التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

المغرب اليوم -

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

التفاهة الممنهجة مصطلح يستخدمه كاتب هذه السطور منذ سنواتٍ للتعبير عن ظاهرة عالمية تمثلت في وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات، وأنها تعبر عن فقدان البوصلة وتشتت الوعي وانقلاب الموازين، بحيث يصبح المتلقي منظّراً، والجاهل معلماً، والتافه مؤثراً، وفي الحديث النبوي «الرويبضة، التافه يتحدث في أمر العامة».
وكالعادة فالظواهر تتطور، وتصبح لها أطرافٌ وتنوعات، وفي وسط هذه التفاهة الممنهجة أصبحت الكيانات الحقيقية في المجتمعات تستخدمها، وكذلك التيارات والجماعات، كلٌ لأهدافه وغاياته.
تختلف الدول وتتناقض التيارات، ولكنها محكومة بأدوات الصراع المعتبرة، كلٌ في مجاله، دبلوماسياً كان أو فكرياً، ولكن الذي يجري اليوم هو أن توجهات القلة يمكن لها أن تسبب أزماتٍ بين الدول، ويمكن أن يستغل المغرضون الخارجيون ذلك لضرب الدول المتحالفة، أو التكتلات الإقليمية، أو إثارة النعرات في المجتمعات، أو تهييج العامة باتجاه الاحتجاجات والاضطرابات والثورات كما جرى في ما كان يعرف زوراً بالربيع العربي وهلمّ جرّا في سلسلة لا يمكن التحكم بمخرجاتها وآثارها حتى على من يعتقد أنه ممسكٌ بزمامها يوجهها كيف يشاء.
التفاهة الممنهجة أضرارها لا تقتصر على السياسة، بل هي مضرةٌ بكل مجالٍ، في الاقتصاد والثقافة كما في العلم والإعلام، فقد أصبح الناس لا يميزون بين المواقف المعلنة ولا الطروحات المنشورة، فربما خرجت مجموعة من الأطفال لتناظر أطباء محترفين في أدق مسائل الطب، وربما تفتقت أذهان بعض العوام عن نظرياتٍ تهدم أسَّ العلوم الإنسانية المعقدة والمحكمة في نفس الوقت، وتتوالى الآثار المدمرة.
التأثير في هذه الوسائل قد يكون من تافهٍ فردٍ يتحدث في أمر العامة، وقد يكون من خلايا تنظيمية لتياراتٍ وجماعاتٍ سياسيةٍ أو تجاريةٍ أو غيرها، وقد يكون من خلايا إلكترونية منظمة لهذه الدولة أو تلك، أو لهذا الحزب أو ذاك، وقد يستخدمها المتنافسون ضد بعضهم، تجارياً أو ثقافياً أو علمياً أو رياضياً أو في غيرها من المجالات، فهي ساحةٌ بلا زمامٍ ولا خطامٍ، الفوضى فيها أقوى من النظام والجهل أكثر إقناعاً من العلم، معيارها الكثرة لا الحقيقة، والسرعة لا الإتقان، والمبالغة لا الحكمة.
في عالم الفوضى هذا تفقد العلوم معناها وتخسر المهن احترافيتها، ويصبح التلميذ علامةً، والمؤثر صحافياً، والمبتدئ منتهياً في كل فنٍ، وهذه الفوضى لا يمكن أن تعود على الدول والمجتمعات بأي خيرٍ، وعواقبها وخيمة على المدى الطويل ما لم تجد البشرية مخرجاً قادراً على ضبط مثل هذه الفوضى من خلال القوانين والأنظمة ومن خلال المبادئ والمفاهيم.
أخيراً، فإنك لا تجني من الشوك العنب، وقوة تأثير التافهين لا تدل على تميّزهم، بل تدل على تدني المستوى العام.

*نقلاً عن "الاتحاد"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية التفاهة الممنهجة والحملات الإلكترونية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib