كما كتب الزميلان

كما كتب الزميلان

المغرب اليوم -

كما كتب الزميلان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يدوّن الزميل الكبير جميل مطر هذه الأيام شيئاً من مذكراته «المصري اليوم» حول حياته في مهنتين شقيقتين «الدبلوماسية والصحافة». في الفصل الأخير، يروي حكاية انتقاله «صحافياً دبلوماسياً ناشئاً» من الهند إلى الصين. كانت تلك يومها صين الرئيس ماو تسي تونغ، أو «التشيرمان ماو»، وأيضا «العم الطيب» كما لقبه الأطفال. من أجل الوصول إلى بكين كان عليه أن يذهب أولا إلى هونغ كونغ، حيث يمكنه شراء كل شيء لا يستطيع العثور عليه في الصين الأم. وقد اكتشف عندما ذهب إلى الخياط أنه لا بد أن يترك مقاسه هناك، بحيث يمكن أن يطلب الثياب منه بالبريد، لأن الخياطة في الصين نفسها لم تكن بهذه السهولة. كل شيء كان آنذاك، الزعيم ماو. التعاليم تعاليم ماو، الاقتصاد اقتصاد ماو، التحية تحية ماو. وما عدا ذلك لا شيء ولا أحد.

ذكرني الزميل بصحافي كبير آخر هو البولندي رازيارد كابوشنسكي الذي سافر إلى الصين في تلك المرحلة في ظروف مشابهة تماما.

كان عليه أن يذهب من الهند إلى هونغ كونغ، ومن هونغ كونغ سوف يستقل القطار وينتقل بين عدة محطات طوال ثلاثة أيام. لكن كابوشنسكي كان مدعوما «من الحزب الشيوعي الصيني»، ولذلك وضع في تصرفه مترجم خاص يدعى «الرفيق لي». ولما كان البولندي شيوعيا هو الآخر، فقد كان يعرف أن للرفيق «لي» مهام أخرى غير الترجمة، بينها مراقبة الضيف كيفما تحرك، منها مثلاً أن يترك باب غرفته، أي الرفيق لي، مفتوحاً في مواجهة غرفة الرفيق رازيارد. كلما طرح الصحافي البولندي سؤالاً لمسألة تتعلق بالصين، يحب أن يبدأ جواب الرفيق «لي» بلازمة لا شيء يغيرها على وجه الأرض: «وفقاً لأقوال الزعيم وأفكاره المخلدة»، فإن الجواب هو كما يلي: ثم يأخذ في قراءة مقتطفات من المجلدات التي تتضمن خطب ومقالات «العم الطيب». وفي بعض الأحيان، كابوشنسكي يطرح سؤالا، فيجيب الرفيق لي بأن عليه العودة إلى رؤسائه في هذا الأمر. ولم يجب في أي مرة عن أي سؤال.

غير أن أثمن ما قاله الرفيق «لي» وهو يقدم ضيفه إلى الصين، أنها بلاد السور الذي لا مثيل له. أمضى الصينيون ألفي عام في بنائه، «حيطاً بعد آخر» وانتهوا إلى حائط طوله عشرة آلاف كلم. الخارج، والخوف من الخارج، كان هو دائما الهاجس الكبير، والغريب هو الكائن السيئ النية.

كم تغيرت الصين، السور العظيم، وصين الزميل جميل مطر، وصين البولندي الرائع. إنها اليوم تطلب الانفتاح على العالم أجمع. والرحلات إلى بكين بالطائرة مثل الرحلات إلى أي مدينة أوروبية. وتلك البيوت الصغيرة التي تحدث عنها كابوشنسكي في العاصمة تحولت الآن إلى ناطحات في جميع أنحاء البلاد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كما كتب الزميلان كما كتب الزميلان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 02:45 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

مدرب بكين جوان يوضح الوضع محبط وأكثر سوءا

GMT 03:34 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

نصائح الخبراء لتفادي الشعور بالجوع والكسل

GMT 11:45 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

"مليحة العرب" تطرق أبواب الغناء بـ"غلطة كبيرة"

GMT 20:32 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبو شباب الحسيمة يحتجون مجددا على تأخر صرف مستحقاتهم

GMT 13:07 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المنتخب السوداني يستدعي 6 لاعبين من المريخ

GMT 09:26 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الجيش يكشف عن أهدافه وتعاقداته في مؤتمر صحفي

GMT 15:11 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

Ralph & Russo "للخياطة الراقية لربيع 2019

GMT 04:05 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد عز يشرع في تصوير فيلم "يونس"

GMT 17:46 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إدارة السجون توضّح حقيقة اغتصاب سَجين في "عين السبع1"

GMT 01:30 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة إبراهيم تكشف عن استخدام الفوم لعمل عرائس المولد النبوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib