لبنان المواجهة الانتخابيّة الأخيرة في أربعة أسئلة وأجوبة مبسّطة

لبنان: المواجهة الانتخابيّة الأخيرة في أربعة أسئلة وأجوبة مبسّطة

المغرب اليوم -

لبنان المواجهة الانتخابيّة الأخيرة في أربعة أسئلة وأجوبة مبسّطة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

سؤال: كيف يُقرأ ما حصل الأربعاء الماضي في البرلمان اللبنانيّ؟

جواب: يُقرأ على مستويين: عجز «حزب الله» وحلفائه عن إيصال مرشّحهم إلى رئاسة الجمهوريّة، وهجوم الحزب وحلفائه لقضم رئاسة الجمهوريّة. صحيح أنّ الحزب تعرّض لانتكاسة، كما يقول خصومه، لكنّها انتكاسة ضمن استراتيجيّة هجوميّة متواصلة، وهذا كثيراً ما يفوت انتباهَ خصومه. لهذا فالانتكاسة تلك لا توقف الهجوم الذي سيستخدم ملهاة الحوار وتعطيل البرلمان وابتزاز القوى الإقليميّة والغربيّة المؤثّرة، وربّما ما هو أكثر وأخطر.

سؤال: ما معنى استراتيجيّة الهجوم لقضم موقع الرئاسة؟

لنفترض لوهلة أنّنا نعيش في نظام غير طائفيّ لمجتمع غير طائفيّ. في هذه الحال سيكون من الهرطقة أن يقال: إنّ للموارنة القول الأوّل في اختيار رئيس الجمهوريّة المارونيّ، وللشيعة القول الأوّل في اختيار رئيس البرلمان الشيعيّ، والشيء نفسه للسنّة في اختيار رئيس الحكومة السنّيّ. والحال أنّ هذا التقسيم الطائفيّ للرئاسات كان هو نفسه ليبدو هرطقة وتحريضاً على استقرار البلد وعلى قيمه وأعرافه.

لكنْ أيضاً في نظام غير طائفيّ، سيكون هرطوقيّاً أن يقرّر الشيعة وجود مقاومة مسلّحة أو عدم وجودها، بحجّة أنّ الطائفة المذكورة هي التي تقيم في جوار الطرف الذي يُفترَض باللبنانيّين أن يقاوموه.

إذاً، لا هذه الطائفة تكون المقرّر الأوّل في موضوع بأهميّة رئاسة الجمهوريّة، ولا تلك الطائفة تكون المقرّر الأوحد في موضوع كالمقاومة ليس أقلّ أهميّةً وحساسيّةً.

بالمعنى نفسه، ولكنْ على نحو مقلوب: في نظام طائفيّ كالنظام القائم، يُفترض أن يكون الحكم فيه «بالتوافق»، لا بدّ أن يكون للموارنة اليد العليا في تقرير رئاسة الجمهوريّة (المارونيّة)، خصوصاً أنّ الشيعة هم الطرف الأوحد في تقرير مصير المقاومة (الشيعيّة).

إلاّ أنّنا نحصد ما هو أسوأ حين نتذكّر أنّ الطرف الشيعيّ هو الذي يعترض على الحقّ المارونيّ في موضوع الرئاسة، ما يوحي أنّ المطلوب إقرارٌ بالحقّ الشيعيّ، لا في موضوع المقاومة فحسب، بل أيضاً في موضوع الرئاسة.

لضمان الحقّ الشيعيّ في الرئاسة، كما في المقاومة، صنّف أنصار الحزب الاختيارَ المارونيّ لمرشّحٍ يخوض معركة الرئاسة بأنّه «ابتزاز» و»تحدٍّ» و»لعب بالنار» و»تهديد للسلام الأهليّ». وصل الابتزاز والتشهير إلى سويّة فلكيّة مع خطاب المرجع الدينيّ الشيعيّ الأوّل من أنّ «ما لم تستطع أن تأخذه تلّ أبيب وواشنطن بالغزو الإسرائيليّ لن تحقّقاه بالانتخابات الرئاسيّة»، أي تخوين «الشريك» الذي يُفترض «التوافق» معه.

هذه هي محاولة القضم، بكلّ الأسلحة الثقيلة، التي يُراد لها أن تضع في جيب واحدة رئاسة المقاومة، وهي فعليّاً أهمّ الرئاسات، ورئاسة البرلمان، ورئاسة الجمهوريّة (المارونيّة)، فيما رئاسة الحكومة (السنّيّة) محكومة بتصريف الأعمال ومشرفة على تصريف القوّة الذاتيّة للسُنّة. هذا أشبه بحركة استيطان سياسيّ تجتاح المواقع المؤثّرة أو تعطّلها وتُجلي أصحابها عنها بعد التشهير بهم.

سؤال: لكنْ لماذا الآن؟

جواب: لقد نقلت معركة رئاسة الجمهوريّة (من دون أيّة حماسة لأيّ من مرشّحَيها) الموضوع إلى مكان يصعب التستّر عليه. ذاك أنّ الوضع الإقليميّ الملائم للحزب وإمساكه بالمفاصل الفعليّة للقرار صُدما بالعجز عن إيصال رئيس جمهوريّة مطواع له. جاء هذا مترافقاً مع الموقف الجديد للعونيّين الذي حرم الحزب من الغطاء المسيحيّ الذي غطّاه منذ 2006. لهذا بات مطلوباً الانتقال إلى سويّة أعلى من العلنيّة والتوكيد الطائفيّين، والتخلّي عن أوراق التوت طالما أنّ هذه الأوراق تتساقط. وراء هذا القرار تقيم تجربة الميشالين: فـ»التوافق» دفع ميشال سليمان، رغم ركاكته، إلى استقلاليّة لا يحتملها «الحزب»، وميشال عون كرّس تأويل «التوافق» كما يشتهيه. بعد عون، لا يمكن الرجوع إلى سليمان. الرجوع إلى لحّود هو وحده الممكن والمقبول.

سؤال: أليست هذه قراءة طائفيّة؟

جواب: لا. ما يحصل اليوم هو أنّنا نتصرّف كأنّنا بلد غير طائفيّ لا يجوز فيه للموارنة تقرير اختيار رئيس الجمهوريّة. لكنّنا نتصرّف، في الوقت ذاته، كأنّنا بلد طائفيّ يجوز فيه للشيعة وحدهم تقرير وجود المقاومة. من يعترض على التفرّد الشيعيّ بالقرار الأخير يكون طائفيّاً، ومن يوافق على الأولويّة المارونيّة في رئاسة الجمهوريّة يكون طائفيّاً.

وفق هذا المنطق، من لا يكون طائفيّاً هو الذي يقول بوحدانيّة الحقّ الشيعيّ في موضوع المقاومة، وبانعدام الحقّ المارونيّ في موضوع الرئاسة.

وغالباً ما يقال ردّاً على تسمية الأشياء بأسمائها: هذا كلام طائفيّ، إذ ينبغي الفصل بين ما نعيشه وما نقوله. نعيش طائفيّاً، وتُفرض هيمنة طائفيّة في الواقع، لكنّنا نتحدّث كما لو أنّ الطائفيّة لا توجد. هذا يشبه ما عرفته بلدان عربيّة كثيرة اتّبعت فيها الأنظمة سياسات طائفيّة، فحين وصف معارضوها ذاك السلوك بالطائفيّة، وُصفوا هم بأنّهم الطائفيّون.

لقد سبق لأستاذ الفلسفة اللبنانيّ بشّار حيد أن تساءل: إذا كان ثمّة نظام تمييز عنصريّ، أو إثنيّ، أو جندريّ، بات مطلوباً كشفه ومقاومته. لكنْ لماذا يسود الصمت والتمويه في مواجهة نظام تمييز طائفيّ؟

قبل 1975 نُسب إلى «المارونيّة السياسيّة» أنّها طرحت على المسلمين صيغة تعايش مفادها: «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم». المؤكّد اليوم أنّ «الشيعيّة السياسيّة» تطرح على باقي اللبنانيّين صيغة تقول: «ما لنا لنا وما لكم لنا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان المواجهة الانتخابيّة الأخيرة في أربعة أسئلة وأجوبة مبسّطة لبنان المواجهة الانتخابيّة الأخيرة في أربعة أسئلة وأجوبة مبسّطة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib