المعرفة بطعم الخبز الساخن
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

المعرفة بطعم الخبز الساخن

المغرب اليوم -

المعرفة بطعم الخبز الساخن

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

لقد أولى الروائيون والفلاسفة والمؤرخون مسألة «اليوميّ»، الذي شكّل بالنسبة إليهم فضاء خصباً للإلهام والتفكير وفكّ شفرات العالم، عناية خاصة، إلا أنّ بناء «اليومي» علمياً يُعدّ عملاً حديثاً باعتبار أنّ الاهتمام بالحياة اليومية سوسيولوجياً هو اهتمام حديث النشـأة انطلق مع جورج زيمل وشكّل محور اهتمام تيارات مختلفة. ربطت فهم العالم والوقائع والظواهر الاجتماعية بالنبش في الحياة اليومية والحفر فيها وملاحظتها.
لذلك فإنه ليس من باب الصدفة أن تركز المعرفة في أوروبا والغرب عموماً على استنطاق الحياة اليومية للأفراد والجماعات والمجتمعات والرهان على إنتاج معرفة نابضة ساخنة تفوح منها رائحة الحاضر والراهن. وفي المقابل نلحظ أن الدارسين والباحثين في بلداننا يديرون ظهورهم لليومي ويترفعون عنه ويخيّر الكثير منهم النبش في الأمس والماضي والتاريخ.
طبعاً تعلّة الباحثين العرب أن إنتاج المعرفة يشترط المسافة بما فيها المسافة الزمنية، حيث إن الكتابة التي لا تلبي شرط المسافة الزمنية مع الموضوع إنما تكون عرضة للانفعالية والذاتية ومن ثم فإن الموضوعية التي تمثل قوام المعرفة والحق تصبح محل شك.
ولكن هذه المقاربة في الحقيقة تم تجاوزها في فضاءات علمية أوروبية وغربية، ذلك أن الحياة اليومية والحاضر في معناه الأوسع يطرح علينا جملة من الأسئلة نحتاج إلى أجوبة عنها ويجب ألا يغيب العلماء عن تقديم هذه الأجوبة وإلا ضعفت الاستفادة وجدوى المعرفة.
ما هو واضح اليوم هو أن مجتمعاتنا لن تتمكن من ضبط البوصلة في النقد والإصلاح إلا بتفكيك الإنسان سلوكاً وعقلاً وهي مسألة يؤدي فيها علم الحياة اليومية دوراً كبيراً ومفصلياً، لذلك فإننا ندعو إلى تحويل الوجهة في المعرفة والعلم والإنسانيات من الماضي إلى الحاضر ولا خوف على المعرفة من باحثين يمتلكون أدواتهم المعرفية ويجيدون استخدامها.
من دون أن ننسى أن تشريح الحياة اليومية وإدخالها إلى غرفة عمليات البحوث سينتج أيضاً حركية وإقبالاً على المعرفة لأن المعرفة التي تتعاطى مع الراهن لها مذاق الخبز الذي أخرجه الخباز للتوّ من الفرن.
وفي الحقيقة، الجدير بالإشارة إليه هو أن الحياة اليومية تعد منجماً لمعرفة السلوك والمواقف والقبض على التمثلات والتصورات، وهو ما يعني أن اليومي هو طريق سانحة وسيارة لمعرفة الذات وسراديبها وتفكيك ما يحيط بالذات العربية من تشظٍّ وتعقيد.
فاليومي هو قِبلة الباحثين حاملي الشغف الحقيقي.
لقد خيّرنا أن نبين أهمية اليومي وما يمثله وعظمته قبل أن نعرف ماهيته، وهي ماهية لا تقل أهمية لأنها توضح أهمية المعرفة التي ستنتج انطلاقاً من الحياة اليومية وأيضاً توضح خصائصها.
تشير الباحثة التونسية تراكي زناد إلى أنّ هنري لوفيفر في مقدمة كتابه «علم نفس اجتماع الحسّ اليومي»، حاول تحديد موضوع المعيش اليومي، ولكن بسبب صعوبة تأمين تعريف جامع مانع يلبي طموحه العلمي، اقتصر على تقديم أمثلة منتقاة من مجال الحياة اليومية ورتابتها. وفسر لوفيفر ذلك بقوله إنّ النصّ الاجتماعي متكوّن من عناصر كثيرة ومتداخلة فيما بينها، إضافةً إلى أنّ اختزاله ضمن عدداً من الرموز يؤدّي إلى إنتاج قراءة مبتورة وساذجة؛ لذلك فإن «اليومي» عصيٌّ على التحديد ومن ثمَّ التعريف.
من جهته، يؤكد إرفينغ غوفمان، الذي يُعدّ من الوجوه الأميركية البارزة التي تهتمّ بالحياة اليومية من منظور الميكرو - سوسيولوجيا، المشروعيّة العلمية للتركيز على الحياة العامة مجالاً عانى من الإهمال والتهميش، موضحاً أنّها حقلٌ ثري لم يُدرّس علمياً بالشكل الكافي وهو الحقل الذي تُولده التفاعلات وجهاً لوجه... في الحياة اليومية؛ ذلك أنّ سوسيولوجيا المعيش التي تتعامل مع الأفراد بوصفهم وحدات، تستند أبحاثها إلى فكرة رئيسة مفادها أنّ التافه والعادي والبسيط هي الوقائع للحياة اليومية التي يلزم أن ينصبّ عليها التحليل لفهم البنية الخفية للواقع.
وتُعدّ مدرسة شيكاغو التي قدمت دراسات حول المدينة والهجرة والانحراف ومشكلات الأقليات من أكثر التقاليد الفكرية اهتماماً بالحياة اليوميّة، التي ارتبطت نشأتها الأولى بالتركيز على مظاهر الحياة اليومية الصاخبة في المدن الأميركية.
فاليومي هو العلاقات التي تكوّنها مجموعة من الأشخاص والأشياء، وهو المسكوت عنه والمخفي والمهمش والمادي والرمزي؛ بل إنّه أقرب ما يكون إلى المسرح واللعب بحكم أنه يلتقي مع المسرح إلى حدّ كبير، ويلتقي مع ألعاب الطفولة بشكل أكبر.
لذلك، فإنّ كل مكوّنات الحياة اليومية أو الحاضر هي مهمّة بلا استثناء، ونقصد بذلك كلّ ما هو رومانسي ووهمي ووجداني وعاطفي وعدواني ومألوف وعجيب، وخيالي أيضاً؛ حيث إنّ اليومي هو أيضاً «مزيج من الواقعي والخيالي تحكمه علاقة جدلية... كما أنّ الخيالي؛ أي ما نسميه التفاصيل يحتلّ مساحة مهمّة في الحياة اليومية الاعتيادية».
هذا المعيش، بوصفه شكلاً من أشكال المعرفة تتم مقاربته بصفته معيشاً حياً لا بصفته فكرة أو مفهوماً، يحدد ميشيل مافزولي مؤسّس مركز دراسة الرّاهن واليوميّ، خصائصه في التناقض الوجداني وتعدّد الدلالات... والتبدلية وانعدام الأهمية... والتكرار. أمّا هنري لوفيفر، صاحب السوسيولوجيا النقدية للحياة اليومية المتأثرة بالماركسية والرافضة لسيطرة الآيديولوجيا البورجوازية، فإنّه يصف اليومي بالعفويّة والغموض.
ومن منطلق هذه التعريفات يمكن أن نستنتج ما يأتي: إنّ الحياة اليومية هي مجال يتساوى فيه الكلي مع الجزئي، والأساسي مع الثانوي، والمادي المحض مع الرمزي. وهي «سراديب» اللعبة الاجتماعية، بما يعنيه ذلك من غموض يصفه مافزولي بـ«الظلمة القاتمة»، وهنا تكمن أهميّة اليومي والمعيش. إنّه مدخل لفهم الظاهرة الاجتماعية ومعرفة مهمة لاستنطاق الأنشطة الاجتماعية، وهي منتشرة في قلب الحاضر بتفاصيله وازدواجيته وفق جدلية متغيرة لعلاقة الواقعي بالفانتازيا.
فهل يبدد الباحثون العرب الظلمة القاتمة للحياة اليومية وينشرون في أرجائها الضوء؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعرفة بطعم الخبز الساخن المعرفة بطعم الخبز الساخن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib