تحت البحر

تحت البحر

المغرب اليوم -

تحت البحر

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان السفر بين لندن وباريس بغير الطائرة يقتضي ركوب القطار، ثم الانتقال إلى الباخرة، أو العبارة البحرية، ثم القطار من جديد. وقد يكون البحر هائجاً، والأكيد أن مشهد الركاب كئيب دائماً. ذلك كان «القنال الإنجليزي» الذي يبقي بريطانيا جزيرة عصيّة على الاحتلال، بينما تخرج هي بأساطيلها حول الكرة لكي تقيم أضخم الإمبراطوريات.

منذ منتصف القرن التاسع عشر، خطر، مرة للفرنسيين، ومرة للبريطانيين، حفر نفق تحت المياه. وأيام نابوليون، تقدم مهندس فرنسي بمشروع لحفر نفق في حجم عربة تجرها الخيول. غير أن الحروب المتواترة كانت تفسد جميع المشاريع. كما كانت تفسد على أمثالي الرحلة بين باريس ولندن من الذين يصابون بدوار البحر وكآبة منظر الركاب.

قبل ثلاثين عاماً، في مثل هذه الأيام، كنت بين الرواد الذين تمتعوا برحلة «الأوروستار» بين لندن وباريس، ثم بالعكس، من دون كآبة «المانش» باسمه الفرنسي. رحلة ساحرة هادئة في القطار تقرأ فيها كتبك وصحفك، أو تمتع النظر بالريف البريطاني والفرنسي. عندما تصل إلى الحدود البحرية تدخل النفق آمناً، وتخرج سالماً والحمد لله، من دون شقاء الدوار وحمل الحقائب بين البرّين والبحرَين.

أخبرت أصدقائي بالتجربة لكن بعضهم ظل متوجساً. وأحدهم قال إنه لن يقدم عليها قبل مرور خمس سنوات من التأكد من أن المياه لن تبتلع من عليها. لكن رحلة «الأوروستار» تحولت إلى نزهة جميلة لملايين المتنقلين بين «مدينتي» تشارلز-ديكنز.

غير أن المخاوف القديمة من أن ربط بريطانيا بالبرّ سوف يفقدها حصانتها كجزيرة كانت في موضعها. فقد ازدادت حركة تسلل المهاجرين البائسين وأعمال التهريب. وعندما عرض بوريس جونسون على مواطنيه فكرة «بريكست» والعودة إلى ثقافة العزلة لم يتوانوا.

باللغة اللبناني، فليصطفلوا الأصدقاء. المغامرون أمثالي كانوا بين الأوائل الذين دخلوا التاريخ على أنهم عبروا أطول نفق تحت البحر في العالم. وقد اعتبر إحدى العجائب السبع في كوكبنا المعاصر. ولم يكن الأصدقاء فقط من تخوفوا من هذه المعجزة التكنولوجية. يومها قالت «التايمز» إن «73 في المائة من البريطانيين يخشون الأوروستار»، خوفاً من عمل إرهابي. أما الشجعان منهم فقالوا إنه سوف يمكنهم من الذهاب إلى باريس للتبضع والعودة في اليوم نفسه، مروراً تحت البحر غير عابئين بدواره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحت البحر تحت البحر



GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

GMT 15:52 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

ليبيا... زيارة بولس وحديث السبعين مليار دولار

GMT 15:51 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

من يكتب التاريخ؟

GMT 15:50 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سخونة محلية ..!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib