تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة
أخر الأخبار

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة

المغرب اليوم -

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

الحفاظ على مؤسسات الدولة، والسلم المجتمعي هو من مبررات الرئيس التونسي لحل البرلمان بعد وصفه لجلسة التحدي لقرار التجميد بأنه «انقلاب لا شرعية له على الإطلاق.. إنهم يتلاعبون بمؤسسات الدولة». هذا تصريح الرئيس قيس سعيد بعد اجتماع البرلمان الافتراضي والتحدي لقرار الرئيس التونسي بتجميد أعماله، بينما وكيل الدولة بمحكمة الاستئناف فتح تحقيقاً بتهمة التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إجرامي.
حل البرلمان جاء استناداً إلى الفصل 72 من الدستور وينص على أن «رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور»، رغم أن نص المادة ليس فيه ما يشير إلى حل البرلمان، إلا أن مفسرين دستوريين قالوا إنه يقع تحت بند أن رئيس الدولة هو الذي يحفظ وحدة الدولة واستمرارها واستقرارها، وحيث إن ما حدث فُسر على أنه محاولة انقلاب لحركة النهضة من خلال استخدام مؤسسات الدولة مثل البرلمان، حيث كان الحضور أغلبهم من النهضة، مما وصف بأنه تلاعب بمؤسسات الدولة، الأمر الذي استوجب تدخل رئيس الدولة لحماية المؤسسات، استناداً إلى الفصل 72 باعتبار أن الخطر هو التآمر على أمن الدولة وأن قرارات مجلس النواب المنحل محاولة انقلابية.
محاولة زعيم النهضة راشد الغنوشي (الشخصية الأكثر جدلية في تونس)، الانقلاب على قرارات الرئيس وذلك باجتماع البرلمان المجمد، ولو من خلال جلسة افتراضية عبر تقنية الفيديو، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، الأمر الذي اعتبره الرئيس قيس سعيد وآخرون محاولة انقلاب على السلطة، بل ويهدد السلم المجتمعي، ويجعل تونس على شفا جرف هار من الحرب الأهلية.
عقدة الزعامة عند الغنوشي، هي السبب وراء التعنت في مواقفه السياسية، إذ يرى نفسه أكبر من الجميع، فهو يرى نفسه أكبر من منصب رئيس للبرلمان، أو حركة تطوف في محراب جماعة أو تنظيم، وهو ما جعله يتجاوز صلاحيات رئيس البرلمان في الدستور التونسي إلى انتزاع بعض اختصاصات رئيس الجمهورية ومنها التمثيل الخارجي، ومحاولاته المتكررة لممارسة ما عرف بـ«الرئاسة الموازية»، فالغنوشي لم يستطع التخلص من كونه رئيس حركة ليندمج في منصبه الجديد رئيساً لبرلمان تونسي يمثل جميع التونسيين.
أزمة حركة النهضة تكمن في أنها تفتقد للهوية المحلية، وتحاول أن تصبغ نفسها باللون الخارجي، كما لم تحاول طيلة تاريخها أن تكون حركة تونسية خالصة، وسواء اعترفت النهضة أو أنكرت انتماءها لتنظيم «الإخوان» العالمي، فلا يمكن القفز على تقاطع الأفكار بل وتطابقها مع الجماعة الأم، ولعل اعتراف أكبر عرّابي حركة النهضة عبدالفتاح مورو خير دليل.
عادة «الإخوان» الاختباء خلف بكائية «المظلومية» الشعار المتكرر لتبرير جميع سقطات جماعة «الإخوان»، وكأن عناصر الجماعة أشبه بـ«الملائكة» لا يرتكبون جرائم وأخطاء، بينما تاريخهم يعج بصفحات ومجلدات تضم الجرائم والإرهاب الذي خاضته الجماعة الضالة.
الأزمة التونسية والانسداد السياسي بدأ مع تخبط البرلمان التونسي المأزوم منذ مدة وقبل قرارات الرئيس قيس سعيد بشأن تجميد أعمال البرلمان ثم حله، وذلك بسبب سوء إدارة الغنوشي للبرلمان، وذلك بسبب افتقاره للخبرة السياسية، والتجارب المحدودة لجماعات الإسلام السياسي في السلطة، ومنهج الولاء للجماعة أولاً مما جعلهم غير قادرين على تمثيل أمة أو شعب، لأنهم اعتادوا على تمثيل جماعة وتنظيم يجمعهم.
تونس اليوم في حاجة للذهاب إلى انتخابات تقرر من يشرّع بإرادة تونسية خالصة، وتبعد شبح الانقسام والفوضى وحتى الانزلاق نحو الحرب الأهلية في بلد مجاور لليبيا التي تعاني الأمرين من الانقسام السياسي وفوضى السلاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة تونس والتلاعب بمؤسسات الدولة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت - المغرب اليوم

GMT 07:43 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:10 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

"أوتلاندر PHEV" تحفة ميتسوبيشي الكهربائية

GMT 06:45 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان

GMT 07:00 2016 السبت ,17 أيلول / سبتمبر

متى يعود "الزعيم" إلى سكة الألقاب؟

GMT 17:31 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

الحسين عموتة يؤكد احترامه للعقد الذي يربطه مع الوداد

GMT 23:28 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أفضل طرق تنظيف جلد السيارة بطريقة صحيحة

GMT 13:13 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد المصري للكرة يتخذ إجراءات أمنية لإيقاف مرتضي منصور
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib