النعاة

النعاة

المغرب اليوم -

النعاة

بقلم - سمير عطا الله

يبدو الكيان اللبناني الذي يعيش مخاضاً لا نهاية له منذ مائة عام، كأنه في «حالة موت معلن»، أو بالأحرى ينعى النظام، وفرقاء ينعون الدولة، ومجموعة أو أكثر تدعو إلى حضور جنازة الوطن. ومنذ أن أعلن الرئيس السابق أن البلد ذاهب إلى جهنم، والجحيم مفتوح الأبواب على مصاريعها. وقد أدلى عون خلال تقلباته السياسية بالكثير من المواقف والتنبؤات والتوصيفات، لم يصحّ أحد منها كما صح التوعد بجهنم.

كان عون قد وعد بأنه سيسلم إلى مَن بعده بلداً أفضل. لكنه ترك بلداً بلا رئيسٍ للجمهورية، وجدّد لحاكم البنك المركزي، الذي تطارده العدالة الدولية في كل مكان، وترك حكومة بلا صلاحيات دستورية، لكنها تمارس كل صلاحيات الحكومات العادية. ورفض أن يتولى القضاء الدولي التحقيق في أسوأ انفجار عرفه لبنان، باعتبار أن الدوليين يعانون من البطء، فاكتشفنا أن المحليين يعانون من الصم والبكم وعمى الألوان.

مَن يقرأ الصحف والمواقع اللبنانية لا يجد فيها سوى زملاء وأساتذة يتحدثون كل يوم عن «الحرب الأهلية القادمة، وعن السلم الأهلي، وعن بقع الدماء التي ستملأ الأرض». يتحدث هؤلاء السادة كأنهم يتحدثون بعضهم مع بعض، وكأن الدماء سوف تتفجر في دولة أخرى.

ويعتقدون صادقين أنهم كلما ضخّموا حجم التهديد والوعيد والضحايا والدماء، ازداد عدد متابعيهم، أو تابعيهم، أو لذة العزف على أوتار الدماء والموت والخراب. والتنافس الوحيد في الصحافة هو حول الشؤم. وإضافةً إلى نعي كل شيء، أصبح دارجاً الآن نعي الوساطات على أنواعها. أو بالأحرى تأنيب الوسطاء الدوليين والسخرية من فشلهم في الجمع بين القبائل. وتنال فرنسا الحصة الكبرى في سباق العقوق وتفاهات التهكّم.

في هذا المناخ بالغ السوء والرداءة، تنعكس على المجتمع نفسه ظواهر كانت غريبة حتى في ذروة الحرب؛ الجريمة تتفاقم، وبعض أنواعها لم نسمع بها من قبل. وأسوأ ما فيها أن القاتل هو دائماً المنتصر، ومغتصب الأطفال هو المحميّ، وأن الضحايا لا يجدون من يستندون إليه، وسط هذا التوحش الجماعي والدفاع عن الجريمة والتباهي بالإجرام. كان لبنان بلداً قائماً على الجمال والانفتاح ومجموعة من قِيم الحياة المشتركة والمصير الواحد. ولم يكن طبعاً بلا علل أو اختلالات. إلا أنه يبدو اليوم وقد فقد حتى الرغبة في الصمود أمام هذه الانهيارات المتتابعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النعاة النعاة



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

امتلك جزيرتك الخاصة في بولينيزيا الفرنسية

GMT 04:20 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

ماسك البقدونس المثلج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib