مشرَّد في إحدى ضواحي لندن

مشرَّد في إحدى ضواحي لندن

المغرب اليوم -

مشرَّد في إحدى ضواحي لندن

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

ظهر كتاب كولن ولسون «اللامنتمي» وآخر العصر الرومانسي في الخمسينات. صادف ذلك بداية عصر الترجمة الثاني في العالم العربي، إذا اعتبرنا أن العصر العباسي كان الأول. تلقفه الحالمون الضائعون في العالم العربي وكأنه كُتب لكل فرد فيهم: لا هو فكر ماركسي كما كان الجاذب يومها، ولا هو فكر عاطفي كالذي راح ينحسر أمام «الموجة الواقعية»، ولا هو فكر وجودي كالذي طرحته باريس بعد الحرب، مع أن ولسون اعتبر نفسه وجودياً. رأى البعض ولسون فيلسوفاً، لكنه في الحقيقة بسَّط الفلسفة. ولقي في شعور الغربة، أو اللاانتماء، قاسماً يربط بين اتجاهات العصر وشخصيات الأبطال المهزومين. وبعد «اللامنتمي» وضع مؤلفات كثيرة، بدت كأنها كلها تقليد فاشل لذلك الكتاب الذي وضعه وهو مشرَّد ينام في عراء حقول ضاحية هامستد. تحول ولسون فيما بعد إلى محاضر في جامعات أميركا ومؤلف متعدد المواضيع، وظل «اللامنتمي» يطبع مرة بعد أخرى، على أنه مؤهل لمرافقة كل جيل.

كثرت الترجمات إلى العربية في تلك المرحلة: «الآداب» يوسف إدريس نقلت أعمال الفرنسيين المعاصرين، أمثال جان بول سارتر وألبير كامو، و«شعر» يوسف الخال نقلت شعراء أميركا وبريطانيا، مثل تي إس إيليوت وعزرا باوند، وأيضاً الفرنسي سان جون بيرس (نوبل). ولكن كل ذلك النتاج الأدبي كان متشابهاً. جميعه كان يتَّجه إلى الحداثة في الشعر وفي النثر، في التأليف وفي النقد. وكذلك في المسرح. ولم يتغير المشهد في العالم الثقافي إلا مع بداية وصول الأدب اللاتيني في السبعينات، عندما أخذت أسماء لم يسمع بها أحد من قبل، تملأ لائحة الأولين في كل اللغات: خورخي لويس بورخيس وغابرييل غارسيا ماركيز وأوكتافيو باز، وسواهم.
امتلأت السوق العربية بالترجمات ولا تزال. ومثل الكتاب العربي نفسه لا تزال الترجمة العربية متعثِّرة. وبسبب وضع الكتاب يلجأ الناشر غالباً إلى مترجم مبتدئ غير متفرغ. في حين كان يتولى ترجمة جورج شحادة في الستينات رجل مثل أدونيس. أو يتولى كبار الأساتذة في الجامعة الأميركية نقل كتب التاريخ التي يدرِّسونها. ومع اتساع حركة الترجمة أخيراً ودعمها من قبل مؤسسات كبرى، ظهرت طبقة من الأكْفاء العالمين بالعربية ومعانيها، وبمعاني وصور الثقافات التي ينقلون عنها.
ربما كان «اللامنتمي» إحدى أكثر الترجمات التي قرأها العرب. لكنه ظل دون أثر فكري أو سياسي. كتاب ممتع وضعه شاب بائس في الرابعة والعشرين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشرَّد في إحدى ضواحي لندن مشرَّد في إحدى ضواحي لندن



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib