اليوم العظيم في الشرق الأوسط لم يأتِ بعد

اليوم العظيم في الشرق الأوسط لم يأتِ بعد

المغرب اليوم -

اليوم العظيم في الشرق الأوسط لم يأتِ بعد

آمال موسى
بقلم : د آمال موسى

 

تفاصيل كثيرة ومهمة ميّزت قمة شرم الشيخ بمصر الخاصة بتثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة. وليس مبالغة القول إن هذه القمة رغم محدودية وظيفتها فإنّها كانت مملوءة بالدروس، وبالمعلن عنه وبالمخفي من النوايا والمخططات، حتى المسكوت عنه كانت نبرته أعلى من المصرّح به.

إن الملاحظة الأولى التي تسترعي الانتباه هي مدى التدحرج الهائل الذي عرفته أهداف النضال من أجل القضية الفلسطينية: فهذه القمة لم تثبت فقط اتفاق وقف الحرب الذي هو تثبيت مشروط بواقع خالٍ من ضمانات الحد الأدنى، بل إنها قمة تثبيت ظاهرة التدحرج في مطالب القضية الفلسطينية.

لنوضح أكثر: الهدف الأول للنضال الفلسطيني كان استرجاع الأرض كاملة كما هي في خريطة 1948 وبعد تراكم الخيبات واشتداد عود الكيان الإسرائيلي والتفاف الشتات اليهودي حوله، اختل كثيراً ميزان القوى فتبنى عقلاء منطقة الشرق الأوسط هدفاً واقعياً يطالب بحدود يونيو (حزيران) 1967. وإلى حدود ما قبل حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كان التجاذب بين شقين في المنطقة: الأول راديكالي متمسك بالهدف الأولي والأصلي للقضية الفلسطينية، والثاني يتفاوض ويتحرك وفق بوصلة حل الدولتين. وبالمناسبة نشير إلى أن أطروحة الطرف الثاني، كانت تمثل أكثر ما يمكن القبول به من تنازلات، ومن الإذعان لموازين قوى الواقع، ولتحول الكيان الإسرائيلي إلى أمر واقع في المنطقة.

هذا باختصار شديد التضاريس الكبرى لأهداف النضالية الفلسطينية.

الصدمة المتوقعة، هو أن الموضوع الرئيسي والمتعلق بحل الدولتين تم السكوت عنه في خطابي ترمب، وأصبح بقدرة قادر كل الإنجاز يدور حول ما وصفه الرئيس الأميركي «بالحدث الأعظم في الشرق الأوسط»، والمتمثل - وهنا وجاهة الصدمة ووجهها - هو وقف حرب غزة!

إننا أمام إعادة ترتيب أهداف النضالية الفلسطينية بشكل يخلط الأوراق ويروج لحالة من الغموض المقصود. بل إن مقولات عدة لترمب إلى جانب تصرفاته تؤكد أن حل الدولتين الذي يعد ظلماً للحق الفلسطيني وأقل ما يمكن الإذعان له والقبول به، قد أصبح هذا الحل على ما يبدو، في البيت الأبيض وطبعاً في إسرائيل، من الماضي الذي تجاوزته الأحداث.

هناك مراوغة وغموض وتهرب. حصلت الحرب على غزة وطالت كي تحقق إسرائيل أهدافها وهي كسر عظم أهالي غزة وتدميرها بالكامل وتنشيط سوق الأسلحة كونها من أهم مهن الولايات المتحدة، وحالياً وبعد أن انتفت المصلحة بأبعادها المتعددة من الحرب على غزة تم الانتقال إلى مصلحة من نوع آخر تُعنى بإعادة الإعمار ورهاناته وتكلفته.

والأنكى من كل هذا، أنه حتى وقف الحرب يتم انتهاكه يومياً، علاوة على أن تغيّب إسرائيل عن القمة يحتمل معنى عدم إلزاميتها بذلك، حتى ولو كان الرئيس الأميركي الحاضر الأقوى في القمة التي حرص في الجمع بينها وبين إلقاء خطاب المساندة والدعم في الكنيست الإسرائيلي وتحديداً في لحظة الإفراج عن الرهائن، إضافة الى كل ما يرمز له ذلك من مدلول سياسي فج يرفض حتى التظاهر بالحياد!

في الحقيقة إن التركيز على مسألة الإعمار فيه قفز على المنطق وإملاءات الواقع. فأي إعمار والحرب يمكن أن تعود في أي لحظة ولأتفه سبب؟ هل يمكن الإعمار والقضية لم تحل بوضوح ولم تتم تسوية حل الدولتين؟

لقد تم طرح حل الدولتين لفائدة تفخيم قرار وقف الحرب، والحال أن هذا القرار صاغته عشرات آلاف الأرواح من أطفال غزة ونسائها ورجالها الذين قتلوا والأحياء الذين تم تجويعهم. كما أن هذا القرار هو نتاج ضغط أحرار العالم والشعوب التي لم تتوقف عن المظاهرات والاحتجاج. فاللجوء إلى إيقاف الحرب على غزة حصل عندما انفضحت جرائم إسرائيل ولم يعد ممكناً استمرار رئيس الولايات المتحدة في إشعال الضوء الأخضر لها.

كل الخوف ألّا نستثمر في الدماء التي سالت والجهود التي بذلت وضغط العالم الذي دعم غزة وأهلها. والخوف الأكبر أن يتعامل معنا الطرف الخاسر كأنه هو من ربح الحرب، والحال أن غزة والقضية الفلسطينية هما الرابحان. إنه الربح الرمزي المتحقق بالأرواح والدم، الذي دفع قائمة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لأن تطول لتبلغ قرابة 147 دولة.

لذلك فإن اليوم العظيم الذي تحدث عنه السيد ترمب ليس يوم توقيع تثبيت وقف الحرب على غزة في شرم الشيخ، بل إن هذا اليوم لم يأتِ بعد ولن يأتي إلا إذا تم تنفيذ حل الدولتين وفق حدود يونيو 1967.

أما السلام فإنه يتحقق بمجهودات الجميع. وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في مسألة السلام فلتتوقف عن مد إسرائيل بالأسلحة، وليتم منع بيع الأسلحة لها تماماً كما يتم السعي حالياً إلى نزع السلاح عن «حماس». فالسلام لا يتحقق بنزع السلاح عن طرف ومد أحدث الأسلحة للطرف الآخر.

أغلب الظن أنه حتى المنطق بات يشترط أن تكون قوياً كي تفرضه؛ لأن بالقوة يمكن في الراهن السياسي الدولي أن تفرض فكرة مجنونة وموقفاً ظالماً، وتصمت عما تريد وتصرح بما تريد. إنها جدلية الإرادة والقوة التي لم تعد تشترط العقل والمنطق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم العظيم في الشرق الأوسط لم يأتِ بعد اليوم العظيم في الشرق الأوسط لم يأتِ بعد



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib