والدول الكبيرة أيضاً

... والدول الكبيرة أيضاً

المغرب اليوم -

 والدول الكبيرة أيضاً

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

عمل ديفيد هيرست نحو ثلث قرن مراسلاً لـ«الغارديان» في الشرق الأوسط. ومثل جميع المراسلين كان يقيم في هدوء بيروت ويغطي منها انقلابات سوريا و«وجبات» الإعدام في ساحات بغداد. ثم ضمّت بيروت إلى عواصم النضال وساحات الصمود والتصدي، فانتقل هيرست إلى قبرص. وبعد سنوات في الجزيرة المقسومة على قسمين، يوناني وتركي، وضع مؤلفاً عن لبنان، لم أعد أذكر عنوانه للأسف، لكنه شيء مثل «مسكينة الدول الصغيرة». صحيح. لكن أحياناً، والكبيرة أيضا. فما ذنب مصر، مثلاً، كي تخاف على سيناء في صراع بين غزة وإسرائيل؟ يفهم المرء أن تخاف دولة في حجم الأردن، تحولت إلى مخيمات للشعوب الشقيقة المجاورة، ولم يعد في وسعها استقبال المزيد. أو دولة (أو شبه دولة) مثل لبنان، نازحوها أكثر من أهلها. أما مصر، فإنها لمفاجأة حقاً أن توضع على لائحة الخائفين.

الحقيقة أن على العربي أن يولد خائفاً، ومن ثم يُشرح له، ممن ومتى. لذلك عندما تمطر في بلاده، أو تجف أو تعتدل، يسمي كل هذه الحالات مؤامرة. وغالباً ما يكون ذلك صحيحاً. وإلا فماذا يسمي الأردني المظاهرات العراقية على حدود بلاده؟

يا جماعة، الحرب في غزة، وعلى المتوسط، والأردن – آه، مسكينة الدول الصغيرة.

نحن، في الجمهورية اللبنانية، احتياط حتى الآن. مثل كل شيء آخر: حرب، أو لا حرب، وليست تلك هي المسألة، وإنما إذا كانت حربا، فلماذا؟ من في حاجة إلى غزة أخرى، ومن تفيد؟ ومن سوف يعمّر ذات يوم كل هذا الخراب والرماد؟ وفي سبيل ماذا كل هذا الموت؟ وبعد كل هذا العدم، هل يبقى مكان لانتصار؟

يستطيع علماء الاستراتيجيات أن يفسروا هذا الطاعون؛ أن يقولوا لمليوني بشري لماذا هم حتى من دون مياه... لماذا هم في الإبادة والعراء... لماذا ليس هناك من يفيد أمام الكون من مشهد الجزار الإسرائيلي وهو يرسل أكفان الأطفال واحداً بعد آخر... ولماذا لا يشرح استراتيجي عظيم ماذا تفعل الحشود العراقية عند حدود الأردن... أو أن يفسر لنا آخر، لماذا تتحول كل مواجهة مصيرية مع إسرائيل إلى نزاع بين العرب؟!

في أي أولوية بشرية أو إنسانية أو سياسية أو قومية، يجب العمل قبل أي شيء على وقف الإبادة في غزة. البطولة بعد اليوم ليست في وضع صدور الأطفال أمام الفانتوم، بل في إيصال المياه والخبز إلى كل غزّي. وهي في البحث عن أسرع قرار دولي لوقف المجزرة الكبرى. قبل البحث عن عمل عسكري مثل توسيع الجبهات، الأهم الآن هو السعي السياسي لوقف الإعدامات والعدم في غزة، لإعطاء أهالي غزة راحة ساعة أو ساعتين من سماع أصوات الانفجارات الرهيبة المتلاحقة مذ ثلاثة أسابيع.

قالت «حماس» إنها أمضت عامين في التخطيط لـ«طوفان الأقصى». هل تضمّن الإعداد شيئا عن الفصل الأخير من عملية حربية مشهودة؟ هل هناك شيء عن لجم هذا البحر من القتل؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 والدول الكبيرة أيضاً  والدول الكبيرة أيضاً



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 03:22 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيما ستون تنطلق في فستان أزرق مزخرف ولامع

GMT 02:24 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

التطريز اليدوي الفريد يمنحك قطعة ملابس لا تتكرر

GMT 02:01 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فادية عبد الغني تؤكد أن تجسيد شخصية "بديعة مصابني" أرهقها

GMT 06:35 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

"مشاغبات مثقف ثوري" كتاب جديد لعبد الخالق فاروق

GMT 05:32 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

حقيقة انفصال الأمير هاري عن حبيبته ميغان ماركل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib