ألوان الساحات

ألوان الساحات

المغرب اليوم -

ألوان الساحات

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

في غمرة الصخب والغضب في ساحات بيروت وبغداد، خلال الأشهر الأخيرة، برزت ألوان ولوحات الفنانين بجمالها وروعتها، ولو ظهر فيها أحياناً لون الدماء الذي تنفرد به قوات الميليشيات، التي أصبحت رمز السلطة في العالم العربي.

لطالما أحببت الرسم في العراق، واعتبرته متقدماً على العرب الآخرين، لكنني لم أحب أن أراه يوماً في الساحات، يحاول بألوانه الرائعة أن يصارع مجموعات القتلة والقناصين والرعاع. وكنت أحب أيضاً الفن في لبنان، لكنني لم أكن أدري أن عدد الرسامين قد ازداد إلى هذا الحد، وبهذا المستوى. وقد بدت لي ساحات بيروت المحتشدة بالمتظاهرين مثل معرض فني في الهواء الطلق مع أنه يمثّل معالم الثورة والصخب. ومن بين الدماء والرصاص والهراوات في بغداد، كنت تلمح دوماً شيئاً من لوحة رسمها فنان عراقي على عجل وفي شجاعة وخوف معاً.
مشكلة اللوحة السياسية، مثل شعر المناسبات، أنها لا تدوم طويلاً إلا النادر منها. وما إن تمضي المناسبة حتى ويمضي لونها معها، شعراً أو رسماً. قلّة كان الكبار الذين حوّلوا الحدث إلى ملحمة، من المتنبي إلى الجواهري. وما بينهما غاب مئات الشعراء دون حدث. ودخلت لوحات «سياسية» أو وطنية التاريخ، مثل «غورنيكا» بيكاسو عن الحرب الأهلية الإسبانية، لكنني لا أعتقد أن «غورنيكا» أخرى سوف تخرج من ساحات بيروت أو بغداد. وفي أي حال ساحات بيروت أقفرت الآن، فيما لا تزال الميليشيات الصدرية تقنّص المنتفضين في مدن العراق مثل الطيور. ميليشيات لبنان اكتفت - مشكورة - بالهراوات الحديدية، وإحراق الخيم التي تُعقَد فيها الندوات وتُعزَف فيها الموسيقى. وكان ذلك بحماية الجيش وقائد فائق الرقي كثير الخلق ووافر الصدق الوطني، هو العماد جوزف عون.
مثل العراق كان لبنان بلا حكومة، وغارقاً في فوضى سياسية عارمة، لكنّ قائد الجيش أدار لعبة التوازن وحال دون توحّش السياسيين وعسفهم وشهواتهم. لذلك لم تتخضّب الساحات بالدماء كما حدث في العراق. وظلّ اللون الأحمر في اللوحات وعلى الجدران. وهنا أيضاً شوّهت بعض الأيادي جمال بيروت بالكتابات البشعة، ولعلّه أقبح ما حدث للخط العربي الذي كان أجمل لوحاتنا في التاريخ. فقد عوّضت روعة الخطوط ولعبة الألوان عن جمال اللوحة في الغرب. وأصبح الحرف في جمال صورة غابة أو بحر. أيضاً كان أجمله في العراق، وأحبه في الكوفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان الساحات ألوان الساحات



GMT 22:58 2025 الأربعاء ,04 حزيران / يونيو

سباق التسلح الجديد؟

GMT 11:26 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

مستحيلات يمنيّة… بعد ربع قرن على الوحدة

GMT 11:25 2025 الجمعة ,30 أيار / مايو

سر الأردن.. بعد 79 عاما من الاستقلال

GMT 18:02 2025 الجمعة ,23 أيار / مايو

بناهي ينتظر «سعفة» بينوش!

GMT 19:59 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 16:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بورصة مسقط تتراجع 16.3 نقطة وتغلق عند 4273.44 نقطة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib