الكنزة والكوفية

الكنزة والكوفية

المغرب اليوم -

الكنزة والكوفية

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

مساء الأربعاء كنت قد استنفدت كل طاقتي على تحمل مشاهدة توابع الزلزال. لم يعد كارثة عالمية، بل صار ألماً شخصياً وشعوراً مريراً بالكآبة والعجز. وفيما أفتش عن أنباء أخرى، رأيت صورة مطار أورلي خالياً إلا من الأضواء في انتظار هبوط الطائرة البريطانية الرسمية التي تقل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي إلى باريس، للمشاركة في قمة الإليزيه مع المستشار الألماني والرئيس الفرنسي، حول تسليح بلاده.
صارت الحادية عشرة والطائرة لم تصل والمطار ينتظر. كل ما فكرت فيه، وأنا أنتظر أيضاً، بأي ثياب سوف يخرج زيلنسكي المحارب في هذا البرد؟ ألن يغير الكنزة الكاكية والقتالية التي خرج بها على الناس قبل عام على وجه الضبط؟ هل الرمزية مهمة إلى هذا الحد في حياة الشعوب والأمم؟ وأي رمزية أكثر من أن ممثلاً كوميدياً سابقاً كانت مهنته إلى الأمس أن يضحك شعبه، والآن مهمته أن يقوده في أهم حروبه التاريخية؟
غريب هذا العالم، عالمنا، يا مولاي. مهرج وقائد. ممثل كوميدي ويجمع من حوله زعماء أوروبا. وبعيداً عن المسرح والمسلسلات الهزلية، يقاتل أحد أقوى زعماء العالم. ويصمد عاماً كاملاً.
أشعر بنعاس وكآبة ومرارة وأريد الذهاب إلى النوم، لكن الفضول الصحافي أقوى: كيف سيترجل فخامة الرئيس من الطائرة؟ بالبزة الكاكية؟ هل هي قمة «كشافة» و«أشبال» في مخيّم كشفي، أم قمة الخوف من حرب عالمية؟
ذات زمن كانت «كوفية» الرئيس ياسر عرفات تحيّر العالم. كم من الوقت يمضي هذا الرجل في تدبيرها وترتيبها خلال زياراته واستقبالاته؟ إلى أن استقبلني مبكراً ذات يوم. ودخل كاشف الرأس، ووضع الكوفية الشهيرة إلى جانبه. وإذ هي خيطت من الداخل بعقال مقوّى، مثل قبعة توضع وترفع بالسهولة نفسها. ولا بد أن كنزة زيلنسكي التي يقلّد فيها أبو عمار، وكذلك البزّة القتالية، لهما خيوط خاصة تحارب البرد وثلوج أوكرانيا وصقيع باريس.
لم يخفف شيء من الكآبة التي أعاني منها منذ الطفولة. ولم أدرِ ماذا أحمل معي إلى النوم، صور يوم الحشر في سوريا وتركيا، أم صور الممثل الأوكراني قادماً إلى باريس يطلب أسلحة يقاتل بها جيوش روسيا وغضب الروس؟ وفي الحالتين كوابيس ترعب الصدور، وإنسان قاتل ومقتول. وكانت جدتي تكرر على مدى النهار ومدى الحياة دعاء بسيطاً: اللهم إرادتك، لكن لا موت الغريق ولا الحريق ولا «الشنشطة» على الطريق. ما أفظعها طرق العالم هذه الأيام!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكنزة والكوفية الكنزة والكوفية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib