تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2

تشيكوف في الجحيم الأبيض: سيبيريا (2)

المغرب اليوم -

تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

العاصفة تؤخر السفر وتعيقه، فالطريق موحلة ونهر إرتيش واسع. يضطر الكاتب إلى المبيت في منزل موجيك (من طبقة دنيا) آخر بسبب رداءة الطقس. هذا الفيضان بمنزلة قصاص! قيل له إن الشعب هنا جاهل وبلا موهبة. لا يجيد عملاً. شعب كئيب. بعد وصوله إلى الجزيرة يتحدث المثقف السجين المنفي الذي يجد نفسه متعاطفاً معه. يناقش مسألة النفي الرهيب بحد ذاته لأنه يستمر مدى الحياة. وهو يرى أن الإعدام في روسيا وأوروبا لم يُلغَ، بل تغيرت صورته (المواطن يموت إلى الأبد). «لدي قناعة أنه بعد 50-100 سنة سينظر إلى عقوبتنا المؤبدة بشيء من الحيرة والارتباك». في حديثه عن المرأة في سيبيريا، يرى الكاتب أنها بلا تلاوين، وباردة، ولا تجيد اختيار الملبس، ولا تغني ولا تضحك. بيوت الدعارة كثيرة، علنية وسرية.

الطريق العمومية السيبيرية هي ربما من أكبر وأحقر الطرق في العالم، يكتشف الكاتب. حذّروه من طريق كوزولوكا الخطرة وضرورة تغيير العربة والأحصنة. عربات البريد تتعرض للكثير من الحوادث، وتتضرر أكثر من غيرها. «إن سعاة البريد في سيبيريا شهداء، يعملون كثيراً ويقارعون الطبيعة. تصل القافلة إلى كوزولوكا الرهيبة، حيث تتأرجح العربات بعنف على الطرقات الوعرة»، ويسهب تشيكوف في وصف الطبيعة والغابات في «تايغا» ذات الأشجار العملاقة والطيور المهاجرة. المكان مهيب وجميل في مدينة نيقولايفسك، ونهر أمور عريض جداً، ونصف البيوت مهجورة «تتطلع إليك النوافذ المعتمة بلا إطارات وكأنها ثقوب العيوب في الجماجم». يتابع سفره على متن سفينة متوسطة الحجم لنقل البريد والجنود والسجناء والمسافرين والحمولات الحكومية. يصف بدقة جغرافية جزيرة ساخالين. فهي أكبر من اليونان بمرتين. ويعيش المنفيون في القسم الشمالي منها. يتجه نحو الساحل في زورق يسحب خلفه عبّارتين فيها سجناء. «لا خلجان هنا والسواحل خطرة». كل شيء في ألكسندروفسكي بُني من خشب. وهي بلدة هادئة يقطنها ثلاثة آلاف نسمة. ينصح الحاكم المحلي تشيكوف «الحياة هنا شاقة ومملة». يجول الكاتب في المدينة فيرى مجموعة من السجناء مكبّلة بالقيود. يحضر حاكم جديد الذي يسمح لتشيكوف بالاطلاع على كل شيء حتى الوثائق، ما عدا التعامل مع السجناء السياسيين.

يقوم تشيكوف بإحصاء للنفوس للسكان القاطنين في الجزيرة، حيث تعار أهمية كبيرة في ساخالين إلى الوضع الاجتماعي للشخص. وتنوعت الإجابات: عامل، جندي، حر، فلاح، «محكوم بالأشغال الشاقة اسمه نابليون. يكتشف الكاتب أن سكان الجزيرة نادراً ما يفصحون عن تاريخ وصولهم. «عام الوصول إلى ساخالين - عام التعاسة الشديدة». وغالباً ما يحكم على المتزوجات بالعيش بعزلة بلا زواج. أما العُزاب والأرامل فيعيشون حياة المتزوجين، ولديهم نصف دزينة أطفال. خلال تجواله في الجزيرة ومقابلة المنفيين يسأل تشيكوف أحدهم: «لِمَ يربط الكلب والديك عندكم بالسلاسل؟» فسمع الجواب: «الجميع عندنا مقيدون بالسلاسل».

إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2 تشيكوف في الجحيم الأبيض سيبيريا 2



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق بفستان زفاف ملكي يعكس أنوثة ناعمة وأناقة خالدة

القاهرة - سعيد الفرماوي

GMT 18:10 2025 الجمعة ,13 حزيران / يونيو

إلهام شاهين توجّه رسالة الى المرأة المؤثّرة
المغرب اليوم - إلهام شاهين توجّه رسالة الى المرأة المؤثّرة

GMT 19:37 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يكرم نزهة بدوان

GMT 13:39 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

إبراهيم البزغودي يوضّح أسباب تراجع نتائج الجيش الملكي

GMT 22:26 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

عرض الموسم الثالث من عروض "مسرح مصر" على "MBC مصر"

GMT 20:17 2017 الثلاثاء ,06 حزيران / يونيو

مجلس النواب يخلد اليوم العالمي للبيئة

GMT 11:36 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توجيهات عاجلة بمحاسبة المقصرين في أزمة أمطار جدة

GMT 01:13 2017 الأحد ,17 أيلول / سبتمبر

نصائح مهمة من مي الجداوي لديكور منازل المصيف

GMT 17:51 2016 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

ما هي الميكانيزمات الدفاعية؟

GMT 00:43 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

هاريز تؤكد أن ترامب يحدر ويسعي لسلطة مطلقة

GMT 02:39 2024 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

إلغاء عقوّبة إيقاف الركراكي

GMT 09:06 2023 الأربعاء ,30 آب / أغسطس

أفكار متنوعة لاختيار ألوان غرف نوم العرسان

GMT 17:15 2023 الخميس ,29 حزيران / يونيو

أفكار لإطلالات كاجوال أنيقة لنهار العيد

GMT 06:32 2023 الأحد ,23 إبريل / نيسان

انقطاع شبه كامل لخدمة الإنترنت في السودان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib