طريق الحرير الحوت عملاً فنياً 33

طريق الحرير: الحوت عملاً فنياً (3/3)

المغرب اليوم -

طريق الحرير الحوت عملاً فنياً 33

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

لقد سافرت الموسيقى أيضاً عبر طريق الحرير. فهناك تمثال خزفي جميل بشكل خاص، تظهر فيه عازفة من سلالة «تانغ» الصينية، تجلس وتعزف على العود. ومن المرجح أن هذه القطعة كانت جزءاً من مجموعة موسيقية تمثل ثقافة موسيقية ملكية كانت تدين بكثير من آلاتها الموسيقية - بما في ذلك العود - إلى الواردات من الهند وآسيا الوسطى. وإلى جانب الموسيقى كانت الألعاب: ففي هذا المعرض مجموعة من سبع قطع شطرنج عاجية منحوتة بشكل معقد، تم التنقيب عنها في سمرقند بأوزبكستان. ويعود تاريخها إلى عام 700 بعد الميلاد، أي بعد قرنين تقريباً من اختراع اللعبة في الهند. وما نراه هنا قد يكون دليلاً على رحلة الشطرنج غرباً، من شبه القارة الهندية، عبر آسيا الوسطى والعالم الإسلامي، إلى أوروبا.

وفي إطار التركيز الذي يبديه المعرض على التبادل وليس الصراع، لا يُذكر إلا القليلُ عن الوسائل العنيفة التي انتشرت بها بعض الأفكار عبر القارة الأوراسية، من توسع الإسلام، إلى ترسيخ أوروبا المسيحية. بل ينصب التركيز بدلاً من ذلك على الطريقة التي تدفقت بها الثقافة الإسلامية عبر طرق الحرير: التصاميم الهندسية التي فضَّلها الفنانون الإسلاميون، إلى جانب الجبر، وعلم الفلك، واللغة العربية... وهذا الأخير موجود على طبق تقديم معروض هنا، يحمل البركات والحث على تناول الطعام.

عند الوصول إلى المرحلة الأخيرة من رحلتنا، نمر عبر الإمبراطورية البيزنطية وإيطاليا القوطية الشرقية، حتى نصل إلى دير في شمال إنجلترا البارد. نجد نعشاً مصنوعاً من عظم الحوت، يعكس تصميمه العالم المترابط بشكل وثيق الذي تسعى طرق الحرير إلى الكشف عنه. تُظهر إحدى اللوحات رومولوس وريموس، المؤسسين الأسطوريين لروما. تُظهر لوحة أخرى جيشاً رومانياً يهاجم القدس في عام 70 بعد الميلاد. على لوحة ثالثة، نواجه قصة شمال أوروبا عن ويلاند سميث. يشير نقش النعش إلى رحلات تجري إلى أبعد من ذلك غرباً، أو ربما شمالاً، إلى البحر، لإحياء ذكرى الحوت الذي صُنع من جسده هذا العمل الفني الاستثنائي.

من الممكن، بالطبع، أن نبالغ في إبراز فكرة جذابة آيديولوجياً عن عالم مترابط يمتد إلى الماضي البعيد. فبالنسبة لمعظم اليابانيين في تلك الفترة الطويلة، كانت الصين تمثل إلى حد كبير حدود آفاقهم. كما أن قصة القارة الأوراسية هي قصة الفرص الضائعة، وربما كانت أشهرها الطريقة التي مرّت بها الإمبراطوريتان الصينية والرومانية، في العصر الذي سبق مباشرة العصر الذي يغطيه هذا المعرض، وكأنهما كانتا تمران بجانب بعضهما البعض مثل السفن في الليل. كانت روما والهند تتبادلان السلع والأفكار، ولكن الرومان لم يكن لديهم سوى إحساس خافت بـ«ثينا» البعيدة، وعلى نحو مماثل، كان الصينيون يشعرون بمنطقة في أقصى الغرب أطلقوا عليها اسم «داكين» - (الصين العظيمة).

ومع ذلك، فإن رومانسية هذه الرحلة تجذبك حقاً، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى مفهوم المعرض الذي يقدِّر الجودة والشعور بالمساحة، بدلاً من تعبئة الأشياء، أو تحميل الزوار بالسياق مثل الإبل ذات السنامين مع رزم من الحرير.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق الحرير الحوت عملاً فنياً 33 طريق الحرير الحوت عملاً فنياً 33



GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

GMT 15:52 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

ليبيا... زيارة بولس وحديث السبعين مليار دولار

GMT 15:51 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

من يكتب التاريخ؟

GMT 15:50 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سخونة محلية ..!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib