تشات مع فنزويلا

تشات مع فنزويلا

المغرب اليوم -

تشات مع فنزويلا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

في العالم الرقمي دهشة جديدة تدعى بالإنجليزية Chat GPT. ولا أعرف ماذا تعني، ولا أعتقد أنني سوف أعرف ذات يوم. أنا، مع الندم والحسرة، عدو ما أجهل، والعداء قائم وحروبه دائمة. وما نظنه سلماً ليس سوى هدنة بين حربين أو مجموعة حروب، أو بالأحرى باقة من الحروب، كما يوحي محبوها وعابدوها وتجارها.

كل ما استطعت معرفته عن المولود الجديد «تشات» مع باقي الأحرف الأولى، أو أحرف العلة، أنك تستطيع أن تطلب منه أن يكتب لك موضوعاً عن ضوء القمر، أو بياناً أو تصريحاً. لكنها جميعاً سوف تكون من دون روح وفارغة من الصدق، وعبارة عن طقطقة شرائح فوق بعضها البعض، تماماً مثل طق الحنك (أو الاحتكاك) السياسي.
وسوف تكون سوق هذا الاختراع، في لبنان وغيره، عظيمة. يصار إلى تعبئة الجهاز «تشات» بكل الشعارات التي جرى استخدامها على مر العقود، وتم رفعها في الساحات، ودهنها على الجدران وكتابتها على الباصات وعربات النقل وعربات الفاكهة. ومن ثم يقوم «تشات» بطحنها وخلطها، ثم تصفيتها، فيكون لنا ملخص عن ضياع العمر عن رصف الفراغ فوق الفراغ.
يؤدي تكديس الفراغ فوق الفراغ إلى ما تؤدي إليه القنبلة الفراغية: تدمير كل ما حولها. نظرة بسيطة في الصباح أو قبل النوم، عما أدت إليه صناعة الفراغ، تعطيك صورة عن طريقتنا في «الدردشة». إنه الفرق بين «تشات» بيل غيتس وثرثرة السخف الذي يزداد عقماً وينشر الفشل والحزن واليأس، ويحول أصحاب الأرض إلى طبقتين من المهجرين: واحدة قادرة على شراء تذاكر السفر، وواحدة تحتشد في زورق مصنوع من مادة الموت.
«تشات» اختراع مؤلم عندنا، بعكس ما هو في بلدانه. إنه تحريض إضافي على حياة التكايا والنراجيل ومقاهي محمد شكري، حيث كان الشباب العاطل عن العمل يتبادل سباسب السجائر والعيش على هوامش الدنيا.
خلال أقسى موجة صقيع عرفتها، أتطلع حولي فلا أجد سوى كائنات تثرثر. تحكي طوال اليوم ولا تقول شيئاً. تمضي وتترك خلفها الخراب، ثم المزيد منه. ينازع الإقليم ولا تلقى الناس سوى «تشات» يكرر سخافة العقول المحدودة. «تتفيه الشر» كما قالت عنه أرندت. شعوب في انتظار البواخر، ودول في انتظار البواخر والطائرات. ولولا العوائق الجغرافية لهربت الجموع براً أيضاً، أسوة بإخوتنا ورفاقنا في فنزويلا، زهرة الممانعة، حيث هام الملايين براً نحو دول الجوار الإمبريالية، بحثاً عن رغيف.
أسابيع (مع التفاؤل) ونصبح فنزويلا الشرق. زالت أيام سويسرا الشرق، وباريس الشرق. نحن زلزال الشرق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشات مع فنزويلا تشات مع فنزويلا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib