الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

الحرب على غزّة: من الوصف إلى الاقتراح؟

المغرب اليوم -

الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

ليس ما يتناوله الكلام هنا جديداً، إلاّ أنّ الحرب على غزّة أعادت إبرازه بوضوح غير مسبوق. ذاك أنّ بيئة المثقّفين العرب تبدو، مرّة أخرى وبأكثر ممّا في الماضي، شديدة الميل إلى الوصف وشديدة البعد عن الاقتراح.

وثقافة الاقتراح ليس المقصود بها مداخلات التقنيّ أو «الخبير»، ولا ممارسات الناصح الذي يتّجه بنصحه إلى السلطة السياسيّة والسياسيّين. فالمقصود هو استيلاد الأفكار الحرّة وتوظيفها في الخروج من الحال الراهنة، أي أساساً وقف الموت والدمار، وتالياً فتح الباب لحلّ يكون قابلاً للحياة وينطوي على بدائل أشدّ عدلاً وانسجاماً مع رغبات البشر الضحايا. وهذا ما لا ينوب مناب المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً، إلاّ أنّه لا يتجمّد عندها ولا يتحجّر، محاولاً التفكير في إجابات أغنى تخدم وقف إطلاق النار، أو في وضع خطط تتيح التصرّف في ما لو لم يقف إطلاق النار، أو في التعامل مع المرحلة التالية على وقفه إذا أمكن وقفه.

وعلى العموم ليست الثقافة السياسيّة العربيّة السائدة مؤهّلة لتلك المهمّة. أمّا أسباب ذلك فكثيرة، في عدادها ضعف المنصّات والمواقع المستقلّة، بالبحثيّ منها والإعلاميّ، وأبعدُ منه درجة التفكّك وتقطّع الروابط التي تسم مجتمعاتنا وتحول دون تأثير أيّ من البُنى على البُنى الأخرى، وهو ما يخلق شعوراً طاغياً بأنّ ثقافة المثقّف إنّما تندرج في «الحكي» و»التنظير»، فيما التأثير والفعل يأتيان من مكان آخر مغلق وأصمّ. وهذا ما يجعل الثقافة السياسيّة السائدة، وبما يكفي من التفارُق، مُطهَّرةً من السياسة، أو عازفةً عنها. وبالطبع، وإلى هذا كلّه، هناك المناخ المُحبِط والقمعيّ الذي تخلقه الإجماعات اللفظيّة على نبذ النقد والتشكيك بالنقّاد. ولا نضيف جديداً إذا قلنا إنّ ظروف التشبّع العاطفيّ الراهنة، والتي تجعلها ضرباتُ التوحّش الإسرائيليّ، وآخر تجلّياتها «مجزرة الطحين»، أشدّ حدّة واحتداماً، إنّما تثبّط فكرة الاقتراح وثقافته، سيّما وأنّ الأخيرَيْن ينطويان بالضرورة على كلام بارد لا يملك إلاّ أن يتعامل مع الحلول والتسويات وتوازنات القوى.

وقد يسود، حيال تلك الانسدادات الكبرى، نوع من نعي العالم لدى المثقّفين، وهو نعي مفهوم بسبب المشاعر الحادّة ووطأتها، معطوفة على الإحساس بانعدام التأثير الذاتيّ. بل قد يكون العالم فعلاً يستعرض اليوم أسوأ مُمكناته. لكنْ في انتظار أن نرحل عن هذه الفانية سيكون علينا أن نتعامل مع العالم، هذا العالم، بوصفه وحده ما نعيش فيه ونتلقّى تبعاته التي لا مفرّ من تلقّيها.

هكذا تواجهنا راهناً حقيقة أنّ الاقتراح متروك للسياسيّين، الإقليميّين منهم والغربيّين، وحدهم. وهؤلاء، تبعاً لضمير جريح تعبّر عنه ثقافتنا، سوف يبقى اقتراحهم مرفوضاً، إمّا لأنّهم مشاركون في العدوان، أو لأنّهم منحازون إليه، أو لأنّهم، وفق تهمة شائعة، صامتون عنه. وهذا فضلاً عن أنّهم، لمجرّد كونهم «أقوياء»، مرشّحون لشكّ الضعفاء العميق.

ويرتسم، بالنتيجة، تقسيم عمل حادّ يكون معه الاقتراح ملكاً للسياسيّين، وعلى هامشهم مثقّفون غربيّون وإسرائيليّون، فيما تُترك لثقافتنا ومثقّفينا مهمّة الوصف. وفي الوصف تنطوي المشاعر والإدانات: فإذا كان كلّ اقتراح ينطوي ضمناً على وصف ما، فإنّ الوصف لا ينطوي بالضرورة على اقتراح، ما عدا «اقتراح» الحلول القصوى التي لا يلبّيها توازن القوى القائم ولا يحتملها الواقع وخريطة القوّة فيه. وما يحصل، والحال هذه، هو أن تزدهر النعوت الهجائيّة في البيئة الثقافيّة طاردةً ما عداها. ومع أنّ إسرائيل تستحقّ معظم النعوت التي تُرمى بها، فإنّ الزيادات الكميّة في وصفها لا تغدو نقلة نوعيّة في فهمها. فوق هذا، لا تقدّم ثقافة الوصف الرائجة إضافات معتَبَرة إلى ما استقرّ عليه قاموس الهجاء العربيّ مع نكبة 1948. فمذّاك استكمل القاموس المذكور قوامه وبات كلّ «خطاب» لاحق مجرّد عَود على ذاك البدء التأسيسيّ. أمّا المصطلحات التي ترزقنا بها الأحداث المستجدّة فلن يكون من الصعب اكتشاف جَدّها الأعلى في مصطلحات سبقتها.

والوصف التكراريّ هذا يتولّى، بين أمور أخرى، اجتثاث كلّ فعاليّة يمكن أن يحظى بها الكلام، ناهيك عن إضعاف رشاقته واستنزاف ما يعتبره اللغويّون بلاغة في العبارة. وغالباً ما يذهب أحد أجنحة الوصّافين إلى تثقيف الوصف، كأنْ يستعير صرخة «لن يمرّوا» من الباسيوناريا الإسبانيّة، إيباروري، أو يلوّح بلوحة «غيرنيكا» من بيكاسو. لكنّ التجارب السابقة مع محاولات تثقيف الثقافة على هذا النحو لا تثير إلاّ مزيداً من التشاؤم حيال النتائج، ويأساً أكبر من أن تُخصب المخيّلات الكسولة.

وقد يكون أسوأ ممّا عداه أنّ الانضباط في الوصف والامتناع عن الاقتراح يعاودان ربط ثقافتنا بتقليد عريق مفاده أنّها تتقدّم من العالم بوصفها جيشاً، أو تصفيقاً لجيش، وبوصفها دعوة رؤيويّة، أو احتفالاً بدعوة رؤيويّة، لكنّها حصراً لا تكون مسؤولة، ولا تساهم في أيّ تغيير مفيد مهما كان طفيفاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح الحرب على غزّة من الوصف إلى الاقتراح



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 21:32 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

تشيلسي يجدد عقد الإدريسي حتى 2028

GMT 21:14 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي

GMT 21:27 2025 الجمعة ,11 إبريل / نيسان

رفض استئناف أوساسونا بشأن لاعب برشلونة

GMT 20:55 2025 الإثنين ,24 آذار/ مارس

جزارون يتخلصون من لحم إناث الغنم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib