الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق
أخر الأخبار

الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق

المغرب اليوم -

الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

صحيح أنَّ إسرائيل في الوقت الرّاهن تُعد الطرف الرابح في الأحداث التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط؛ حيث تم إحداث تعديلات جوهرية على خريطة الدول الإقليمية في الشرق الأوسط. ومن أهم هذه التعديلات أن سوريا لم تعد مصدر تهديد، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى ما هو أبعد، وإلى ما كان قبل أشهر يعد حلماً بعيد المنال، ونقصد بذلك التوغل الذي تقوم به إسرائيل في المنطقة، واستباحة الجغرافيا والحدود، سواء مع سوريا أو لبنان. هذا إضافة إلى أن الأحداث الأخيرة أكَّدت حقيقة التقارب التركي الإسرائيلي، وهي مسألة نعتقد أنَّه قد آن الأوان كي تُطرح بوضوح وعمق في وسائل الإعلام، وفي منتوجات النخب، خاصة عندما تتم مقاربة هذا التقارب من مدخل سياسي آخر لا يقل أهمية، والمتمثل في دعم تركيا للإسلام السياسي في البلدان العربية، الذي يعني وفق ما كشفته آخر التطورات عن حقيقة الطرف التركي الذي يدعم الإسلام السياسي، ليس من أجل خير البلدان العربية، ولا انتصاراً للصندوق والديمقراطية، بقدر ما هو -أي الإسلام السياسي- أداة كي تظل مجتمعاتنا متقهقرة، وكي تمارس تركيا هيمنتها من خلال ممثلي الإسلام السياسي. ورغم الإخفاقات التي حصلت للإسلام السياسي في مصر وتونس فإنَّ تركيا لم تستسلم، وما زالت تعتمد الأداة نفسها. وفي هذا المضمار لا تفوتنا الإشارة إلى أنَّ مشكلة نخب الإسلام السياسي أنَّ نجاح أي جماعة في بلد ما يضخ فيهم الروح من جديد.

إذن الأحداث الأخيرة، والتقارب التركي الإسرائيلي، أزالا الغموض عن تركيا التي وإن كان يحكمها حزب إسلامي لكن كمال أتاتورك هو الحاكم الفعلي فيها، أمس واليوم وغداً، وهدف الحزب الحاكم قبض سيطرته على الدول العربية، من خلال حزام من الأحزاب الإسلامية تكون هي الحاكمة، ومن ثم تضمن مصالح تركيا، ويتم إغراق الأسواق العربية ببضاعتها.

نعود إلى الموضوع الرئيسي لمقالنا:

باختصار، موازين القوى حالياً ليست في صالح المنطقة العربية. وكلما تراجعت دولة عربية إقليمية خفّ الوزن العربي.

طبعاً الضعف العربي ليس جديداً، ولكن الضعف درجات ومستويات، ونحن حالياً في أكثر المستويات ضعفاً من عقود. والخاسر الأكبر القضية الفلسطينية بطبيعة الحال، التي تُمثل الهدف والأداة معاً في يد الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن رغم كل شيء فإنَّ اليأس من الشعوب فكرة لم ترد في صفحة من تاريخ صفحات البشرية، وتغير موازين القوى لا يعني أنَّ الشعوب لن تقوم لها قائمة. وحتى لو أساءتِ الشعوب تقدير الأحداث ومآلاتها، فإن اليقظة حاصلة لا محالة، لذلك فإن ما تقوم به إسرائيل حالياً من انتهاكات واستباحة يجعل من انتصارها رهين وقت قصير لا غير، وسيؤدي سلوك الاستفزاز إلى ما لا تحبه إسرائيل وتخشاه. فليس هناك أكثر خطورة من شعوب ليس لها ما تخسره.

إنَّ المشكلة في التمييز بين الحقائق وموازين القوى: الحقائق قد تُدفن وتُداس، وعرف التاريخ عمليات تزوير رهيبة وكثيرة، ولكن الحقيقة تظهر، ودائماً تظهر، ولو طال الزمن وطواها النسيان. أما موازين القوى فهي متغيرة كما نعلم، ومن ثم فمن الخطأ البناء عليها، وارتكاب أخطاء باسم موازين قوى قابلة للتغيير، علماً بأن الأخطاء نفسها عامل تعجيل في تغيير واقع موازين القوى.

إن الذكاء السياسي والحنكة والتجربة والخبرة تقتضي عدم الاستهانة بالشعوب.

وما تقوم به إسرائيل حالياً هو استضعاف الشعوب العربية، والعمل على خلق تراكم من القهر لن تكون نتيجته محمودة للعالم ككل؛ لذلك فإنَّ واجب القوى الدولية التصدي لتجاوزات إسرائيل، وانتهاكات الطفولة والنساء في قطاع غزة. وإذا كان في ذهن إسرائيل أنه لا بد من قطع دابر أي رد فعل، فهي مخطئة؛ لأن قطع دابر الشعب عملية مستحيلة، ولن تنعم بالأمن الذي تبحث عنه بالقهر والتقتيل وقتل الأطفال والتوغل في حدود الغير.

إنَّ إسرائيل بصدد توريط العالم في موجة جديدة من العنف؛ لأنها أبدعت هذه المرة في نثر البذور التي تحول الشباب على أرضه وعلى موقعه في المنطقة إلى قنبلة موقوتة، وأغلب الظن هذا الهدف التكتيكي للتحالف التركي الإسرائيلي الذي ربما سينتج عنه أمور لا تحمد عقباها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق الخلط الإسرائيلي بين موازين القوى والحقائق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 13:42 2025 الأربعاء ,19 آذار/ مارس

البورصة الأردنية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 18:18 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 19:09 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

اقتراب محمد صلاح من تجديد عقده مع ليفربول

GMT 19:05 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

فينيسيوس يتوعد أرسنال فى دوري أبطال أوروبا

GMT 16:06 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 22:55 2025 الجمعة ,21 آذار/ مارس

"ميتا" تعلن عن ميزات جديدة بمنصة "ثريدز"

GMT 16:16 2023 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

كشف الميزة الرئيسية للجيش الروسي في الشتاء

GMT 12:24 2023 الثلاثاء ,29 آب / أغسطس

درّة تتألق بإطلالات راقية من دار أزياء "Fendi"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib