«حزب الله» لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى
الرئيس الأميركي يبدأ جولة دبلوماسية في منطقة الخليج العربي من 13 إلى 16 مايو 2025 تشمل السعودية والإمارات السلطات السورية تعتقل كامل عباس أحد أبرز المتورطين في مجزرة التضامن في دمشق وزارة الصحة الفلسطينية تعلن الحصيلة الإجمالية منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023 بلغت 51,266 شهيدًا و116,991 إصابة الشرطة الإسرائيلية تبحث عن رجل مفقود بعد تعرضه لهجوم سمكة قرش قبالة الساحل إسرائيل تحذف تعزية في وفاة البابا فرنسيس بعد موجة غضب واسع وردود فعل غاضبة من متابعين حول العالم وفاة الفنان المغربي محسن جمال عن 77 عاماً بعد صراع مع المرض الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة تقرر توقيف منافسات البطولة الوطنية في جميع الأقسام بصفة مؤقتة وطارئة الصين تطلق ستة أقمار اصطناعية تجريبية من طراز "شيان 27" إلى الفضاء شاب يخسر أكثر من 2400 دولار بعد تحميل صورة عبر واتساب وزارة الصحة الفلسطينية تعلن عن نقص حاد فى مواد الفحص يحرم مرضى الأورام من التشخيص
أخر الأخبار

«حزب الله» لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى!

المغرب اليوم -

«حزب الله» لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى

هدى الحسيني
بقلم : هدى الحسيني

في يوم 16 مايو (أيار) 1916 جلس في مبنى وزاره الخارجية البريطانية كل من الدبلوماسي الإنجليزي السير مارك سايكس ونظيره الفرنسي جورج بيكو للتوقيع على الاتفاقية الشهيرة، والتي عرفت باسميهما. وجلس خلفهما السفير الفرنسي لدى بلاط سانت جيمس، بول كامبون ووزير الخارجية البريطاني السير أنطوني غراي، الذي رفع كأسه بعد التوقيع وقال: «لنشرب نخب اتفاق لمستقبل المائة عام المقبلة».
الاتفاقية كانت في 3 صفحات وتحتوي على 12 بنداً مع خريطة رُسمت عليها خطوط هندسية مستقيمة هي حدود لكيانات جديدة ستنشأ بعد زوال الإمبراطورية العثمانية وتتقاسم فرنسا وبريطانيا السيطرة عليها. ولم تأخذ التقسيمات في الاعتبار مجاري الأنهار والجبال والتنوع السكاني، فضمت الكيانات جماعات وأعراقاً وطوائف مختلفة لديها الكثير من الصراعات التاريخية والكراهية لبعضها بعضاً. لم يشكل هذا مصدراً للانزعاج لدى دول الاستعمار القديم، بل تمكيناً لسيطرتها بإثارة الخلافات والفتن والتدخل للفصل والسيطرة، وقد استمر هذا حتى بعد أفول القدامى ونشوء دول عظمى جديدة، وأخرى إقليمية تطمح للتوسع والسيطرة باللعب على الصراعات المجتمعية في الكيانات.
ولعل أفضل الأمثلة هو لبنان. فالانقسام في مجتمع البلد الصغير هو طائفي وترسخت الطائفية في دستوره مع أن النصوص تلحظ أنه مؤقت ومرحلي، ولم يكن هناك أي مسعى جدي للخروج من حلقة الطائفية الجهنمية، فاستمر نهج الانتماء إلى الطائفة التي يحصل فيها الفرد المنتمي على الحماية والوظيفة والطبابة والمدرسة عوضاً عن الدولة. والطوائف تستمد قوتها من الخارج في أغلب الأحيان، وهنا تكمن قدرة الدول الخارجية على التدخل في شؤون البلد والسيطرة على القرار السياسي. وقد خبر لبنان العديد من التدخلات منذ الاستقلال والتي تسللت عبر الانقسامات الطائفية، فكان المد الناصري القومي العربي وكان الوجود الفلسطيني المسلح والتدخل السوري الذي تم تشريعه فيما سمي «قوات الردع العربية» وبعدها في مؤتمر الطائف مروراً بالاحتلال الإسرائيلي. إلا أن لبنان اليوم هو في قبضة مشروع إيراني متسلل عبر طائفة، وهو ليس كباقي المشاريع التي لم تمس فكرة لبنان وخصوصيته، هذا المشروع يلغي لبنان كما عرفه العالم منذ إنشائه، وهو يهدم جميع معالم البلد الذي قام على حد أدنى من تعايش الطوائف بالحوار والتوافق على استمرار الكيان كمركز للمال والتعليم والطبابة والتجارة والسياحة. وقد ساهم المشروع الإيراني بشكل كبير بإنهاء هذا المركز، وهو لا ينفي ذلك، بل يتبجح بلسان ذراعه «حزب الله» بأن لبنان الماضي الذي بنظره لم يكن أكثر من نادٍ ليلي وفسق ومجون قد انتهى وأصبح الآن منصة لمقاومة إسرائيل والولايات المتحدة ونصرة مستضعفي العالم. المشروع الإيراني يسعى لتهديم الهيكل وإعادة البناء على أسس هو واضعها وتخضع لإرادته ومصالحه بلا أي منازع، وهذا ما يتكرر أينما سيطرت الدولة الفارسية، فسوريا والعراق واليمن وغزة ليست أفضل حالاً. اللافت في غزة كيف حوّلت طهران جماعة «حماس» إلى نسخة إيرانية، علماً أن الحركة أصدرت الأحد الماضي بياناً «تعقيباً على التصريحات التي صدرت في الأيام الماضية وما أُطلق في ساحتنا الفلسطينية من هتافات ضد دول عربية وخليجية»، قالت فيه: «نتبنى سياسة الانفتاح على مختلف دول وشعوب العالم، وخاصة الشعوب والدول العربية والإسلامية»، التي هي موضع احترامنا وتقديرنا! أمر مضحك وكأن «حماس» فارسية وليست عربية.
على كل، هناك شك كبير بنجاح المشروع الإيراني على المديين المتوسط والطويل لأسباب متعددة ليس أقلها وضع إيران الداخلي المأساوي اقتصادياً واجتماعياً، وإنما أيضاً بسبب كم هائل من النزاعات الدولية التي تواجه النظام الإيراني وكذلك عدم تقبل المجتمعات الأفكار والتصرفات الإيرانية المستكبرة مما سيصعّب من إمكانية نجاح المشروع.
إلا أن لإقدام إيران على العبث بالمجتمعات نتائج لا تقل بإبعادها عن تلك التي حصلت بموجب اتفاقية سايكس بيكو.
من يأمن غدر إيران، تدين الغارات التي يشنها عملاؤها على مطار بغداد، لأن مقتدى الصدر رفض الرضوخ لأوامرها بتشكيل حكومة يكون لجماعاتها حق الحل والربط. وها هي تحاول تمديد تخريبها إلى الأردن باستخدام مهربي المخدرات وتوريط الأردن مع الدول الخليجية، وحسناً فعل الأردن بأن قضى على الكثيرين منهم. تُحرك عملاءها وتنظر إلى الجهة الأخرى، لكن سقوط شبوة خرّب كل مخططاتها. فبعد أن دمرت الدول العربية عبر عملائها، لم يعد أمامها إلا محاولة تدمير دول الخليج والمملكة العربية السعودية بالذات، ورغم النيات الحسنة التي أظهرتها دولة الإمارات العربية المتحدة تجاهها، والتعبير عن رغبتها في حسن الجوار، لم تستطع إيران تقبل هزيمتها بخسارة (الحوثيين) لمأرب، فتحركت عبرهم في محاولة لزعزعة استقرار الإمارات. تريد أن تثبت قدرتها على تفعيل ميليشياتها والجماعات الإرهابية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وتلعب لعبة مزدوجة في فيينا مع الغرب، وحقيقة الأمر - وهنا نفهم لماذا مع كل طلعة شمس يشن حسن نصر الله هجوماً على المملكة العربية السعودية - هي أن السياسة الجديدة التي اعتمدتها المملكة مع قرارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالانفتاح وفتح أبواب المملكة أمام السياح والاستثمارات والانطلاق، أثارت حفيظة حكام إيران، الذين كانوا يراهنون وما زالوا، على أن منطقة الشرق الأوسط لا تتحمل دولتين كبريين، إما إيران أو السعودية. وكان النظام الإيراني يعوّل كثيراً على السياحة، فإذا بالمملكة تجذب السياح من كافة أرجاء العالم غير آبهة بالتهديدات الإيرانية. وكان مصدر إيراني قال لي، إن إيران لن تسمح بأن تنافسها المملكة في مجال السياحة. وهكذا حركت إيران اليمن، لكن في المقابل رغم تكلفة هذه الحرب على شعب اليمن – متى كانت إيران تأبه بحياة الشعوب العربية - وتكلفتها على السعودية، فإن الأخيرة عرفت كيف تستمر ببرنامجها الاقتصادي والمالي والسياحي، وظلت إيران مكبلة بالمقاطعة وكونها دولة إرهابية منبوذة، رغم جعجعة أصوات مسؤوليها وعملائها التي لم تعد تخيف أحداً، إلا بقدر خوف المسؤولين العرب على شعوبهم وإنجازاتهم.
لذلك واحتراماً للصراحة يجب الاعتراف أنه ما دام النظام الإيراني موجوداً، ووكلاؤه من الحوثيين و«حماس» و«حزب الله» والإرهابيين الآخرين موجودين، فلن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط، وعلى العالم أن يتوقع المزيد من التهديدات، غير المكلفة مادياً وبشرياً لإيران، وحتى لو توصلت إلى اتفاق حول النووي الإيراني مع الغرب. هذه هي الواقعية. المطلوب تغيير الأساليب الإيرانية، وهذا لن يحصل، لأن التغيير يعني تغيير النظام، وهذا هو المطلوب إذا كان العالم مهتماً بمصير الشعوب الإيرانية والعربية، وباستقراره. إذ ها هي إيران تحاول إقامة تحالف مع روسيا والصين اللتين ما اتفقتا في تاريخهما، كاتفاقهما في هذه المرحلة.
وعودة إلى دور إيران في لبنان لأنه من ضمن أمور أخرى، إذا نظرنا في مواقف «حزب الله» وأفعاله، نرى كيف أدخل لبنان في مواجهة مباشرة مع الدول العربية المناهضة للنظام الإيراني، وهو ما لم يحصل في تاريخ البلد منذ قيامه، هذا، عدا عن كونه إلغاء للهوية والتاريخ أدى إلى خسارة إحدى دعائم البلد في أوقات الشدة، وعرّض مصالح اللبنانيين الذين يقتاتون من التصدير إلى إخوانهم العرب.
سياسة مواجهة الدول العربية بأوامر الفرس أدت إلى ما سمي مبادرة وزير الخارجية الكويتي الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح الذي طلب موقفاً واضحاً من لبنان الرسمي لمجموعة من الأسئلة ضمن مهلة محددة بيوم الأحد الماضي، وهذا ما جعله إنذاراً أكثر من مبادرة.
وإضافة إلى ذلك استولت إيران عن طريق «حزب الله» على قرار الحرب والسلم اللبناني، وها هو أمينه العام حسن نصر الله يهدد باستعمال السلاح لفرض إرادته ويصرخ غاضباً متوتراً لأداء قاضٍ يقوم بواجبه، ويفقد صوابه لأنه لم يستطع أن «يقبعه» (ما أرقى هذه اللغة) ولا يخفي أنه ملتزم «بتنفيذ رغبات سيده وقائده ومولاه الولي الفقيه»، مما أدى إلى تعالي أصوات في لبنان تنادي بالانفصال عن الدولة الأم حمايةً لما بقي من وجودها ومصالحها وابتعاداً عن ثقافة فارسية لا تنتمي إليها تقوم على القتل والقمع والتطاول على المقامات والاعتداء على المحرمات وترهيب البيئة الشيعية اللبنانية العربية نفسها وحكم الولي الفقيه.
منذ توقيع سايكس بيكو بقي خمسة كيانات هي لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق، وقد وافقت بريطانيا على جعل فلسطين وطناً لليهود وأقيمت إسرائيل وتشرد شعب فلسطين، وأما الكيانات الأخرى فلم تنعم بالاستقرار فتشتعل بين الحين والآخر الخلافات العرقية والدينية والقبلية الموجودة صميماً ومموهة بغطاء آيديولوجي تافه وشعارات كاذبة وتضليل مستمر.
في سبتمبر (أيلول) 2013 نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريراً معمقاً عن مستقبل المنطقة بعد اندلاع أحداث سوريا، وقد رسم التقرير خريطة تظهر تحول 5 دول إلى 14 دويلة بانفصال 9 كيانات عرقية ومذهبية، وظهرت فيما بعد مقالات عدة صادرة عن مراكز أبحاث أميركية عريقة لخصها الباحث الأميركي ستيفن كوك في مجلة «فورين بوليسي» بأن حل الصراعات هو بنشوء كيانات تحمي مكوناتها وتزيل القلق والتطرف والعنف.
قد يشهد العالم العربي في المستقبل القريب نهاية لسايكس بيكو، ولكن البديل يبدو ضبابياً وغير مطمئن، وخاصة أن من يعبث بشؤون الجماعات ضمن الكيانات وتحديداً النظام الإيراني، لا يملك التصور الواضح الواقعي كما كان يملكه السيدان سايكس وبيكو وبموجبه وضعا اتفاقية استمرت لما يزيد على قرن من الزمن.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى «حزب الله» لن يستطيع جعل لبنان إيران أخرى



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:48 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أحدث موديلات الجينز من مجموعة أزياء كروز 2020

GMT 21:16 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الغيرة تفسر أزمات بيريسيتش في إنتر ميلان

GMT 17:15 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

دراسة طبية تكشف دور البذور والمكسرات في حماية القلب

GMT 00:11 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

خلطة التفاح تساعد على سد الشهية وفقدان الوزن

GMT 10:25 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

إيلي صعب يكشف عن مجموعته لربيع وصيف 2018

GMT 01:51 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

الفنانة بشرى تفصح عن سبب ابتعادها عن الفن أخيرًا

GMT 12:22 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

عموتة يفوز بجائزة أفضل مُدرِّب في أفريقيا

GMT 02:40 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

راغب علامة يعلن صعوبة انتقاء الأغنية الأفضل

GMT 14:17 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

قصيدة عشّاق

GMT 06:19 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

لجين عمران تتألّق خلال افتتاح فندق الحبتور في دبي

GMT 14:15 2016 الأربعاء ,30 آذار/ مارس

هجمات بروكسيل و سؤال العنف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib