سنوات يوسف العجاف

سنوات يوسف العجاف

المغرب اليوم -

سنوات يوسف العجاف

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

تقتضي العادة أن ما تكتبه سوسن الأبطح، لا يحذف منه ولا يضاف إليه. لذا أستنجدُ بالاستثناء في محاولة متواضعة، للإفاضة - وليس الإضافة - في ما كتبته يوم الاثنين (10 - 6) عن مذكرات السيدة مها بيرقدار، أرملة الشاعر يوسف الخال، ووالدة النجمين ورد الخال ويوسف.

كان يوسف الخال شاعراً عادياً ورائداً استثنائياً من رواد الحركات الأدبية والتقدمية، أهمها مجلة «شعر» وحركتها. وكانت له طباع الفنانين وعاداتهم مع فارق في الأخلاق الاجتماعية، فلم يكن حسوداً ولا حاقداً ولا ذا نميمة.

جاء من سوريا واستوطن لبنان، يوم كان الأمر واحداً في جيله، وجيل أدونيس، ومحمد الماغوط، ومجموعة «أدباء سعادة» من أعضاء «الحزب السوري القومي»، الذين خسرتهم دمشق بين السجن وأغصان بيروت. ولم يكن الخيار صعباً.

كان يوسف الخال محبوباً ومحترماً ومثقفاً وكريماً. فتح منزله لفقراء الشعر. واشتغل جانبياً في الترجمة والنشر على أرقى مستوى. وقيل إنه في بعض الترجمات تلقى دعماً، أو مساعدة، من «مؤسسة فرانكلين» الأميركية الحكومية، وهو ما حصل في مصر مع عباس محمود العقاد، وقد تعرض كلاهما إلى حملة وطنية شرسة من المترجمين الذين لم يتمكنوا مثلهم من الحصول على عقود.

عندما كان يوسف الخال في عزه، وصلت من سوريا رسامة جذابة تُدعى مها بيرقدار، ويكبرها يوسف بثلاثة عقود. كان الزواج أحد «فنون» يوسف، وإحدى «جراءات» مها. تحدثت بيروت لفترة عن حكاية جديدة. وانتشى يوسف ببطولة الحكاية. وزهت البنت الدمشقية بألوان بيروت.

بعد فترة بدأت الحتميات تفرض حتمياتها. دخلت ريح باردة على المخدع الزوجي من بابه. ودخلت بيروت سنوات الحرب وتشتتها. ثم قرع «الرهيب المذل» على صدر يوسف من رئتيه.

الآن نعرف، من مذكرات الزوجة أن الزواج كان في أكثره بارداً ومملاً. وأن فارق العمر والمنشأ كان قاسياً، وأن يوسف غادر السرير المشترك مبكراً، وظلَّ بعيداً حتى وفاته، منهمكاً في صناعة الجمال من الخيال. أما الواقع، كما سوف ترويه مها في «حكايا العراء المرعب»، فكان جافاً ومريراً. تحت حجة الواقعية، تنتقم الزوجة الشابة من غريبها. وتعلن للأحياء أنها أحبت رجلاً آخر، ولا يزال حبها الوحيد. وتلتقط لنفسها صورة في حماية ولديهما، لكي تؤكد أنهما شاهدان على عذابها وسنوات القهر وغربة السقف الواحد.

هل أخطأ يوسف؟ بلا شك أخطأ. مثل الأكثرية الساحقة من الفنانين والشعراء والخائبين. ومثل العاديين الذين لا تصل حكاياتهم إلى أحد، لكن هل أخطأت مها في الثأر من الرجل الذي لم يدرك أن الزواج ليس قصيدةً ولا نثراً ولا ترجمةً رائعةً تفوق النصوص الكبرى؟ حكاية مراهق ذكي لا ينضج. وامرأة تبحث عن الحب عند رجل كان يستعد للهرب من باب الخروج. دراما مؤثرة وضعت تحت عنوان أدبي رديء.

سامحك الله يا مها. وسامحه، وسامح المراهقين، كباراً ومراهقين. ألم يكن من الأنسب أن تضعي ثأرك في شكل رواية، وألا يكون عنوانها مفاقمة في الثأر؟ تحياتي لك والرحمة عليه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنوات يوسف العجاف سنوات يوسف العجاف



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 00:23 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

خبير يكشف عن أهمية "السبانخ" للمصابين بأزمات الربو

GMT 10:10 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح ثمينة يجب مراعتها في إختيار" أرضيات الحمام"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib