الطوفان الذي لم يقع
أخر الأخبار

الطوفان الذي لم يقع

المغرب اليوم -

الطوفان الذي لم يقع

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

وصلنا لندن كمهاجرين بطريق البحر قادمين من باريس، ومعنا حقائبنا وما اتسعت له من حوائج قابلة للنقل. وبين عبّارة مائية وقطار، فوجئنا بكثرة الملصقات التي تحذر من الفيضان المتوقع. وفي اليوم التالي، وما تلاه من أيام، رأينا أنفسنا ندور في طوفان من الملصقات والتعليمات والإرشادات.

ولم نتبع أياً منها. فقد كنا نعتقد أن هذه الأشياء لا تقع إلا في كتب التاريخ وأفلام السينما. حل الموعد ولم يظهر للفيضان أثر. وبقي نهر التيمس هادئاً ضمن ضفافه. وظلت الفيضانات للتاريخ.

هذا العام، هذا الشهر، تذكرت لندن ذلك الطوفان الهائل الذي لم يقع عام 1524. إذ قبل عام بدأ المنجِّمون يحذّرون من أن طوفاناً هائلاً سوف يغمر أوروبا في الأول من فبراير (شباط)، ويكون فيضه الأعظم في لندن وضفاف التيمس. وراح البعض يقيم السدود والتحصينات. وفي روما هجر السكان وطي المدينة، وانتقلوا إلى الهضاب وتلالها السبعة الجميلة. وأعد الناس المؤن. وفي المدن الألمانية، أعليت جدران الأسوار، وفي فيينا وجوارها باع الناس أراضيهم المنخفضة بأسعار خفيضة.

كان علماء الفلك مجمعين وحاسمين: «لقد حدثت تحولات وتغييرات في العالم أجمع لم تعرف منذ قرون. وسوف يؤدّي ذلك إلى فيضانات وكوارث ما بين 1499 و1531». وقال العالم الإيطالي لوقا كريكو إن طوفاناً سيغرق معظم أوروبا عام 1425، وسوف يستمر هطول الأمطار 40 يوماً. وكتب علماء آخرون تنبؤات مشابهة، وأضاف إليها أحدهم: ثورات يقوم بها الفلاحون. وتكهَّن العالِم البلجيكي كورنيليس دو شيبر بأن الطوفان سيؤدّي إلى عدد هائل من الوفيات، خصوصاً بين النساء واليهود.

لم يحدث شيءٌ من كل هذا. وسخر الناس من المنجمين عندما مضى ذلك الشهر جافاً بلا أمطار، مع العلم أن بعض حركات التمرد بين الفلاحين، عوَّضت عن الفشل بشيء من الصدقية. غير أن الفشل أساء كثيراً إلى حرفة علماء الفلك. وتعرَّض هؤلاء لحملات شديدة تشكك في طاقاتهم.

ودافع العلماء عن أنفسهم بشدة. وقال بعضهم إن الأخطاء التي وقع فيها بعض الأفراد لا تعني الجماعة كلها. أي أن الفنان السيئ لا يعني أن الفن سيئ كله. وظل «علم الفلك» يدرَّس كعلم من العلوم حتى القرن السابع عشر. لكن على الصعيد الخاص، لا يزال قائماً حتى الآن. وكان اثنان من رؤساء فرنسا، جاك شيراك وفرنسوا ميتران، يستشيران قارئة أبراج طوال وجودهما في قصر الإليزيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطوفان الذي لم يقع الطوفان الذي لم يقع



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 17:42 2023 السبت ,08 إبريل / نيسان

4.9 مليار دولار أرباح أدنوك للغاز في 2022

GMT 23:30 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

«تيك توك» تفرض قيودا على بعض المقاطع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,29 أيار / مايو

حقائق تجهليها عن شهر العسل

GMT 10:29 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إدارة السجون تكشف مستجدات الحالة الوبائية

GMT 00:09 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لعبة Sekiro تفوز بجائزة لعبة السنة على متجر Steam

GMT 10:03 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البدلة الرسمية على طريقة المُصمم العالم توم فورد

GMT 23:34 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أهم مميزات ومواصفات سيارة "BMW X7" الجديدة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib