السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة
زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين أردوغان يعلن دخول تركيا مرحلة جديدة في جهود إنهاء عنف حزب العمال الكردستاني
أخر الأخبار

السودان: نهاية الصحوة والأفكار الملغومة

المغرب اليوم -

السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

السودان يتقلب على جمر الفوضى وخطر الحرب الأهلية، والفوضى عنوان عريض لما يجري هناك، وكثير من الدول والمراقبين والمحللين لا يمتلكون رؤية واضحة لما جرى ويجري، وهذا الغموض يشير لاحتمالية حدوث شيء ما في الخفاء، ولا أحد يريد الحديث عنه، أو لا يمتلك معلومات دقيقة تجاهه.
من التعامي عن الحقائق والانسياق خلف الأوهام أن يصمت الكثيرون عن الإرث الأصولي الثقيل في السودان، فالسودان بلدٌ له قصة طويلة مع الأصولية والإسلام السياسي، فمنذ منتصف الثلاثينات الميلادية تقريباً فكر مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا في إنشاء فروع خارجية للجماعة خارج مصر، وفي الأربعينات تم إنشاء قسم الاتصال بالعالم الخارجي، أو مكتب الاتصال بالعالم الإسلامي الذي تطور لاحقاً لما بات يعرف بـ«التنظيم الدولي».
أحد أشهر العاملين في ذلك القسم كان يوسف القرضاوي الذي قال في كتابه «ابن القرية والكتاب» شارحاً لعمل هذا القسم: «وكنت أعمل في قسم الاتصال بالعالم الإسلامي، وهو قسم أنشأه الإخوان ليهتم بقضايا العالم الإسلامي مشرقه ومغربه، ويجمع معلوماتٍ عنها، ويتصل بالجهات المؤثرة فيها»، وفي نهاية الأربعينات بدأت طلائع الطلاب المتأثرين بجماعة الإخوان المسلمين تصل إلى السودان.
في الخمسينات تطور هذا الحضور «الإخواني»، وأصبح حضوراً منظماً تحت مسميات مختلفة ورموز متعددة، وصولاً إلى لحظة الانقلاب الإخواني العسكري الذي قاده عمر البشير وحسن الترابي، فحكمت الحركة الأصولية السودان وتغلغلت في كل مناحي الحياة فيه، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبنيت أجيالاً سودانية على أفكار أصولية إخوانية، حيث سيطروا على التربية والتعليم، وخرجوا في كل المجالات أجيالاً متعاقبة على مدى 3 عقود كاملة.
في 2018، أسقط الحكم الأصولي في السودان بانقلاب عسكري قاده البرهان من الجيش وحميدتي من الدعم السريع، وأودع عمر البشير السجن ومعه بعض القيادات، وقيل إن «الحركة الأصولية» و«الإسلام السياسي» قد انتهى في السودان، وبدأت البلاد مرحلة جديدة.
لا يسعف منطق التاريخ، ولا تساعد طبيعة البشر والمجتمعات، في بناء أي توجهٍ فكريٍ مقنعٍ بأن الحركات الآيديولوجية المنظمة يمكن أن تتبخر بين عشية وضحاها، أو أن انهيار نظام سياسي يلغي ثلاثين عاماً من عمله الفكري والآيديولوجي في مؤسسات الدولة والمجتمع، المدنية والعسكرية، بل على العكس من ذلك، فكل العلوم الحديثة تؤكد أن الأفكار لا تموت سريعاً، ولا تنقرض بسبب انقلابٍ عسكري.
«نهاية الصحوة» أو نهاية «الإسلام السياسي» حركاتٍ وتنظيماتٍ، خطابٍ ومبادئ وآيديولوجيات، هي أطروحةٌ فكرية وسياسية متداولة لدى البعض في العالم العربي لأسباب متعددةٍ، ولكنها أطروحةٌ مهترئةٌ لا تثبت لأي معيارٍ علميٍ أو مقياسٍ واقعيٍ، فهي أقرب إلى اللغو منها إلى العلم، وانتشارها يتفق مع انتشار ما سماه كاتب هذه السطور قبل سنواتٍ بـ«التفاهة الممنهجة».
ما يجري في السودان اليوم دليل على أن بعض الأفكار الخطرة قد تكون ملغومة وقد تكون قاتلة؛ ملغومةً لأنها تنتظر اللحظة المناسبة لتنفجر، وقاتلة لأنها قادرةٌ على خلق الفوضى وإحياء العنف وضرب الجهات المسلحة ببعضها البعض، وبحكم آيديولوجيتهم وتاريخهم، فإن عناصر الإسلام السياسي لا يقيمون وزناً لحياة البشر ولا لحرمة الدماء، بل يعتقدون أن صناعة الفوضى والثورات الدموية والانقلابات المسلحة جزء من الجهاد في سبيل الله.
قيل للسودانيين ما يقال لغيرهم من قبل ومن بعد، من أن الصحوة انتهت و«الإسلام السياسي» جماعات وأحزاباً وتيارات قد لفظ أنفاسه الأخيرة وانتهى إلى الأبد، وصدقهم بعض السودانيين لا كلهم، ويدفع السودان اليوم ثمن تصديق مثل هذه «الأفكار الملغومة».
قيل لهم - أيضاً - إن تنظير جماعات الإسلام السياسي ومبادئهم ومفاهيمهم وتنظيماتهم المستمرة منذ ثمانين عاماً قد تبخرت وتلاشت، وقيل لهم إن الحركة الإسلامية القديمة في السودان والحاكمة منذ ثلاثين عاماً قد انقرضت وأصبحت أثراً بعد عين، وصدقهم البعض لا الكل في غفلة عن قوانين التاريخ ونواميس الاجتماع البشري.
قيل لهم إن من يشكك في «نهاية الصحوة» و«جماعات الإسلام السياسي» إنما هو «مأزوم» و«متحامل» و«شكاك»، وكل الأدلة التي يسردها فكرياً وفلسفياً، واقعياً وتاريخياً، لا قيمة لها وهي تنظير فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع. وصدقهم البعض لا الكل للأسف الشديد، ويا حسرة على العقول في زمن التفاهة الممنهجة.
إن «الصحوة» ذات قرون، وليست نطحةً أو نطحتين كما جاء في الأثر، والتقليل منها ومن آثارها يخلف مثل هذا الموت والقتل والدماء، ويخلق مثل هذه الفوضى والحرب الأهلية، والسعيد من وعظ بغيره وتيقظ ليومه ومستقبله.
الظواهر البشرية لا يمكن تفسيرها بعاملٍ وحيدٍ، والتركيز على «الجانب الأصولي» مما يجري في السودان إنما هو لإبراز «المسكوت عنه»، وإعادته لمعادلات المشهد المعقد؛ لأن الجميع يبدو متفقاً على اطّراحه جانباً، مع التذكير بأن الدول التي استثمرت في «الربيع الأصولي» الذي كان يسمى زوراً «الربيع العربي» قبل عقدٍ من الزمن إقليمياً ودولياً، ما زالت موجودة وفاعلة وقوية، وتمتلك الكثير من الأدوات السياسية والآيديولوجية والمالية والإعلامية، ومن استثمر عقوداً في جماعاتٍ وأحزابٍ ورموزٍ سياسيةٍ لا يعقل أن يتخلَّى عن استثماراته ونفوذه وقوته ومصالحه من دون مقاومة، والعهد قريب والذاكرة حية.
في زمن «التفاهة الممنهجة» يصبح نقد الأفكار والتوجهات مجرد موضةٍ فكرية،ٍ وطفرةً سوشلية يحسب المشاركون فيها أن الأفكار والمبادئ والجماعات والأحزاب والآيديولوجيات والعقائد يمكن أن تنتهي بتغريدة أو منشورٍ أو مقطع فيديو، وأن «الهاشتاق» أو «الترند» اليومي السريع يمكن أن يقضي على «تربية المحاضن»، و«تجنيد الأجيال» و«بناء الأدمغة» الذي استمر لعقودٍ من الزمن، ومن يفكر بهذه الطريقة حريٌ بالهزيمة النكراء؛ لتجاهله العلوم المتكاثرة وطبائع البشر المستقرة وخطورة الأفكار.
خلْق الفوضى داخل السودان وبين القوات العسكرية فيه يفتح المجال للتدخلات الخارجية، إقليمياً ودولياً، والدول تبعٌ لمصالحها حيث لا عواطف ولا مشاعر آنيةٍ، وإنما مصالح دائمة، ومن الطبيعي أن تعمل كل دولةٍ وفق رؤيتها ومصالحها وعلاقاتها المستقبلية مع بلدٍ بحجم السودان ومنطقة بحجم شرق أفريقيا.
أخيراً، فالقارئ الحصيف يحسن ربط الجدالات الفكرية بالأحداث الواقعية، وقوة الفكر والتحليل تمتحن حين تسخن الأحداث وتتعقد المشاهد، ويبقى الأمل في أن يخرج السودان من أزمته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة السودان نهاية الصحوة والأفكار الملغومة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 23:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير
المغرب اليوم - نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib