أبعد من 43 و48
دونالد ترامب يأمر بتحرير لوس أنجلوس من غزو المهاجرين على خلفية احتجاجات واسعة اندلعت بسبب عمليات ترحيل إسرائيل تدعو إلى سحب قوات الأمم المتحدة اليونيفيل مع الدولة اللبنانية جيش الاحتلال الإسرائيلي يُهاجم سفينة الحرية المحملة بمساعدات إنسانية أثناء اقترابها من شواطئ قطاع غزة المنتخب البرتغالي يُتوج بلقب دوري الأمم الأوروبية لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخه نادي بريشيا الإيطالي لكرة القدم يتجه لإعلان إفلاسه بعد نحو 114 سنة على تأسيسه نفاد تذاكر المباراة الودية بين المغرب والبنين التي ستجري مساء الإثنين بفاس واتساب يختبر أداة جديدة تتيح للمستخدمين إنشاء روبوتات دردشة مقتل امرأة برصاص الشرطة الألمانية بعد طعنها شخصين في ميونخ وزارة الصحة الفلسطينية تعلن توقف 23 مستشفى عن العمل في غزة بسبب اعتداءات الاحتلال وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد الشهداء منذ فجر اليوم الأحد إلى 21 في غارات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
أخر الأخبار

أبعد من 43 و48...

المغرب اليوم -

أبعد من 43 و48

حازم صاغية
حازم صاغية

ذاكرات البشر تضعف مع الزمن. هذا بديهيّ. الأرقام والتواريخ والأسماء أكثر ما يعلن ضعفها. مع هذا، يبقى مستغرباً أن ينسى قطب سياسيّ تاريخ استقلال بلده. في أسوأ الأحوال، تذكّرُ تلك المناسبات يُعدّ جزءاً من عدّة شغل السياسيّين. فكيف وأنّ السياسيّ المقصود يتعهّد، صبح مساء، حماية هذا البلد والذود عن كرامته، ناهيك عن امتلاكه الدائم فصلَ المقال في أمور تمتدّ من القضاء والجيش إلى الاقتصاد والعلاقات الخارجيّة...لهذا فما حصل قبل أيّام يبقى مهمّاً، لا يمرّ عليه الزمن العابر. دلالته زمنها مديد. إنّه ينمّ عمّا يتعدّى الظاهر ويتجاوز الهفوة.

فما فعله أمين عام «حزب الله» في خطابه، وهو فعلَه مرّتين متلاحقتين، قبل أن تصله ورقة صغيرة تقول إنّ استقلال لبنان حصل في 1943، وليس في 1948، يدلّ على أنّ لبنان ليس من عدّة شغل السياسيّ الناسي. ما فاتَهُ معلومةٌ يعرفها كلّ تلميذ أنجز المرحلة الابتدائيّة، هو الذي، والحقّ يقال، لا تنقصه المعرفة بأشياء كثيرة، وهو بالتأكيد أعرف السياسيّين اللبنانيّين وأكثرهم انكباباً على عدّة شغله.استقلال لبنان، مع هذا، ليس في عداد معلوماته.

قد يُفهم من هذا الكلام دعوةٌ إلى المبالغة في الوطنيّة، وإلى التعلّق الإنشائيّ بالفولكلور القوميّ من أعياد وأعلام ومناسبات وأهازيج. المقصود ليس هذا بتاتاً. نسيانٌ كهذا، مصدره مزاجيّ أو فرديّ أو كاره للسياسة أو ذو تطلّع إنسانيّ عابر للأوطان، محمود ومحبّذ. لكنّ ما فعله الأمين العامّ، وهو بالغ التسييس، ليس أنّه نسي، بل أنّه استبدل: لقد تذكّر 48 حيث كان يتحدّث عن 43. و48 هي السنة التي قامت فيها إسرائيل، وسمّتْها سنة استقلالها، على حساب الشعب الفلسطينيّ ونكبته.

هذا الاستبدال يستأنف تقليداً سابقاً على «حزب الله» لا يرى استقلال لبنان إلاّ من ثقب الصراع مع إسرائيل والغرب. لبنان واستقلاله، تبعاً لهذا التقليد، لا معنى لهما بذاتهما، وهما قابلان دائماً للنسيان. إنّهما خارج عدّة الشغل السياسيّة. الشيء الوحيد الذي يجعلهما قابلين للتذكّر مدى خدمتهما لذاك الصراع، أي أن يكون لبنان ساحته وأن تكون أعياده ومناسباته السياسيّة جزءاً من السرديّة النضاليّة والجذريّة للتاريخ.

لكنّ التقليد المذكور، الذي تعود بدايته إلى أيّام الاستقلال قبل ثمانية عقود، كان يذهب أبعد من ذلك: التشهير بهذا الاستقلال نفسه. فهو، أوّلاً، لا يندرج في التواريخ النضاليّة للمنطقة، علماً بأنّ تلك التواريخ، من عصابات الجنوب اللبنانيّ إلى ثورة العشرين العراقيّة ومعركة ميسلون السوريّة وحروب فلسطين المتتالية، لم تكن للأسف سوى هزائم تتلوها هزائم. وهو، ثانياً، ولحسن الحظّ، استقلال لم يترافق مع دم مسفوك ومع مواكب شهداء يتباهى بها وبهم النضاليّون. هذا علماً بأنّ تجارب بلدان لا حصر لها تعلّمنا أنّه كلّما زاد الدم في معارك الاستقلال زاد الاستبداد الذي يحكم الشعب الذي استقلّ. أمّا ثالثاً، وأيضاً لحسن الحظّ، فهو استقلال لم يقطع لبنان عن الغرب. هو كان ليكون استقلالاً محترماً لو أفضى إلى دولة يقتصر تبادلها التجاريّ مع دول الكوميكون، ولو اقتصرت صداقاته على بلدان المعسكر الاشتراكيّ الذي أصبح أثراً بعد عين؟

هذا التقليد خسر، مع الزمن وتجاربه المُرّة، الكثيرين من مُعتنقيه. هؤلاء راجعوا أنفسهم وتراجعوا وانتبهوا إلى ضرورة أن يكون لهم بلد مستقلّ. لكنّ أحد أسرار «حزب الله»، وهو من عناصر خصوصيّته وجاذبيّته على البعض، يكمن هنا بالضبط:

فهو ليس فقط لم يتراجع، بل جاء يعزّز ويكرّس التقليد القديم بحلّة ولغة مختلفتين: بدل أن يكون الحدث، أي الاستقلال في هذه الحالة، سلميّاً، طافت الشهادة والشهداء بحيث هدّدت بإغراق الحياة اليوميّة، وبدل أن يبقى الحدث فالتاً، غير موصول بالتواريخ السياسيّة النضاليّة، أعيد ربطه بتلك التواريخ التي أضيفت إليها تواريخ ملحميّة دينيّة وطائفيّة، وبدل ضعف الصلة بالاتّحاد السوفياتيّ وكتلته، وُطّدت الصلة بإيران خامنئي وسوريّا الأسد وممانعتهما.

وهنا يكمن وجه القصور الأبرز في شعار «كلّن يعني كلّن» الذي رفعته ثورة تشرين. فإذا كان الآخرون فاسدين وأحزاب سلطة وغير ذلك، إلاّ أنّهم يعرفون تاريخ الاستقلال، ويعتبرون أنّهم يمارسون السياسة، بما فيها النهب والفساد، على قاعدة وطنيّة أنجبها ذاك الاستقلال. إنّه وحده الطرف الذي لا يعرف ذاك التاريخ، ولا يهمّه أن يعرف. لهذا، وإذا استخدمنا لغة ماو تسي تونغ، كان التناقض الرئيسيّ معه هو، فيما التناقضات الثانويّة مع الآخرين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من 43 و48 أبعد من 43 و48



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib