عن عالم بلا هالة
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

... عن عالم بلا هالة

المغرب اليوم -

 عن عالم بلا هالة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

العظيم. العملاق. المعجزة. القامة... وقبل عقود كنّا نقول: «أمير الشعراء» و«أمير البيان» و«العالم العلّامة» و«الفهيم الفهّامة»... فكلّ من يبرز في مهنة أو موقع؛ خصوصاً في الفنّ والإعلام والكتابة، يكون إمّا استثنائيّاً ونادراً وإما مؤسِّساً من صفر وعدم، وهو غالباً ما يُغلق التاريخ وراءه لأنّه شخص غير قابل للتكرار.
هذا القاموس، الذي لا يزال سائداً عربيّاً، يعلن كم أنّنا ماضون في العيش تحت وطأة «الهالة» (the aura). ومفهوم «الهالة» تناولته مقالة طويلة للفيلسوف والناقد الألماني فالتر بنجامين، كُتبت في 1936 بعنوان «العمل الفنّي في عصر إعادة الإنتاج الآليّ»، لتغدو من أهمّ نصوص النقد الفنّي التي أنتجها القرن العشرون.
والحال أنّ فكر بنجامين غالباً ما نُظر إليه بوصفه تقاطعاً بين التقليد الماركسيّ، وهو ما عزّزته صداقته ببرتولت بريخت، والصوفيّة الكاباليّة اليهوديّة التي عزّز تأثّرَه بها صداقتُه الأخرى مع غيرشوم شولم.
لقد جادل بنجامين بأنّ إعادة الإنتاج الآلي لم تغيّر فقط كيفيّات تطوّر الفنّ بل غيّرت أيضاً تعريف الفنّ نفسه. فالإنجازات التقنيّة، التي بدأت في القرن التاسع عشر، تسارعت وتعاظمت ما بين الحربين العالميّتين، شقّاً للأوتوسترادات وعبوراً للأطلسي وانتشاراً تدريجيّاً للراديو والتلفزيون والسينما...
أمّا الهالة فتبثق من مكان آخر يشبه الطبيعة في فرادتها. إنّها كغروب الشمس أو كسلاسل الجبال... والشَبَه هذا بالطبيعة سبق أن عبّرت عنه الموضوعات الفنّيّة حين كانت تتّصل بالسحر وبالمقدّسات والطقوس. ويعطينا بنجامين لمحة عن تاريخ الفنّ، بادئاً برسوم الكهف كأبكر الأعمال التي ولدت لخدمة السحر وطقوسه، قبل تحوّل الفنّ إلى نقل موضوعات الدين وخدمة أغراضه. وحتّى عصر النهضة، الذي جعل العبادة زمنيّة، لم ينجُ من استعراض الأساس الطقسي للعمل الفنّيّ.
لكنْ مع ارتباط الفنّ، بسبب التطوّرات التقنيّة، بإعادة الإنتاج، تولّى مبدأ «الفنّ للفنّ» نقل التقديس والطقوسيّة إلى الفنّ ذاته، فلم تعد هناك حاجة لأي عقلانيّة تسوّغه ما عدا عقلانيّته نفسها. هكذا انطوت السينما والفوتوغرافيا والراديو على عمليّات انفصال عن الطبيعي واقتراب من العلميّ، إذ العمل الفنّي والسينمائي يُقصّ ويُبوّب ويُمنتَج ويوظّف، بينما صار المشاهدون يعبّرون معاً، وكجماهير في بلد واحد أو على مدى العالم، عن انفعالهم بذاك العمل، بدل مشاهدته معزولين في العالم المغلق للبيت.
لقد كانت إحدى الأفكار التي تردّدت في كتابات بنجامين أنّ التصوّرات الإنسانيّة تتغيّر في التاريخ تبعاً لتغيّر التقنيّات، ومن هنا مصدر اهتمامه بالفوتوغرافيا، حيث يمكن تكرار الصور بحيث نفقد كلّ اهتمام بالصورة الأصليّة. فمن نيغاتيف الصورة يمكننا صنع ما لا يُحصى من نسخ، ما يجعل البحث عن النسخة «الأصليّة» و«الأصيلة» جهداً مجّانيّاً بلا جدوى.
فالموناليزا مثلاً، تدرجت منذ رسمها في 1503، من كونها لوحة واحدة صنعها شخص واحد هو ليوناردو، ولم يرها أحد، إلى أخرى يراها حكّام وأثرياء يستطيعون رؤيتها ويحتفظون لها بالكثير من الفرادة وضيق التداول أو الامتلاك. ثمّ كانت المتاحف، ومع إنشاء اللوفر في 1797 نُقلت إليه اللوحة، ما اندرج في دمقرطة الفنّ التي كسرت المراتبيّة إذ أتاحت للجميع رؤيتها. لكنْ بفضل الكاميرا، صار في الوسع تصويرها وامتلاكها وصنع نسخ كثيرة منها تلغي الحاجة إلى زيارة المتحف.
وإذ حرّرت إعادة الإنتاج التقني الفنَّ لأوّل مرّة في التاريخ من الطقسيّات «الطفيليّة»، كانت السينما أكثر ثوريّة من الفوتوغرافيا. ففيها لا يوجد أصل أوّل أصلاً، وبالتالي لا توجد هالة، كما ينعدم الزمان والمكان بحيث يُصوَّر في الاستديو حدثٌ جرى في أبعد زوايا الأرض، كما تفصل بداية الحدث عن نهايته أسابيع من التعطيل وتوقّف التصوير. وبدورهم لا يؤدّي الممثّلون أدوارهم أمام مشاهدين، فيما يتنقّل الفيلم في بلدان العالم دون أي تغيير فيه. ودائماً هناك التحكّم بالزمن إبطاءً وتسريعاً، والتحكّم بالمكان تقريباً وتبعيداً. هكذا تنبّهنا الكاميرا إلى صور ومعانٍ واحتمالات قد تفوت الرؤية الطبيعيّة للعين، فـ«تعرّفنا إلى بصريّات لاواعية مثلما يفعل التحليل النفسي بالدوافع غير الواعية».
وبنجامين لم يكتم حزنه على اختفاء الهالة، تماماً كما يُحزننا اليوم اختفاء القلم لصالح الكومبيوتر، أو قراءة الكتاب على الأون لاين. وهو أقرّ بأنّ الهالة التي تملكها الصورة الأصليّة لا تعوّضها إعادات الإنتاج مهما كانت دقيقة، فيما يؤول تعميم الصورة على شكل نُسخ إلى إضعاف التجربة الإنسانيّة التي تربطنا بالعمل الأصليّ.
مع هذا لم يندرج بنجامين في التشاؤم التاريخي لأرباب مدرسة فرانكفورت (أدورنو وهوركهايمر...) ممن رأوا أنّ الثقافة والإعلام الجماهيريين أحبطا القوى الاقتصاديّة في سعيها إلى التغيير. ويمكن القول إنّ نقده للرأسماليّة وهوليوود لم يحل دون احتفاله بإنجازات إعادة الإنتاج، وبالاحتمالات الجديدة التي يتيحها ضمور الهالة.
لقد تأثّر عاطفيّاً بهذا التطوّر، لكنّه فرح تاريخيّاً وفلسفيّاً، متفائلاً بالثقافة الشعبيّة التي رأى أنّ انقضاء الهالة وانكماش التقاليد قد يطلقان طاقاتها لإتيان عمل ديمقراطي حقيقيّ. فكيف لو أنّه عاش ليشهد إعادات إنتاج متتالية كهربائيّة ثمّ رقميّة؟
إلا أنّ بنجامين لم يعش طويلاً. فبعد أربع سنوات على كتابة هذا النصّ فرّ من ألمانيا التي استولت عليها النازيّة، ثمّ في 1940، انتحر على الحدود الفرنسيّة الإسبانيّة كي لا يقبض عليه النازيّون قبل أن يتمكّن من السفر إلى الولايات المتّحدة.
وما قاله بنجامين يتعدّى الحيّز الفنّيّ. فهو يعلّمنا أنّ كلّ شيء قابل لأن يتكرّر، وأحياناً على نحو أفضل، قبل أن يتقادم ويزول. وهذا شريطة أن يتسارع انفصالنا عن الطبيعة، مع أنّ بعضنا يتباطأون في هذا الانفصال، وبعضنا الآخر يوالي انكفاءه إلى أحضان تلك «الأمّ الحنون».
وأمّا «الأصيل» و«الفريد» فمُجدبان تعريفاً. فهما لا يلدان ولا يتكرّران، إذ بمجرّد أن يلدا أو يتكرّرا لا يعود واحدهما أصيلاً والثاني فريداً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن عالم بلا هالة  عن عالم بلا هالة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib