عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

عن «الأصالة والحداثة»... إنّما في بريطانيا

المغرب اليوم -

عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

كثيراً ما انشغل الفكر السياسيّ العربيّ بما سمّاه «الأصالة والحداثة»، وبالتوفيق بينهما. قبل أيّام شهدنا في بريطانيا، مع وفاة الملكة إليزابيث وتنصيب نجلها تشارلز ملكاً، مهرجاناً مدهشاً لـ«الأصالة والحداثة»: تقاليد وعادات ومراسم وأزياء وصيحات تعود إلى القرون الوسطى متعايشةً مع التلفزيونات والتليفونات المحمولة والوجوه والأزياء غير التقليديّة، والأهمّ، مع قيم الديمقراطيّة البرلمانيّة والمجتمع التعدّديّ...
«الحداثة» شعبيّة و«الأصالة» كذلك: أعداد الذين أحزنتهم الوفاة وأفرحهم التنصيب لم تكن بسيطة، ولم تكن هناك أجهزة أمن تأمرهم بأن يحزنوا ويفرحوا ويحتشدوا في الساحات العامّة. في عداد هؤلاء كان أرستوقراطيّون وأبناء طبقات وسطى ومتفرّعون عن الطبقة العاملة. وهم كانوا رجالاً ونساء وذوي منازع جنسيّة شتّى، وشملوا صغاراً وكباراً، يمينيّين ويساريّين، بيضاً وملوّنين...
وبعيداً من الضجيج العربيّ بالمصطلح الفارغ، فإنّ «الأصالة» لا تعني في الحالة البريطانيّة إلاّ الرمز والاستمراريّة. ذاك أنّ المجتمعات، كلّ المجتمعات، بحاجة إلى رموز تلتقي حولها، وقد تكون الرموز كثيرة وقد تتعدّد مصادرها الاجتماعيّة وتتضارب دلالاتها السياسيّة. إنّها تطلّب إنسانيّ وطَمأنَة يحتاجها البشر، لا سيّما في أزمنة عاصفة بالتحوّلات ومهدِّدة لكلّ يقين كزمننا الراهن. وفي بريطانيا، خيضت حروب واختفت الإمبراطوريّة «التي لا تغيب عنها الشمس» لكنْ بقيت الملكيّة. وصار البلد جزءاً من أوروبا ثمّ لم يعد جزءاً منها، وبقيت الملكيّة. وقد تستقلّ اسكوتلندا عن المملكة المتّحدة وقد لا تستقلّ، فيما يتراجع الدين وتتفسّخ العائلة، بما فيها عائلة الملكة نفسها، وتبقى الملكيّة. وهذا ليس «أبداً» بالمعنى الذي استخدمه الأسديّون في وصف حافظ الأسد: فالملكيّة لا تتدخّل في حياة السكّان الذين يملكون كلّ الحقّ في إعادة النظر بها. إنّ السلطة الفعليّة للبرلمان، أي لإرادة الشعب.
والاستمراريّة ليست مجرّد تعبير عن «مصالح تخدمها الملكيّة». فلا «الهيمنة» ولا «الصناعة الثقافيّة»، أو «أجهزة الدولة الآيديولوجيّة» قادرة وحدها على فعل ذلك. إنّها لا تستطيع وحدها أن تصنع وعي الشعب كلّه، وأن توالي صنعه جيلاً بعد جيل، أي خداعه كلّه جيلاً بعد جيل.
أغلب الظنّ أنّ التماسك الوطنيّ يتطلّب الرمز والاستمراريّة، كما يحضّ عليهما شيء من النقص الإنسانيّ الذي يولّد الخوف من المجهول. والتجربة البريطانيّة، ضدّاً على أفكار القطع الراديكاليّ، إنّما تشهد لحقيقة أنّ الاستمراريّة تخلق الطقوس كما الطقوس تخلق الاستمراريّة، وأنّ الاجتماع الوطنيّ بحاجة إلى تقاليد، أكانت «مخترعة»، أم لم تكن، تماماً كما هو بحاجة إلى مؤسّسات.
في هذه «الحداثة» لا يشعر القدامى و«الرجعيّون» بأنّهم مستبعَدون ومرذولون، لكنّهم لا يستطيعون، في المقابل، وقف التقدّم والتطوّر اللذين يراعيانهم ويأخذانهم بعين الاعتبار. فـ«الأصالة» هذه لا تعيش إلاّ في كنف «الحداثة» الديمقراطيّة وفي ظلّ انتصارها، فتكون «أصالة» وديعة ومتواضعة ومؤنْسَنة وأحياناً فولكلوريّة... وهذا ما لا توفّره «الأصالة» حين تكون قويّة ومستفحلة ونضاليّة على الطريقة الإيرانيّة التي لا تتيح لـ«الحداثة» الديمقراطيّة أيّ مكان منظور.
لهذا عاشت الملكيّة البريطانيّة مهجوسة باللهاث وراء الجديد ووراء معاصرة العصر. تكيّفْ وإلاّ اندثر... هذا ما كانه شعارها الضمنيّ. في 1917، وصل الأمر بالعائلة المالكة لأن تغيّر اسمها من «كوبورغ غوثا» الألمانيّ إلى وندسور. السبب أنّ البريطانيّين أزعجهم أن يكون اسم حكّامهم ألمانيّاً فيما هم يقاتلون ألمانيا في الحرب العالميّة الأولى. جورج الخامس أُنزل إلى الشارع، وبدأ، للمرّة الأولى في تاريخ الملكيّة، يختلط بالناس ويناقشهم في أمورهم الحياتيّة. قريباه وليم الثاني في ألمانيا ونقولا الثاني في روسيا خسرا عرشيهما مع الحرب الأولى وتداعياتها. هو، على عكسهما، بقي على عرشه. ابنه جورج السادس، والد إليزابيث، لم يغادر لندن في الحرب العالميّة الثانية، رغم أن قصر باكنغهام نفسه تعرّض للقصف شأنه شأن باقي العاصمة. في 2012، مثّلت إليزابيث في فيلم قصير مع دانيال كريغ (جيمس بوند) عُرض في الحفل الافتتاحيّ للألعاب الأولمبيّة. في ذاك الفيلم بدت وهي تهبط بالمظلّة (باراشوت) لتحيّي الجمهور.
والأمر يبدو أحياناً فرجة، وهو ينطوي فعلاً على كثير من عناصر الفرجة. في «الغارديان» رأى سايمون جنكينز في أدوار العائلة المالكة شيئاً روبوتيّاً. لكنّ الثقافة السياسيّة البريطانيّة تقول ما هو أكثر من ذلك. فعلى عكس فرنسا، لم تتحوّل المَلكيّة والدين إلى حزبيّة تواجهها حزبيّة مناهضة للملكيّة. حصل هذا في أربعينات القرن السابع عشر وحربه الأهليّة، مع كرومويل والبيوريتانيّين، ثمّ اكتُشف بالتجريب أنّه غير مُجدٍ وأنّ كلفته الدمويّة هائلة. ومن تلك التجربة المُرّة ولدت أفكار توماس هوبز وجون لوك اللذين استولى عليهما السؤال الحارق: كيف نتجنّب الحرب الأهليّة، فقدّما عنه جوابين مختلفين. وبعد قرن، انشغل إدموند بيرك بطريقته بتجنّب الثورة الفرنسيّة وتجنيب عنفها وآلامها. ومن آدام سميث إلى جون ستيوارت ميل ثمّ جون ماينارد كينز، بقي نزع أسباب التطرّف والعنف من المجتمع دافعاً متمكّناً من الثقافة السياسيّة لبريطانيا. وبدورها عبّرت الأحزاب الكبرى عن هذا النزوع: فقد ضمّ «العمّال» متطرّفين يساريّين كتوني بنّ وجيريمي كوربن، وضمّ «المحافظون» متطرّفين يمينيّين كإينوخ باوِل، فحال الحزبان دون ظهور القوى المتطرّفة يميناً ويساراً، فيما جذبا الكثير من التطرّف الأقصى إلى الوسط البرلمانيّ وإجماعاته.
إنّ تجربة كهذه في «الحداثة والأصالة» تستحقّ اهتماماً عربيّاً لم تحظ مرّةً بمثله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا عن «الأصالة والحداثة» إنّما في بريطانيا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 23:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير
المغرب اليوم - نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib