مدن البقايا
أخر الأخبار

مدن البقايا

المغرب اليوم -

مدن البقايا

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ثمة مشهد لم يعرفه العالم العربي «القديم»، ويكاد يبدو عادياً في أماكن كثيرة الآن: المعوزون ينقبون عن الطعام في بقايا أكياس القمامة. في بيروت كما نراها كل يوم، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات. وفي مدن سورية كثيرة، كما تروي التقارير والأنباء، خصوصاً في الآونة الأخيرة. وفي بلدان أخرى كذلك.

غني عن القول إنه ليس كل من يبحث عن لقمة يعثر عليها، لأن بعض الأكياس لا بقايا فيها. ولا وعد أو أمل ببقية. فالعالم العربي «الجديد»، أي الثوري المناضل، غير الرجعي، لا يعلق أهمية كبرى على أشياء ثانوية كالخبز والأرز. وللمناسبة، فإن الأرز في الكويت يسمى «العيش» لأنه من أسرار الحياة. أما في البلدان الثورية مثل فنزويلا، فالتسمية غير مهمة، لأن النتيجة واحدة، باسم أو بغير اسم.

في العالم العربي «القديم» كانت سوريا تُسمى «غلال روما». وكانت مواسم القمح فيها تطعم فلسطين ولبنان من سهول حوران وحدها.

سجلت إدارة الشرع حتى الآن أكثر من خطوة على طريق استعادة الدولة، لكن بعد كل خطوة يبدو الطريق طويلاً ومعقداً «وغير معبّد»، في لغة وزارة الأشغال. وكم سوف يبدو المشهد الثوري عظيماً غداً عندما تكتشف سوريا تكلفة إعادة الإعمار، ومعها إعمار غزة، ولبنان، وبقية الخرائب الإسرائيلية.

واضح أن الذي سوف يتكفل الإعمار هو الفريق الرجعي، لأن الفريق «الثوري» كان منهمكاً في تحرير فنزويلا بقيادة الزعيم مادورو. وفي دمشق الآن، المعركة في غزة لتحرير الليرة السورية، والليرة اللبنانية تحرر من المصارف اللبنانية. مضت منذ زمن تلك الأيام الرجعية التي كانت فيها الليرة نجمة في سوق الدولار، والإسترليني، ومتفوقة على الفرنك الفرنسي، والليرة الإيطالية. الآن في إمكانك أن تشاهد عدداً كبيراً من صيادي البقايا وهم يرمون الأكياس بغضب لأنها فارغة من طعام العشاء.

لم يخطر في بال أحد منا، أهل العالم العربي «القديم»، أننا سوف نرى في العالم «الجديد» رجالاً يبحثون عن اللقمة في أكياس البلاستيك إلى جانب القطط، دون أن يحاولوا إخفاء وجودهم خوفاً من الشماتة. لقد أصبحت الحياة على البقايا شبه عامة، وكذلك مشهد المدن المطمورة بالقمامة... الفارغة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدن البقايا مدن البقايا



GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

GMT 15:52 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

ليبيا... زيارة بولس وحديث السبعين مليار دولار

GMT 15:51 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

من يكتب التاريخ؟

GMT 15:50 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سخونة محلية ..!

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib