مفكرة القرية

مفكرة القرية

المغرب اليوم -

مفكرة القرية

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

عندما يأتي نيسان (أبريل) يُخيّل إلينا أن الشتاء قد ولّى، ولن يقاطع الربيع غيمٌ أو مطرٌ، غير أنّه هذا العام خدعنا، ونزل علينا بالمفاجآت المتلاحقة مطراً وعواصف رهيبة ورعوداً وبروقاً وغضباً لا يكفّ. أكيد أن نوم الناس قد تقطّع تلك الليلة ودبّ الخوف في الأطفال، وتفشى الذعر في المخيمات الورقية، وخافت البيوت على جدرانها، وبدا الفيضان على الأعتاب، وظنّ الخائفون أن الشتاء يشنّ حرباً جديدة كأنّما لم يكفه ما همر منه، وما زلزل وما توعّد. تلك الليلة تمثّل لي، وأنا في غاية القلق، أجمل وصف لليلة مشابهة كتبه الشاعر بولس سلامة في وصف ما حلّ بقريته التي هي أيضاً قريتي. سوف أنقل هنا مع الاعتذار، الوصف الأكثر بلاغة في أدب القرى:

«في ليلة ليلاء هبّت الرياح، فحملن الغيوم ربداً ثقالاً، فقذفن بالصواعق، وتفتّحت ميازيب الجوّ يهطلن سيولاً جوائح، تقتلع ما لم يتمكن في الأرض من شجر وحجر، وترمي بها ملتقى النهرين في مرج عمّاطور. وطما الغمر، وتدافع التّيار، فتزلزل سدّ مسعود، الذي تظاهر عليه كرّ الليالي وكرّ الماء، فبريا من أسنان صخوره ما قد تشابك فتوثّق، وما اخشوشن فتماسك... واتّسعت الخروق. ولعمري فقد كانت هذه العوامل كافية لتوهينه وصرم روابطه، بدون ما حاجة إلى الجرذان الكبار، التي ابتدعتها مخيلة الجاهلين، وعزت إليها قرض حجارة سدّ مأرب وتفرّق القبائل. أما كلف الجاهليين بالغرائب وأخبار الغيلان فقد كفانا الجاحظ والمعري وأشباههما مؤونة التعليق عليه.

وسمع البرّاكون في الطاحون هديراً يختلع الأفئدة، ومادت بهم الأرض، وانطفأت السّرج والمصابيح، فحسبوا أنّ الله يخسف بهم الغبراء، وأن السماء تساقط عليهم كسفاً، فلاذوا بالفرار. وألجأهم المطر المنهمر، والرياح الزعازع إلى أجمة ملتفّة الزيتون قريبة، وما إن بلغوها حتى وقعت الواقعة وغاب الطاحون والأرجاء، وتبعها السدّ وقواعده، وانفرط المرج كله في بضعة أيام، وزالت التربة الجيدة التي حشدتها الأحقاب فقرضها الطوفان، لم يستمسك إلاّ أقلّها. وأصبح هذا القليل جرفاً هوارياً تشرف على وادٍ يتراوح عمقه بين الخمسين والثلاثين متراً. وقد تكشّف عن رمل وحصى، وظلّ من البساط القديم، فصحّ المثل القائل: اثنان يخاف غدرهما: الدهر والنهر».

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية مفكرة القرية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib