كتّاب العصي

كتّاب العصي

المغرب اليوم -

كتّاب العصي

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

مرت ذكرى 5 يونيو (حزيران) هذه السنة من دون عويل ونواح وتبادل الشتائم بين المؤيدين والمعارضين. وانتقل البحث في ذلك الحدث التاريخي إلى رجاله التاريخيين كأبطال وبشر خسروا حرباً أشعلوها بالخطأ. كانوا جميعاً بشراً، أبدعوا وأخطأوا. ولم يرتكبوا خيانة أو مهانة. نجاحهم الأولي أوقعهم في الغرور، والغرور أوقعهم في شرّه. أحنت النكسة أكتافهم، لكنها لم تحنِ رؤوسهم.
المشكلة كانت، كما هي في كل التاريخ، في الفئة المحبطة. وهذه الفئة أو المفرزة، تضم دائماً بعض الكذبة والطبّالين والمصابين بعمى الحقائق المشابه لعمى الألوان. وكانت هذه الزمر موجودة في كل العصور وكل الأزمان وحول كل الرجال، من الإسكندر الكبير إلى نابليون. أما مسؤولية الحاكم ففي أنه لم يستطع التمييز بين من يشور به إلى الخلاص ومن يسير به إلى الهلاك.
أكثر من أساء إلى الناصرية في عز 23 يوليو (تموز) وفي حصاد 5 يونيو كان صغار القوم ممن تلحفوا برداء عبد الناصر، بطلاً أو مهزوماً. هؤلاء كلفوا أنفسهم، قبل وفاته وبعدها، مهام أعلى منهم بكثير. وظن كل منهم أنه هيكل آخر في حين لم يكن مستواه الفكري يؤهله لأكثر من وظيفة «بادي غارد» للموتى. وهؤلاء حوّلوا النقاش حول إرث عبد الناصر إلى صراع بالعصي، لأنهم لم يحملوا ما يمكن اعتباره قلماً في حياتهم.
في فكر على مستوى نقاش العصي، لا يمكن إيفاء مصر حقها والرد على ظلامتها في تلك المرحلة التاريخية. وإذا كان حملة العصي أولئك يتثبتون شيئاً في أهازيجهم، فإنما يؤكدون أن سيد المرحلة كان راضياً، أو حريصاً، على سلوك رجل مثل صلاح نصر، أو المجموعات الأخرى التي بقَّعت ثوب مصر.
مشكلة كبرى لمصر أن يكلف الأدعياء والجهلة أنفسهم صيانة الإرث الناصري. قضية تتطلب كبار المفكرين والكتّاب والمؤرخين لا يمكن تركها لمنطق العمدة ولغة العصي وبطولات العصي. وكم تشعر مصر بالارتياح وقد انخفضت، وكادت تنقرض، أدبيات «البعكورة» وأفكار الجلاوزة.
لم يعد جائزاً أن تكون مرحلة بهذه الأهمية التاريخية موضع تجارة المفلسين، الرجل ليس في حاجة إلى «بادي غارد» وإنما إلى مؤسسات تاريخية تعيد إليه الاعتبار، وتزرعه في ذاكرة الأجيال نقطة تغير وتوازن. وتنزع من قلوب الطالعين أثر هذا الردح السقيم في الدفاع عن رئيس أعاد خلط تاريخ مصر ومجتمعها ونظامها.
ربما كان من الأفضل أن تترك كتابة التاريخ لرجل مثل الدكتور زاهي حواس. كلما نقب في مكان عثر على مرحلة ذهبية من أمجاد مصر، بدل الذين يعثرون على عصا من دون الحاجة إلى حفر. مجرد طبع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتّاب العصي كتّاب العصي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 18:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

القنوات المجانية الناقلة لمباراة المغرب والكوت ديفوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib