وحدة الساحات

وحدة الساحات

المغرب اليوم -

وحدة الساحات

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يمضي المرء العمر في متابعة أحداث الآخرين. من زمن الراديو إلى زمن المباشر. وأحياناً يرافق تلك الأحداث من مواقعها. يسمع صراخ الناس، ويشاهد هروبهم، ويرى أعمارهم تتدحرج أمامهم على الطرقات. يحزن معهم. وفي داخله يبكي مع أطفالهم. وفي داخله أيضاً يندِّد بظالميهم، وبأسى، لتفاهة الكون.

ومع السنين يتحول بكل ما كتب إلى أدب الأخبار، أو أدب الرسائل، أو سيرة المراسيل. ويعود كل واحد من حيث أتى. وتتتالى البلدان والأحداث والأزمنة، وتتحول التجارب إلى حكايات، وذكريات، وموشحات، وهات اسمعنا رنة العيدان، ويسمع ندامى الحان.

فما أنت إلا غريب وعابر. تعود إلى ديارك ويعود الحدث إلى دياره. ويبحث الحدث عن مكان آخر. وعنوان آخر. وأنت تريد عنواناً، لا رتابة فيه ولا تكرار. وفي غضون ذلك تمضي الوقت في شيء مُسَلٍ شبيه بالكلمات المتقاطعة. مثلاً كيف تترجم تحفة (تي. إس. إليوت) «الأرض اليباب»؟ هل تتركها هكذا على ترجمة بدر شاكر السياب؟ هل تفضل عليها «الأرض الخراب» كما قرأتها اليوم، للمرة الأولى؟ أم تعود إلى ترجمتك الأولى «الأرض الهباء»؟ باعتبارها الأقرب إلى ما كان يقصده تي.إس. إليوت. ما أجمل الدنيا ما دامت بعيدة عنك. اختلف الأمر تماماً الآن. انتقل الحدث من ديار الآخرين إلى ديارك. من أرضهم إلى أرضك. والقتلى ليسوا في جنوب فيتنام، بل في جنوبك.

ومرّ عام على الحرب ليس في جوارك، بل في دارك. وعندما يتساءلون هل تتطور إلى إقليمية أو أكبر، فهم يقصدون المطار الذي تسافر منه وتعود إليه، والميناء الذي قد يغلق هو أيضاً. منذ عام أصبح الخبر بلدك، والمهجرون أصدقاءك، والمهاجرون سائر شعبك. وعندما يتحدثون عن الحرب والهدنة ومساندة غزة، فهذا أنت. وعندما يصار إلى توأمة رفح مع حدود لبنان، فاعلم أن وحدة الساحات قد تمت. ينقصها، كالعادة، «وحدة الأفئدة»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة الساحات وحدة الساحات



GMT 23:56 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

ما كان لازم

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

هل يمكن تجديد العقل المُنتهي؟

GMT 23:54 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

المرأة والكرة... نتنياهو والدولة

GMT 23:53 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

مبادرة عربية أخرى!

GMT 23:51 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الدولة الفلسطينية و«القنبلة النووية» الفرنسية

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الحَوَل سياسي أيضًا

GMT 23:47 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الوطنية والمعارضة وما بينهما

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:24 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

بارما ويشعل الصراع في الدوري الإيطالي

GMT 19:54 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

شركة مياه الشرب تستعرض جهودها لحل مشكلات المحافظة المائية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib