تشيكوف في الجحيم الأبيض ساخالين

تشيكوف في الجحيم الأبيض: ساخالين

المغرب اليوم -

تشيكوف في الجحيم الأبيض ساخالين

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لطبيعة الجزيرة السيبيرية وناسها وبيوتها حصة كبيرة من المجهود الوصفي للكاتب. من نهر دويكا إلى وادي ألكسندروفسكي تقوم مدينة كاملة (سلوبودكا) التي تعد مدينة أرستقراطية. نسبة كبيرة من المستوطنين الكبار السن الذين جاءوا إلى ساخالين قبل عام 1880 قد تأقلموا بنجاح مع الأرض هنا واستعملوها. كانت للبلدة سمعة سيئة فيما يخص تهريب الكحول. في البلدة مخفر واحد وأب يعظ في الهواء الطلق عندما يكون الطقس جيداً. والأرصفة في الشوارع خشبية، وتسود في كل مكان النظافة والنظام. ولا توجد برك ماء وأكوام من النفايات. السؤال المطروح هو بأي موارد يعيش السكان في ألكسندروفسك؟ ثمة أمور غامضة كثيرة هنا.

يصف الكاتب سجن المنفيين والسجناء في ألكسندروفسك، حيث تبقى البوابة مفتوحة دائماً، ويرابط حارس على المدخل. جميع أبواب العنابر تبقى مفتوحة على مصراعيها، ويمضي السجناء السياسيون محكوميتهم. يصف تشيكوف بدقة أحوال السجن: جدران غير مطلية، معتمة، تستوعب العنابر بين 70 إلى 170 شخصاً. لا يوجد أي فراش، وينام المساجين على اللوح الخشن.

يتمتع السجناء بنوع من الحرية، فهم بلا قيود أو أغلال، ويمكنهم الخروج من السجن طول النهار والعودة. المراحيض في السجن هي عبارة عن حفرة عادية في فناء السجن. المقاعد موزعة على امتداد الجدار. من المستحيل المحافظة على النظافة في منظومة الزنزانات العمومية في السجون. يسأل الكاتب أحد المساجين: «لماذا أنت وسخ بهذا الشكل؟»، أجاب: «لأن نظافتي ستكون بلا فائدة هنا».

لفتت قرية نوفو منيايلو فسكويه نظر تشيكوف لفقرها، حيث تعمل السجينات والنساء الحرائر في الدعارة مع السجناء لقاء قروش معدودات بسبب ضيق الحال. ثم يصف مستوطنة دوية بالمكان البشع والكريه من جميع النواحي، ولا يمكن أن يعيش فيه بإرادته سوى القديسين أو البشر الفاسدين كلياً.

«وإذا ما ضحك أحد ما في الشارع من دون قصد بصوت عالٍ، لبدا ذلك حاداً وغير طبيعي».

يتعرف تشيكوف على الجيلياكيين، وهم الأهالي الأصليون للجزيرة الذين يقطنون شمال ساخالين. يعيشون عل ضفاف الأنهر في حياة غير مستقرة، ويتنقلون لممارسة الصيد. هم لا ينتمون إلى العنصر المنغولي، أو التونغوسي، بل إلى قبيلة جبارة كانت تسيطر على آسيا كلها. هم اليوم قوم رائعون ونشيطون، وقسمات وجوههم تنم عن التأمل والوداعة والسذاجة. هم في صراع دائم مع الطبيعة. لا يغتسلون أبداً. شعب غير محارب ولا يحب الخصام، ويعيش بسلام مع جيرانه. يبحر الكاتب في سفينة «بايكل» إلى جنوب ساخالين لاستكشاف: «الجنوب هنا مناسب للاستيطان والحياة الهادئة أكثر من الدائرة الشمالية».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشيكوف في الجحيم الأبيض ساخالين تشيكوف في الجحيم الأبيض ساخالين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:50 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

امتلك جزيرتك الخاصة في بولينيزيا الفرنسية

GMT 04:20 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

ماسك البقدونس المثلج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib