بوتين تفويض باستكمال الطوفان
إسبانيا تمنح شركة إيرباص إستثناءً لاستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية رغم حظر السلاح بسبب حرب غزة الجيش الصومالي يقضي على أوكار حركة الشباب في شبيلي السفلى ويستعيد مواقع إستراتيجية إحتجاجات حاشدة في الصومال رفضاً لاعتراف إسرائيل بصومالي لاند وتصعيد دبلوماسي في مجلس الأمن البرلمان الإيطالي يقر موازنة 2026 ويمنح الضوء الأخضر النهائي لخطة خفض العجز هزة أرضية بلغت قوتها 4.2 درجة على مقياس ريختر تقع عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل السورية فون دير لاين تؤكد إنضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي ضمانة أساسية للأمن والسلام إعتقالات واسعة في اللاذقية وطرطوس تطال رموزًا أمنية من نظام الأسد بعد أعمال عنف وتحريض طائفي الولايات المتحدة تفرض عقوبات على كيانات في إيران وفنزويلا بسبب الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية تفاؤل بانتعاشة قوية للدولار الكندي في 2026 بدعم تحسن الاقتصاد وتغير مسار الفائدة سرقة 30 مليون يورو في عملية إحترافية تستهدف خزانة أحد البنوك في مدينة جيلسنكيرشن غرب ألمانيا
أخر الأخبار

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

المغرب اليوم -

بوتين تفويض باستكمال الطوفان

غسان شربل
بقلم - غسان شربل

كان ذلك في عام 1952. انفرد البريطاني إيان فليمنغ طويلاً بأوراقه. سكبَ فيها حصيلةَ هواجسِه وبراعتِه بصفته صحافياً وضابط استخبارات. هكذا تبلورت روايته «كازينو رويال». أعلنت الرواية ولادةَ ضابطٍ جاسوس بملامحَ لامعة اسمُه جيمس بوند وهو «العميل السري 007».

جاسوسٌ حادّ الذكاء وسريع البديهة بجسم رياضي جذاب. ولع بالمهمات شبهِ المستحيلة وإدمانِ العيش على حواف الأخطار. أسلوب لا يشبه إلا صاحبَه. قدرة استثنائية على كسر الأقفال وهتك الأسرار. وموهبة خداع لا تخون. سيارات مبهرة صُنعت له. وطريقة مميزة في اختيار الملابس والمقامرة واجتذاب الحسناوات. من دون أن ننسى مسدساً لا يخطئ واستعداداً للقسوة يبلغ حدَّ قتل رؤساء العصابات والعشيقات.

بعد عقد سيحتلُّ البطل الذي اخترعه فليمنغ المخيّلات والشاشات وسيقيم طويلاً فيها. يبحث المواطن العادي عن بطل. يراهن أحياناً على سياسي. ويراهن أحياناً أخرى على شاب يلعب على الشاشة، يردي خصومَه ويعود منتصراً بعد ارتكاب مغامرات كان المشاهد يشتهيها لنفسه. حصدت أفلام جيمس بوند عائدات خيالية، وشاعت شعبيته كما النار في الهشيم.

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 1952، أنجبت سيدةٌ سوفياتية في ليننغراد طفلاً سمَّته فلاديمير. لم يخطر ببالها على الإطلاق أنَّها أنجبت روايةً أشدَّ إثارة من رواية فليمنغ وأنجبت بطلاً أخطرَ من «العميل 007».

اجتذبت شخصية بوند مشاعرَ التلميذ فلاديمير بوتين. أعجب ببراعتِه وشجاعته ورجولته وفحولته والقدرة على السباحة وسط الأشراك. دفعته الحماسة إلى التَّوجه إلى المبنى المقيم في ساحة لوبيانكا في موسكو، الذي يحتضن مقرَّ جهاز «كي جي بي» الذائع الصيت. نصحه موظفٌ صغير هناك بالذهاب إلى الجامعة والعودة بعد التخرج فيها، وهكذا كان.

يتمشَّى في مكتبه. لا شيء يعادل متعةَ الانتصار. أنا لست جو بايدن لتتسلَّى وسائل الإعلام باصطياد هفواتي وزلاتي. ولست دونالد ترمب ليتداولني المحققون. أنا الحقيقة والمحقق الوحيد. ولست سوناك أو ماكرون أو شولتس لأخشى هديرَ المعارضة وعناوين الصحف ومهرجي وسائل التواصل الاجتماعي. لا روسيا تشبه بلدانهم ولا أنا أشبههم. ثم إنَّ الحكم هو الإمساك بالسر. بالخيط المفضي إلى روح الأمة. ومن هناك يأتي التفويض والتكليف لا من صناديق الاقتراع.

تنتابه موجة رقة عابرة. ليت أمّي كانت موجودةً لتنسى التعب القديم. ليت والدي كان حياً اليوم ليشهد تحقّق تلك الجملة العابرة التي أطلقها على سرير المرض. في السنوات الأخيرة من التسعينات أقامَ والداه في المستشفى في سانت بطرسبرغ. كان يستقلّ الطائرةَ أسبوعياً من موسكو لتفقّدهما. قبل شهرين من توليه رئاسة الوزراء في صيف 1999 عرف والده بوصوله. قال للممرضات: «انظرن، لقد وصل رئيسي». كأنَّه كان يقرأ في كتاب المستقبل الذي حُرم من مشاهدته.

لن يحتفل بالفوز. ذروة المتعة أن تتذوّق الانتصار بمفردك. لا يحتاج إلى دعوة ميدفيديف وشويغو. لا تعوزه المدائح. مرَّ بباله يفغيني بريغوجين زعيم «فاغنر». مسكين لم يدرك أن لا مكان لقيصر تحت أجنحة القيصر. قال حزيناً: كنت أظن أنَّه أذكى من نافالني. زاره الغضب قليلاً. أعطيت بريغوجين ما بخل به إيان فليمنغ على جيمس بوند. أعطيته المالَ والسلاحَ وقراصنة المعلومات ومطبخَ التضليل. أعطيته ثقتي وحق تجنيد السجناء والوصول إلى المناجم والمعادن الثمينة. أعطيته إمبراطورية جيمس بوندية لكن اجتذبته الرغبة في الانتحار.

ولنفترض أنَّني أقمت احتفالاً صغيراً، فإنَّ الدعوات ستكون محدودة بالتأكيد. يمكن أن أدعوَ كاترين الثانية لأنَّها استعادت القرمَ ذات يوم. ويمكن أن يشارك بطرس الأكبر الذي كان لا يعترف في قرارة نفسِه بحدود نهائية لروسيا. ولا بأس في دعوة جوزيف ستالين ليتأكد أنَّ روسيا لا تقيم على مائدة الأمم كما الأيتام على مائدة اللئام.

لن أدعوَ أحداً. يكفي أنَّ التاريخَ سيكون حاضراً في مكتبي وسيجلس قبالتي. يبتسم. التاريخ ملحق صحافي بالحاكم الكبير يسجل خطواته ويتجسَّس عليه. التاريخ يشبه بريغوجين تعطيه كل شيء لكنَّه ينقلب عليك. كان التاريخ نادلاً مطيعاً في مكتب ستالين، لكنَّه سمح لاحقاً لخروتشوف بأن ينقضَّ على جثته. سأوصيه أن لا يكرر فعلته وهو يعرف أنَّني لا أمزح.

الغرب ساذج. توهَّمت ميركل أنَّ عائدات الغاز ستدجّن روسيا وتنزع أنيابَها. لم تشم رائحة المواجهة الكبرى المقتربة. روسيا لا تشبه إلا روسيا. شاسعة لكنَّها لا تستيقظ إلا إذا هوجمت أو طوّقت. تحتاج إلى عدو كبير وخطر داهم. أرسلت إلينا أوروبا غزاتها وقساتها. كان اسم الأول نابليون. واسم الثاني هتلر. هذه المرة ذهب الجيش لتأديب القارة العجوز الغدَّارة. في 24 فبراير (شباط) 2022 انطلق «الطوفان الأوكراني».

مسكين الغرب. هذه ليست حرباً على زيلينسكي على رغم قداسةِ التراب الأوكراني في الذاكرة الروسية. إنَّها حرب كبرى على النموذج الذي اغتال الاتحاد السوفياتي وسلبه أملاكَه. نموذج الانحطاط وتفكيك الدول والمجتمعات والعائلة والترويج للمثلية. دحر هذا النموذج من مقتضيات الأمن القومي الروسي. وتستحق المعركة التلويح بالاستعداد الدائم لوجبات نووية محتملة لبث الرعب في الأنظمة التي أدمنت الرفاهَ والاستقرار، وانتزعت لنفسها حقَّ فرضِ نموذجها المتهالك.

ممتع أن ينافسَك في الانتخابات مَن يبايعون سياساتك. أن يترشحوا مع استعداد مسبق للخسارة. وممتع أن تعرفَ نتائج الانتخابات قبل إجرائها. وأن ترجعَ منها بفوز كاسح يعطيك تفويضاً صريحاً لمتابعة الحرب الكبرى ضد الغرب.

عالمان مختلفان. يتساقط الزعماء الغربيون كأوراق الخريف وتزداد روسيا تمسكاً بمنقذها وقائدها. لا يطمئنها إلا القوي وإن ظلم. نظر إلى جليسِه وصارحه. التاريخ ليس مهنة المؤرخين. إنَّهم مجردُ آلات تسجيل. التاريخ يُكتب بحبر المنتصرين.

مخيلته أوسع من مخيلة إيان فليمنغ. ضرباته أبرعُ من ضربات جيمس بوند. وفي روسيا طبَّاخٌ وحيد اسمه القيصر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتين تفويض باستكمال الطوفان بوتين تفويض باستكمال الطوفان



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:07 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو
المغرب اليوم - زيلينسكي ينفي استهداف مقر بوتين وماكرون يكذب موسكو

GMT 22:02 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها
المغرب اليوم - اتفاق أميركي إسرائيلي يمنح حماس مهلة شهرين لتفكيك سلاحها

GMT 22:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي
المغرب اليوم - التحالف يؤكد دخول سفينتين إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي

GMT 13:59 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

انستغرام يطلق تطبيق Reels مخصص للتليفزيون لأول مرة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 15:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

التعليم عن بعد في مؤسسة في سطات بسبب انتشار "كورونا"

GMT 00:41 2016 السبت ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

Ralph&Russo Coutureِ Fall/Winter 2016-2017

GMT 01:36 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نورتون يعرض منزله المميّز المكوّن من 6 غرف نوم للبيع

GMT 15:06 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تألق كيني ومغربي في نصف ماراثون العيون

GMT 00:29 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 08 أغسطس/آب 2025

GMT 18:23 2022 الإثنين ,24 كانون الثاني / يناير

شقيق محمد الريفي يفجرها"هذا الشخص وراء تدهور صحة أخي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib