كارل يونغ في خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

كارل يونغ في خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء

المغرب اليوم -

كارل يونغ في خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

كثيراً ما نسمع، أو نقرأ، رجلاً عربيّاً يمدح رجلاً عربيّاً آخر بقوله: «إنّه رجل رجل». لكنّ المادح ربّما فاتَه أنّه بعبارته هذه يهين المرأة ويحقّرها. ذاك أنّ الرجل يُفترض أنّه يمثّل الجنس الذي يقابل الجنس الذي تمثّله المرأة، فحين يتمّ التشديد على كون الممدوح رجلاً، فالمعنى أنّه ليس امرأة، بل إنّه ليس امرأة على نحو مضاعف، بما يزيل كلّ غموض قد يؤدّي إلى خلطه بطرف أدنى منه وأقلّ.

وككلّ تمييز، يقيم الخطأ عميقاً في هذا التمييز، أو أنّ هذا على الأقلّ ما نفهمه من كارل يونغ الذي كان أوّل تلاميذ فرويد وأوّل المنفضّين عنه بسبب رفضه التعويل الفرويديّ على الجنس حافزاً للسلوك، كما بسبب تحفّظه على مفهوم أستاذه في اللاوعي. هكذا انصرف يونغ، بعد انشقاقه، إلى ما أسماه «علم النفس التحليليّ» وإلى تطوير نظريّته وتجاربه في «اللاوعي الجمعيّ».
وكان من «الأنماط الأصليّة» (archetypes) التي اكتشفها المحلّل النفسيّ السويسريّ المذكور «الأنيما» و«الأنيموس». فـ«الأنيما» لغةً مشتقّةٌ من اللاتينيّة، وتعني نسمة الهواء كما تعني الحياة أو النفْس، فيما تعني «الأنيموس» العقل كما تعني العدوانية والضغينة، بما يردّ إلى الـanimosity .
لكنّ ما هو أبعد من الدلالة اللغويّة أنّ هذين العنصرين الجنسيّين، اللاواعيين تعريفاً، إنّما يقيمان في «نمط أصليّ» آخر هو ما أسماه يونغ «الظلّ» (the shadow)، أو «الجانب المُعتم والمجهول من الشخصيّة»، والذي لا بدّ من اختراقه لفهم الكائن الذي يقف وراءه، وإن كان استعداد «الظلّ» لمقاومة الاختراق كبيراً جدّاً.
و«الأنيما» و«الأنيموس» ملمحان متضادّان داخل العالم الشخصيّ للفرد. فـ«الأنيما» الأنثويّة تقيم في الذكَر، فيما «الأنيموس» الذَكَريّ يسكن الأنثى. وكما تغدو «الأنيما» شخصنة لكلّ ما هو أنثويّ في الذكر، تغدو «الأنيموس» شخصنة لكلّ ما هو ذكريّ في الأنثى. وهما، في آخر المطاف، يشكّلان جزءاً من اللاوعي الجمعيّ، وظيفته ربط صاحبه أو صاحبته بأعماق عالمهما النفسيّ. لكنّ صعوبة إدراك هذه العمليّة تعطي الأحلام والفانتازيا دور الطريق التي لا بدّ من سلوكها.
وكان برونو بتلهايم، عالم النفس النمساويّ الشهير، قد كتب أنّ يونغ سبق أن اكتشف «أنيماه» في الطبيبة والمحلّلة النفسيّة الروسيّة سابينا نيكولاييفا سبيلراين التي كانت تلميذته ثمّ زميلته، قبل أن تربط بينهما علاقة حميمة. و«بفعله هذا، شكّل فكرتَه عن الدور بالغ الأهميّة الذي تلعبه الأنيما في حياة الرجل. فسابينا سبيلراين، إن لم تكن مصدر المفهوم، فإنّها بالتأكيد الشخص الذي مثّل الإلهام لمفهوم الأنيما».
ومع أنّ فهمنا للجنس وللجندر تغيّر كثيراً عمّا طرحه يونغ من نظريّات في محاولته «فهم أنفسنا»، يبقى أنّ مبدأ الثنائيّة هذا لا بدّ أن يفيد في معرفة شخصيّاتنا والعمل معها بانسجام يوحّد عناصرها المتنافرة. فالأثر السلبيّ الأهمّ الذي ينجم عن تقسيمنا تكوينَنا النفسيّ إلى جزأين مختلفين، أي هويّة جندريّة خارجيّة وأخرى داخليّة لا واعية، هو إهمالنا للهويّة اللاواعية وقمعها. هكذا ترتدّ علينا الهويّة المقموعة بما يؤذينا لأنّ «ما تقاومه يبقى» بحسب يونغ. فهنا أيضاً، لا تفعل المقاومة غير تضخيم المشاكل التي ينفيها صاحبها رافضاً مواجهتها. وتجنّباً لهذا الصراع بين مكوّنات الشخص الواحد، ينبغي عدم الاقتصار على الاعتراف بالجزء المخبّأ، بل تقبّله أيضاً، لأنّه مع كلّ تثبّت في موقفنا السلبيّ والمعذَّب، وربّما المكتئب، تزيد مقاومتنا لحلّ المشكلة، إمّا تصغيراً لها أو إنكاراً للحدث برمّته أو لوماً للآخرين أو بذلاً لجهد مجّانيّ هدفه تغيير أناس بعينهم وتوهّم ردّهم إلى ما نظنّه الصراط المستقيم. ولأنّ الاعتراف بوجود المشكلة، أي بالواقع، هو الخطوة الأولى للعلاج، فإنّ إحلال التناسق بين الأجزاء المتنافرة يسهّل التعامل بين الجنسين ويجعله أغنى وأجمل. لكنّه، من ناحية أخرى، يصلّب قدرتنا النقديّة في تعاملنا مع تكويننا النفسيّ، بحيث نغدو أشدّ إدراكاً لمَن نحن فعلاً، ونتيقّن بالتالي من أنّ قدرتنا على الضبط والسيطرة محدودة جدّاً بقياس تكويننا النفسيّ مترامي الأطراف.
لكنّ المشكلة مع نظريّة يونغ تتعلّق بالصفات الجوهريّة التي تنمّ عن وعي تنميطيّ في زمن كان يستهويه التنميط. فاختيار «الأنيما» للنساء و«الأنيموس» للرجال يفترض أنّ الرقّة والنفْس صفات أنثويّة بالمطلق، فيما العقل والعدوانيّة صفات ذكوريّة بالمطلق.
وحتّى قاموسيّاً، تمثّل «الأنيما» «المواصفات الأنثويّة الكونيّة»، مقابل «الأنيموس» الذي يمثّل «المواصفات الذكريّة الكونيّة». فالأولى إذ تقيم في الرجل تصبغه برغبات أنثويّة هي تعريفاً سلبيّة، كحال طفل ينكفئ إلى الداخل باحثاً عن الحماية وحضن الأمّ، أمّا الثاني إذ يقيم في المرأة فإنّما يتأدّى عن ذلك انتقال بعض عقلانيّة الرجل وعمليّته واجتماعيّته الخارجيّة إليها. فإذا صالح الرجل أنيماه ودمجه فيه، تحوّل شخصاً ألطف وأكثر رقّة وتعاطفاً، أمّا إذا صالحت المرأة أنيموسها ودمجته فيها، تحوّلت أشدّ توكيداً ذاتيّاً واكتسب رأيها صوتاً أعلى، كما نمت قدرتها على التأمّل والتعلّم والتداول مع الآخرين.
ولم يكن يونغ نفسه مقتصداً في كشف الفوارق «الجوهريّة» هذه، فوصف «المبدأ الذكريّ» بـ«اللوغوس»، قاصداً النزوع إلى المنطق والصياغة اللفظيّة المُحكمة، ووصف «المبدأ الأنثويّ» بـ«الإيروس»، لجهة التعويل على العواطف والعلاقات التي تنجرّ عنها. ومنعاً لآخر سوء فهم ممكن، اعتُبر اللوغوس أبويّاً والإيروس أموميّاً.
هكذا بات في وسعنا أن نضع صفات لا تتغيّر تحت اسمي «رجل» و«امرأة»: فتحت الرجل، نضع التركيز الشديد على النفس والعقلانيّة والاهتمام بالعالم الخارجيّ والعدوانيّة، وتحت المرأة، نقرأ العاطفيّة والانكباب على الداخل والآراء اللاعقلانيّة وتغليب الاعتبارات الشخصيّة.
لقد عُرف عن يونغ تأييده حقّ المرأة في الاقتراع، لكنّ ميله إلى تنميطها وحبسها في بضع معادلات جامدة سلبها حقوقاً أخرى، فضلاً عن مصادرته التاريخ وأطواره وتحوّلاته. فإذا أضفنا ما اعتبره نقّاده «ماهويّة ميتافيزيقيّة» و«نزعة روحانيّة» تسم مدرسته التحليليّة، بتنا أمام وجه مظلم لليونغيّة يقابل وجهها المشرق الذي يعلّم أنّ المسافة الفاصلة بين الرجل والمرأة أقصر كثيراً ممّا يُظنّ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كارل يونغ في خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء كارل يونغ في خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الوراء



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib