الخوف من الغابة

الخوف من الغابة

المغرب اليوم -

الخوف من الغابة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

قام الكاتب الهندي ف.س.نايبول (نوبل 2001) بجولة في القارة الأفريقية بُعيد استقلال دولها، ثم عاد إليها مرة أخرى بعد نحو العقدين. ودوّن الرحلة الثانية تحت عنوان «قناع أفريقيا»: لمحات من المعتقدات الأفريقية سماها معتقداً، وليست خرافة أو أساطير، كما هي بالفعل، وذلك طبعاً لتجنب أي إحراج في الحديث عن العادات والمعتقدات التي كانت لا تزال سائدةً في المجتمعات التي أطلق عليها المستعمرون لقب «البدائية».

في الغابون، يكتشف نايبول أن أهل البلاد يؤمنون بأن كل شيء على الأرض هو «طاقة» في البشر والحيوان والنبات. وقال له أحد الزعماء المحليين «إن كل واحد منّا عبارة عن بطارية، وفي رؤيتنا للعالم نعتقد أن حتى الحيوانات هي بطارياتٌ أيضاً، وإذا ما مات أحدٌ في العائلة فإن هذا يعني أن عضواً آخر قد سُرقت منه طاقتُه. ونحن نذهب أيضاً إلى ساحة القبيلة إذا أردنا سرقة الطاقة من شخص آخر. مجتمعنا أموميّ، وننتمي إلى عائلة الأم، كما يعد الشقيق الأكبر للأم رأس العائلة مطلق القوة. ولذا إذا ما توفي ابن شقيقة ما، يشتبه بأن الخال قد أخذ طاقته».

اكتشف نايبول أن الغابة لا تزال تؤثر في حياة الناس. إنها عالمٌ كثيفٌ كثٌّ يحوّل الغابة إلى جدار أسود لا تمكن رؤية شيء من خلاله إلا في تحدي ذلك العالم الغريب الذي يُصدر في الليل أصواتاً مختلفة في عالم مختلف. يُصغي نايبول إلى زعيم القبيلة بالكثير من الاهتمام، ويحاول الرجل بدوره أن يكون شديد الدقة وهو يروي الأحداث التي مرّت بها قريتُه. وفي إحدى المرّات ظهر فيها نفطٌ كثير وبدأ مهندسون هولنديون في الحفر من دون استئذان سيد الجنّ في المنطقة. وسرعان ما جفّ النفط ولم تعد تنفع أي محاولةٍ، إلى أن تولى طبيب القرية الحصول على ذلك فوقه شجرة موز، وتُترك إلى أن تحمل أولى ثمارها. وعندما تظهر الموزة الأولى، يُقام احتفال آخر، حيث يدهن الطفل الموزة على جسده كله.

ذلك من تقاليد كثيرة من أجل إبعاد الأخطار القادمة من الغابة. وبما أنه مجتمعٌ أنثويّ فإن المرأة هي الأقوى، لأنها تعطي الحياة ولها أيضاً القدرة على السحر. ليست الغابة وحدها غير آمنة في عالم نايبول ومحدَثي الأفارقة، بل المدن أيضاً. فالقبائل تحمل مخاوفها وعاداتها إلى كل مكان تذهب إليه. ولم يكن على نايبول إلا أن يتجول فيه بحثاً عن غنائمه التي لا يعرف ما تبقى منها إلى اليوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوف من الغابة الخوف من الغابة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

امتلك جزيرتك الخاصة في بولينيزيا الفرنسية

GMT 04:20 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

ماسك البقدونس المثلج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib