المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

المكارثيّة والغولاغ... مرّة أخرى

المغرب اليوم -

المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

 

بقياس الغولاغ تُعدّ المكارثيّة هواية أغبياء. فالغولاغ لا يلي إلاّ المعسكرات النازيّة في دلالاته الموتيّة الكالحة. ورغم الحرب الباردة، بقي اهتمام الغرب به قليلاً بالمقارنة مع اهتمامه بالمعسكرات والمحرقة النازيّة. البعض رأوا في ضعف الاهتمام ذاك تحيّزاً غربيّاً، إذ ضحايا هتلر أوروبيّون يهود، فيما غالبيّة ضحايا ستالين فلّاحون وعمّال وشيوعيّون وآسيويّون. يضاف أنّ الغولاغ لم ينقله الأدب مثلما نقل بريمو ليفي وآخرون صناعةَ الموت النازيّة، ولا صوّرته السينما كما صوّرها ستيفن سبيلبرغ وسواه من السينمائيّين.
محلّلون آخرون ردّوا جذور السلوك الحاليّ للمافيات الروسيّة، في قسوتها واستعدادها للقتل واحتقارها القوانين، إلى أخلاق سبق أن أُسّست هناك في الغولاغ.
التسمية تلخيصٌ بالأحرف الأولى لـ«الإدارة الرئيسيّة لمعسكرات العمل التصحيحيّ». أنشأه لينين بعد ثورة 1917 لكنّه وُسّع واشتهر مع ستالين. أمّا نزلاؤه فبلغوا 18 مليوناً، مات منهم ما بين المليونين والأربعة ملايين، قضى أغلبهم في مراحل الذروة الثلاث: بين انطلاق «التجميع الزراعيّ» في 1929 ومجاعة 1933، ومع «التطهير الكبير» أواخر الثلاثينات، وبين نهاية الحرب العالميّة الثانية ووفاة ستالين في 1953.
ضحاياه كولاك (فلّاحون أغنياء) ومجرمون عاديّون ومتعاملون مع النازيّة ومثقّفون منشقّون ومساجين سياسيّون وأبرياء عُدوا مصدر تهديد للنظام. وفي سيبيريا، بطقسها الثلجيّ وحياتها القاسية، أُقيم معظم معسكراته التي أُحيطت بأسلاك شائكة وبحرّاس شغل بعضهم أبراجاً مرتفعة للإشراف على المساجين ومنعهم من الهرب. وإلى البرد، ضمّت طريقة الحياة الجوع والمرض والعنف، فيما اكتظّت الأَسِرّة التي حُشدت في غرف خَلَت من التدفئة وكَثُر فيها القَمْل.
وكما في المعسكرات النازيّة كان بُعد الغولاغ الاقتصاديّ حادّاً: فالمساجين تمّ تشغيلهم بالسُّخرة في قطع الأشجار والخشب وفي التعدين وبناء مشاريع صناعيّة. والحال أنّ الغولاغ أصله نظام اقتصاديّ من العمل العبوديّ، إذ توفّر الأعداد الكبرى من «الضيوف» إمداداً غير محدود بالعمل الذي يخدم تصنيع ستالين الوحشيّ.
أمّا رفض العمل فعقوبته الأهمّ (التي تسبّبت بأغلب حالات الموت) الحرمان من الطعام، دون استبعاد الإعدام في بعض الحالات. فالحكمة الغولاغيّة تقول: حدّ أدنى من الطعام وحدّ أقصى من العمل. وبدوره كان «سوء السلوك» يُفضي بصاحبه إلى العزل الانفراديّ البارد والرطب والإمعان في تقليل الحصص الغذائيّة القليلة أصلاً.
لقد دُشّن الغولاغ الستالينيّ بالفلاّحين الأغنياء الذين كانوا يملكون أراضي ومزارع صغرى، فاعتمدت الحكومة لتصفيتهم برنامجاً سمّي «نزع الكولاكيّة» (dekulakization) لمصادرة أرضهم منهم. لكنّ مصيرهم لم يقتصر على انتزاع ملكيّاتهم، إذ سيق كثيرون منهم إلى أمكنة نائية ومعزولة وشديدة البرودة في مناطق تعجّ بالمستنقعات حيث تُركوا ليتدبّروا أمرهم هناك. أمّا بالنسبة إلى بعضهم فغدت تجربتهم في الوحشة، حياةً وموتاً، أفضل من عيشهم في المجتمع السوفياتيّ، لأنّ الموت في الأراضي تلك يحرّرهم من القيود التي يفرضها النظام. وهناك في الوحشة كان يبدأ «القتال الميؤوس منه من أجل الحياة، في شروط هي بالكاد أسهل من شروط العصر الحجريّ»، كما كتب لاحقاً ألكسندر سولجنتسين. بيد أنّ القسوة التي واجهها الفلّاحون الأغنياء وسواهم من الضحايا دفعت الكاتب نفسه إلى الاهتمام بالشرّ في طبيعته ومصادره. وكان ممّا رآه أنّ أكثر من يرتكبون هذا الشرّ هم من يظنّون أنفسهم منزّهين وواقفين في جانب الصواب بحيث يستحيل على الخطأ أن يقاربهم.
على أيّ حال، فبعد وفاة ستالين صار الغولاغ أقلّ وحشيّة، كما أُطلق سراح مساجين كثيرين كان سولجنتسين في عدادهم. وهذا لئن صغّر حجم الغولاغ، فقد ظلّ معمولاً بالنظام نفسه حتّى عهد غورباتشوف في الثمانينات. حينذاك نُشر بالروسيّة للمرّة الأولى كتاب سولجنتسين «أرخبيل الغولاغ» بأجزائه الثلاثة، علماً بأنّه كان قد ظهر في ترجمته الفرنسيّة عام 1973، ما أدّى إلى طرده من بلده.
والكاتب المذكور لم يكن أديباً فذّاً ولا صاحب أفكار مستنيرة، لكنّه قدّم وثيقة مرعبة عن نظام الغولاغ وعن النظام السوفياتيّ عموماً، جامعاً التاريخ الشفويّ إلى التحليل الآيديولوجيّ واليوميّات الشخصيّة، حتّى بات يتعذّر الفصل بين الغولاغ وكاتبه. لقد جاء فضحه معسكرات العمل السوفياتيّة ليغذّي حملة حقوق الإنسان في الغرب، خصوصاً أنّه أتى معزّزاً بتقارير 227 شاهداً ومذكّراتهم ورسائلهم.
وسولجنتسين كان قد قضى قرابة عقد هناك بسبب انتقاداته لستالين التي وردت في رسائل كتبها لواحد من أصدقائه، في أثناء قتاله مع الجيش السوفياتيّ إبّان الحرب العالميّة الثانية.
فهو، في وقت مبكر من حياته، آمن بالشيوعيّة، مثل كثيرين من الشبّان الروس، علماً بصدوره عن عائلة مؤمنة ومحافظة. غير أنّه راح يتغيّر مع الحرب العالميّة الثانية، إذ أتاح له تنقّله كجنديّ عبر المناطق الروسيّة أن يشاهد مدى استشراء القسوة والفقر فيها. ولئن أضعفت خدمته العسكريّة ولاءه للشيوعيّة، وهزّته بعمق، فإنّ سنواته في الغولاغ هي التي حوّلته إلى واحد من أشرس نقّادها.
وبين ما دفعته إليه حساسيّته الناجمة عن معاناته أنّه بات شديد التمييز بين معرفة الشيوعيّة عبر عيشها في روسيا والحديث عنها في الخارج من دون معاناتها، أو كما قال في محاضرة ألقاها في السبعينات في الولايات المتّحدة: «بالنسبة لنا في روسيّا، الشيوعيّة هي كلب ميّت. لكنّها لكثيرين من الناس في الغرب لا تزال أسداً حيّاً».
و«أرخبيل الغولاغ»، الذي أسّس المعرفة بتلك المأساة الجماعيّة، ليس مذكّرات بل تأريخ لعمليّة كاملة من تطوّر دولة بوليسيّة وتسييرها. أمّا بعد سقوط النظام الشيوعيّ فصار أحد هموم الحركة الديمقراطيّة في روسيّا نبش تاريخ الغولاغ، كما نشأت مجموعات ربّما كانت أهمّها «تذكار» (Memorial) التي تأسّست في 1988 لتعبّر عن عائلات المقهورين وتجمع الوثائق التي باتت تُعدّ بالآلاف عن تاريخ المعسكرات وتنشرها. وفي 2003، أشرف ألكسندر ياكوفليف، الذي كان الأب الروحيّ لبيريسترويكا وغلاسنوست الغورباتشوفيّين، على إصدار كتاب موسوعيّ سُمّي «أطفال الغولاغ»، يخبر القصّة المحزنة والمسكوت عنها لملايين الذين عاشوا في الغولاغ والذين ماتوا فيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى المكارثيّة والغولاغ مرّة أخرى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 00:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا
المغرب اليوم - أنجلينا جولي في زيارة مفاجئة إلى جنوب أوكرانيا

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib