الدرجة الثالثة

الدرجة الثالثة

المغرب اليوم -

الدرجة الثالثة

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

فقط بالمصادفة وحدها: مساء أمس عند صديق، يتحدث زوجان شابان عن رحلة بالسيارة من اليونان إلى فرنسا. الانطباع الأهم: أعداد أفراد الشرطة السرية على جميع الحدود، والذين يطاردون المهاجرين غير الشرعيين. كل مخلوق مشبوه، وأوروبا لم تعد تتسع، وخوفها الآن من أن تبلغها هجرة الأفغان الهاربين من الأفغان. وربما يحسن بنا الملاحظة أن جميع اللاجئين هاربون من بعضهم بعضاً وليس من عدو خارجي.

في اليوم التالي مررت بالمكتبة بحثاً عن الكتب الصادرة أخيراً، فوجدت واحداً عن «عابرات المحيط» أوائل القرن الماضي من سيدات شهيرات ومهاجرات ومضيفات بواخر. وتروي مضيفة تجربتها قائلة إن تعليمات السفر كانت تقضي بالاهتمام بركاب الدرجتين الأولى والثانية، ولكن خصوصاً بركاب الدرجة الثالثة، أي العمال والفقراء والباحثين عن أوطان قادرة على إعالتهم.
ما بين انطباعات الزوجين القادمين من البون وعابرات الأطلسي، عالَمان: واحد يبحث عن مهاجرين جدد للمساهمة في بنائه، وآخر لا يريدهم لأنهم يشكلون عبئاً اقتصادياً واجتماعياً، وأحياناً أمنياً، على مواطنيه. الهجرة الكبرى إلى أميركا، كانت هجرة الذهب والمناجم، والآن أميركا وأوروبا تشكو من البطالة وأعباء الإعالة والصحة والتعليم وخلافه.

بعد كل حرب احتاجت الدول إلى إعادة الإعمار. ألمانيا وفرنسا وبريطانيا امتلأت بالقادمين من المستعمرات السابقة. مليون مهاجر «شرعي» كان يدخل إلى أميركا – ولا يزال – كل عام. وبعد سنوات يتوقع أن يتغير لون الولايات المتحدة وتركيبتها الدينية. وبعد رئاسة باراك أوباما الذي من جذور إسلامية، ها هي نائبة الرئيس كامالا هاريس التي من أصول سمراء ويهودية.
لا حاجة إلى الاعتناء بمسافري الدرجة الثالثة بعد اليوم.

وقد تغيرت طبيعة الهجرة أيضاً من حيث الدول الحاضنة. لم تعد هذه دولاً ميسورة مثل أميركا واليابان، أو فسيحة مثل البرازيل، بل صارت أيضاً دولاً صغيرة محدودة الدخل والمساحة والقدرات، مثل لبنان والأردن، أو فائضة مثل تركيا، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، واليونان.

مع أن الأرقام أرقام، والأرقام لا تخطئ، ليس هناك من أرقام دقيقة للاجئين في العالم. لكن تقارير الأمم المتحدة تقول إنهم نحو 300 مليون، النسبة الأعلى منهم في ألمانيا، تليها الولايات المتحدة، وتحل تركيا في المرتبة السابعة بين الدول العشر الأكثر استقبالاً.

المفزع في الأمر ليس نسبة اللاجئين، فهي قليلة نسبياً، وإنما امتداد التشرد من الخوف. في كل القارات. من تشيلي إلى إيطاليا ومن كوريا الجنوبية إلى فرنسا. لاجئون سياسيون ودينيون ومجاعة. وفي البلدان الصغيرة، مثل لبنان والأردن، يغيّرون الخريطة الديموغرافية مع السكان الأصليين.

لكن لا معاملة الدرجة الأولى للدرجة الثالثة هنا. أوضاع ما دون الدرجة الثالثة بكثير. وخوف متبادل بين الضيف والمضيف. والبشرية شر طارد وشر مطرود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرجة الثالثة الدرجة الثالثة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته
المغرب اليوم - توم كروز يحصل على أول جائزة أوسكار فخرية في مسيرته

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib