متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع؟

المغرب اليوم -

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

بعد غدٍ نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار: الكرامة والحرية والعدالة للجميع. طبعاً للسياق تأثيره القوي في التعامل مع مثل هذا التاريخ وهذا الشعار، حيث إنه في أقل الحالات نجد أنفسنا أمام باقة من التساؤلات المحرجة.

بل إنه إلى أي حد نستطيع أن نحتفل بمثل هذا اليوم وآلاف من النساء والأطفال من الفلسطينيين يُقتلون على أيدي الجانب الإسرائيلي؟

لا نستطيع ألا نطرح هذا السؤال بالتحديد.

لذلك فإنَّ يوم الأحد القادم هو مناسبة لتحديد صريح حول: لماذا فشلت النخب الحقوقية وفكر الحداثة في إرساء حقوق الإنسان للجميع؟

والأدهى والأكثر مرارة هو أن يُدفَن خطاب الحقوق الأساسية واستبداله جملة وتفصيلاً، رغم أهميتها النسبية بالدعوة إلى الحقوق الفردية، بل الضغط لتكون من شروط الدعم الدولي، والحال أن الحقوق الأساسية ما زالت تمارَس بشكل تفاضلي.

إنَّ الإنسانية ما زالت في طور تأمين الحق في الحياة للجميع. هذا الحق الأساسي البدهيّ لم يتسنَ له أن يتحول إلى مكسب مضمون للإنسانية. ولعلَّ ما يحصل لأطفال فلسطين خير دليل على أنَّ الحق الأول لم ننجح في جعله حقاً مضموناً ومقدساً.

صحيح هناك خطاب عالمي حول حقوق الإنسان وهناك مؤسسات تحاول تجسيده، ولكن على مستوى الممارسات الدولية هناك فجوة حقيقية بين الخطاب وواقع حقوق الإنسان.

طبعاً لا شك في أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تتغلغل، وهناك شعوب تتمتع بحقوقها الإنسانية لأنها تنتمي إلى دول غنية قوية عريقة في التحديث دون أن ننسى أن تدريس حقوق الإنسان أصبح من شروط التدريس المتناغم مع التوجهات الدولية، ودليل ما تمنحه الدول من أهمية لمسألة حقوق الإنسان. ولا شك أيضاً في أنه لم يعرف التاريخ توتراً وتناولاً لخطاب حقوق المرأة وحقوق الطفل كما هو حاصل منذ سنوات.

كل المجهودات المذكورة لا يمكن إنكارها، ولكن يكفي موقف دولي حتى نكتشف أن خطاب حقوق الإنسان يتميز بهشاشة، وأنه خطاب غير مسنود بقوة الواقع.

من هذا المنطلق نعتقد أن الطريق لا تزال طويلة جداً حتى تكون الكرامة والحرية والعدالة للجميع. ومن المهم ونحن نتناول صعوبات تجذير ثقافة حقوق الإنسان إيلاء العلاقات الدولية الأهمية اللازمة، إضافةً إلى فلسفة حقوق الإنسان نفسها التي هي على مستوى التنظير غير مشروطة، في حين أنه في مستوى الواقع يختلف الأمر ونعاين حجم الارتباط بين حقوق الإنسان ومفهوم القوة والتمكن الاقتصادي. ويكفي أن تكون هناك تفاضلية بين الشعوب حتى تسقط أسطورة حقوق الإنسان، لأن المفروض أن فكر حقوق الإنسان قائم على مقاربة مبدئية غير مشروطة، فلكل إنسان حقوقه دون تمييز ومهما كان نوعه.

وباعتبار ما تكشف عنه الأحداث والتوترات والمواقف الدولية، فإنَّ العالم مطلوب منه في خطابه وفي منهجية نضاله القيام بمراجعة عميقة من أجل فرض ثقافة حقوق الإنسان واقتصاد حقوق الإنسان وسياسات حقوق الإنسان. فالعلاقات الدولية ما زالت تربط بين الحق وقوة صاحب الحق ولم تتحقق فلسفة حقوق الإنسان التي قامت من أجل كسر هذه الترابطية المشروطة.

من ناحية ثانية من المهم مواجهة الواقع وتجاوز الاعتقاد الخاطئ بأنَّ الحقوق الأساسية لا تحتاج إلى نضالية اليوم واستبدال الحقوق الفردية بها.

ما نلاحظه هو أنَّ اتجاهات النخب الحقوقية باتت تركز على الأقليات والحقوق الفردية، وليس من منطلق المقاربة الشمولية لحقوق الإنسان، بل بخلفية مَن يستشعر أن المهمة تحققت.

لذلك فإنَّ الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في الذكرى الجديدة لا بد من أن يركز على الحق في الحياة كأول الحقوق وأبسطها. إضافةً إلى ما تعرفه الحقوق الأساسية من تعثرات في ظل الأزمات، وكيف أن حقوق الإنسان ليست محسومة وأنَّها مهدَّدة بفعل الأزمات والحروب.

وتمكن ملاحظة أنَّ الواقع المادي للإنسان وللشعوب محدِّد أساسي في بلورة النصيب من حقوق الإنسان.

كما أن النضال من أجل أن تكون الكرامة والحرية والعدالة للجميع ليس بالنضال المعزول عن مجهودات الشعوب، في مجالات تجاوز الفقر والجوع والأمية وعدم الاستقرار. ذلك أن وجود 670 مليون شخص يعيش في فقر مدقع، ومواجهة قرابة 783 مليون شخص الجوع، ومعاناة 773 مليون شخص من الأمية حول العالم، إنما يُضعف نضالية تعميم حقوق الإنسان على الجميع ودون تمييز.

لذا فإنَّ حقوق الإنسان تمر من بوابات القوة ومؤشرات النمو المعتبرة... وهذا فهم جديد أيضاً لأهداف التنمية المستدامة: فدون بلوغ هذه الأهداف لا حقَّ في حقوق الإنسان بشكل كامل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib