري فيه من مزايداتٍ لا تمت للديمقراطية بصلة، في تفاصيل طويلة.

ولاية العهد في الكويت ذهبت للشيخ صباح الخالد الصباح، بتزكيةٍ مباشرة وبأمرٍ أميريٍ من أمير الكويت الذي يقود خطةً إصلاحيةً كبرى للكويت دولةً وشعباً، وقد انعقدت آمال الكويتيين على رؤية الأمير وإجراءاته الإصلاحية ورؤيته المستقبلية لتجاوز كل معوقات الماضي وإكراهات الحاضر.

بسبب منصب «ولاية العهد» تصاعدت الصراعات واحتدمت النزاعات في السنوات الماضية، ووصلت إلى حد لم يستطع أمير الكويت السكوت عنه، وقال صراحةً: «وصل التمادي إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها»، فأصدر قراراته التاريخية وقام بخطواته الإصلاحية لبناء حاضر ومستقبل الكويت، فعلق بعض مواد الدستور، وأمر بحلّ مجلس الأمة، وفرض الاستقرار والأمن، وشرع في ترتيب البيت الداخلي بحزمٍ وأناةٍ.

ولي العهد الشيخ صباح الخالد الصباح مشهودٌ له بالنزاهة ونظافة اليد ونبذه للفساد بكل أشكاله وأنواعه، و«صاحب الثوب الأبيض»، كما هو تعبير أمير الكويت الأسبق الشيخ صباح الأحمد، وهو لم يتورط في أي صراعاتٍ داخلية أو خارجية، وقبل هذا وبعده فهو سبق له أن تسنم مناصب عليا أكسبته خبرةً إداريةً وسياسيةً في إدارة الكثير من الملفات المعقدة، وهو رأس الحكومة الكويتية أربع مراتٍ في السنوات الأخيرة، فهو - كما يؤكد الكثيرون - الرجل المناسب في المكانة المناسبة زماناً ومكاناً.

بحزمٍ ورؤيةٍ استجاب أمير الكويت لطموحات شعبه الذي عانى طويلاً من الفوضى التي سببتها صراعاتٌ على النفوذ والسلطة، ونزاعاتٌ على الأموال العامة، ونهبٌ منظمٌ لها، وتضخمٌ للطائفية والأصولية والقبلية على حساب المواطنة والدولة نفسها. ويكتب المخلصون من نخب الكويت الحقيقية اليوم استناداً إلى رؤية أمير البلاد نقداً مهماً وصريحاً لمراحل سابقة من تاريخ الكويت الحديث، وهي كتاباتٌ جديرةٌ بالاطلاع والتعميق.

بعض المنظمات الفلسطينية التي كانت تقوم بعمليات إرهابية كانت تنطلق من الكويت، وجماعة «الإخوان المسلمين» فرع الكويت كانت منطلقاً لتأسيس فروعٍ في دول الخليج العربي، وحين خرجت تنظيمات العنف الديني كتنظيمَي «القاعدة» و«داعش» وجدت في الكويت منطلقاً لأعمالها، وحين خرجت الرؤى الإصلاحية الكبرى في بعض دول الخليج في السنوات الأخيرة، كان الهجوم على هذه الرؤى ينطلق من الكويت إن بشكلٍ مباشرٍ وإن بشكلٍ مبطنٍ، وكل هذا أصبح ينطلق نقده من أقلامٍ كويتية رائدة تمتلك ناصية الفكر والوعي.

بالشفافية والنزاهة وبتطبيق القوانين بشكل صارمٍ تتَّجه الكويت لتحقيق تنمية غير مسبوقةٍ بعد عقودٍ من المعاناة بسبب التعثر التنموي شبه الدائم مقارنةً بشقيقاتها في دول الخليج العربي التي خطت خطواتٍ كبرى باتجاه التنمية والتقدم والرقي. وتشغيل «مصفاة الزور» بشكل كاملٍ مع كل إمكاناتها لخدمة الاقتصاد الكويتي يمثل نموذجاً لما يمكن أن يحدث في غيرها من المشاريع المعطلة، فضلاً عن المشاريع الجديدة التي سيتوالى انطلاقها وفقاً لرؤية أمير البلاد. وتغيير اسم «حسن البنا» من أحد الشوارع يعطي دلالةً سياسيةً مهمةً في هذا السياق.

«الديمقراطية» قد تتشوه كمفهومٍ وكتطبيقٍ، والجدل الفلسفي والعملي حولها لم ينتهِ ولن ينتهي، وكما أن الديمقراطية تعرضت لنقدٍ واضحٍ حول تطبيقاتها في الكويت من الشيخ مشعل الأحمد نفسه؛ فإنَّ العديد من نماذجها ظلَّت محلَ نقدٍ دائمٍ ومتكررٍ، كما جرى في أفغانستان بعد 2001، وكما يجري في بعض الدول الكبرى في المنطقة من أشكالٍ تشبه الديمقراطية وإن كانت شكلاً بلا مضمون.

أكبر وأشهر وأنجح النماذج الديمقراطية في العالم هو النموذج الأميركي، ومع صعود اليسار الليبرالي هناك قبل سنواتٍ ليست بالقصيرة وردة فعل اليمين، أصبح المشهد السياسي في أميركا محل نقدٍ وسخريةٍ وتلاعبٍ بالمؤسسات والمبادئ والمفاهيم، وصراع بايدن وترمب على الانتخابات المقبلة مجرد مثالٍ.

الديمقراطية فرعٌ عن «الحرية»؛ ذلك أن الحرية مفهومٌ أشمل وأوسع نطاقاً من الديمقراطية، وقد تحدث في نقدها فلاسفة كبار ومفكرون معروفون.

أخيراً، فكل الأماني للكويت قيادةً وشعباً بنجاح التجربة التنموية الجديدة، وأن ترسو على برّ الأمان وتتَّجه للمستقبل الأزهى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت ولاية العهد والرهان على التنمية الكويت ولاية العهد والرهان على التنمية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم
المغرب اليوم - اسرائيل تعتمد خطة من ثلاث مراحل للهجوم على مدينة غزة

GMT 19:33 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان تعلنان شراكة دفاعية استراتيجية
المغرب اليوم - السعودية وباكستان تعلنان شراكة دفاعية استراتيجية

GMT 22:13 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

"الرجاء" يخصص ملعب نجم الشباب لمنح بطاقات الاشتراك

GMT 09:54 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

طبيعة علاقة الأحفاد بأجدادهم تحدد مواقفهم من كبار السن

GMT 02:04 2016 الأربعاء ,08 حزيران / يونيو

زيت كبد سمك القد و السكري Cod Liver Oil

GMT 12:38 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

العجلاني يحذر المغاربة من الاستخفاف بمنتخب إيران

GMT 08:29 2016 الثلاثاء ,02 آب / أغسطس

العاهل المغربي والانتخابات

GMT 08:42 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

3 سيناريوهات تنقذ أنجيلا ميركل من أزمة إنقاذ المصير

GMT 13:59 2014 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بر جدة تكرم 70 يتيمًا نظير تفاعلهم مع أنشطة دار الفتيان

GMT 12:02 2016 الأحد ,10 تموز / يوليو

ميني كيكه التمر بصوص الحلاوه الطحينيه

GMT 00:11 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

العربي القطري يرغب في التعاقد مع لاعب الزوراء إبراهيم بايش

GMT 00:45 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

بدر بانون وجواد الياميق يلتحقان بتدريبات الرجاء

GMT 08:22 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قصي خولي لم يكشف كواليس الحادث الذي تعرض له أخيرًا

GMT 13:30 2013 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

بركان ينفجر في روسيا ويقذف حممه بارتفاع 200 متر

GMT 22:58 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

اكتشاف صدع عملاق نادر في صحراء أريزونا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib