على هامش الرثاء

على هامش الرثاء

المغرب اليوم -

على هامش الرثاء

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ينقسم الكتّاب، أو مَن تنطبق عليهم هذه الصفة فعلاً، حقاً، إلى أكثر من فئة. بينها الكاتب، والذي تقرأ من أجل أن ترى «كيف» يكتب. هذا النوع من أرباب الصنعة، يتمتع بالموهبة وما أضاف إليها من ثقافة ومنطلقات إنسانية. أما مَن تختلف معه متى تختلف، فمسألة ثانوية لا حساب لها في إطار الحرية والموقف.

كنتُ من المدمنين على قراءة الكاتب إلياس خوري، أيام كان عندما يراني يذهب إلى الرصيف الآخر لكي يتجنب إلقاء التحية، أو ردّها. وبعدما تعارفنا، ظلت القاعدة على ما هي، لا يؤثر فيها اختلاف، أو توافُق. وكما يحدث للكتّاب جميعاً، كان يطل بإبداعٍ، أو تحفةٍ أدبيةٍ، فأسارع إلى الاتصال.

كتب إلياس خوري واحدة من أوراقه الأدبية في «القدس العربي»، يوم الثلاثاء الماضي، يرثي فيها الشيوعي السوري الراحل رياض الترك. وكانت للرجل سمعة الصالحين أكثر من سمعة الثوار. فقد كانت سيرته الإنسانية أعلى بكثير من تصنيفٍ حزبيّ أو مرتبة سياسية. ويُفهم من السرد الذي يُغنيه الكاتب باللمعة الأدبية، أن الغائب كان من معارفه ورفاقه.

توقفت في هذا النص الروائي عند جملة قصيرة واحدة: «الانحطاط الذي موّله الفساد الخليجي». الحقيقة فوجئت بأن بعد كل ما حدث لهذه الأمة لا يزال الخليج مَضرب مثل. رحم الله نزار قباني، كان كلما شعر بأن جمهوره ملّ قليلاً، وضع أمامه (الجمهور) امرأة حديثة وبدوياً يُغرقها بمال النفط. تغيرت الخريطة النفطية في العالم العربي، وأصبح الكثير من النفط ثورياً تقدمياً، وظل النفط، أو الخليج، أو البدو، موّال الشعراء المفضل. يوم احتل العراق الكويت، كان ثاني أكبر دولة نفطية. لكنّ الثوريين رأوا أن الكويت تريد مزيداً من النفط. مِن مَن؟ من عراق صدام حسين.

تقف أمامنا هذه الأمة الحزينة في مربعين: واحد نسميه، إذا شئت، الخليج، والآخر أيضاً إذا شئت، ليس الخليج. «الانحطاط» الذي تَحدث عنه الكاتب العزيز، شيء صارخ لا يحتاج إلى تحديد أو توصيف. وكذلك عكسه. كالفارق مثلاً بين عشرات آلاف الخريجين كل عام، وبين اقتصاديات الكبتاغون. أو أوضاع الجامعات والعلم في الدول الثورية.

أعطى الراحل الكبير نزار لنفسه الحق في أن يعشق نساء العالم، ولم يتردد لحظة في جعل المستور من جسد المرأة عنواناً لأحد دواوينه الجميلة. لكنّ كارثة تحل بالأمة إذا جالسَ خليجي امرأة في ملاهي بيروت.

عال! كان ذلك بالنسبة له زمناً شعرياً يتسلى فيه الفقراء بهجاء الأغنياء. هذه عادات البشر في كل مكان، من قديم الأزمنة وجميع الأمكنة. أما اليوم، أيها الكاتب العزيز، فأنت وأنا نعيش في بلد بلا كهرباء وبلا طرقات، وبلا رئيس جمهورية. والسعيد منّا مَن عثر أولاده على عمل في الخليج. مع تحياتي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش الرثاء على هامش الرثاء



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib